وتقول هذه الدوائر، أن انشغال القيادات الفلسطينية بمسائل شخصية، وصراعات "مواقعية" من شأنه هدم المشهد السياسي، وتهيئة الأجواء للعديد من الجهات التي تعمل على تصفية القضيية الفلسطينية، ووصفت الدوائر ما تشهده الساحة من تردي بأنه مخجل ومحزن، فكثيرة هي المسائل التي أخذت وقتا ومتابعة وانشغالا أكثر مما تستحق، والحديث فيها وبشأنها أمرا محزنا ومخجلا، ويؤدي في النهاية الى فوضى عارمة، تصل الى حد الانزلاق الى أعمال عنف دموية، سببها هذه الأمور الهامشية والصراعات التي لا لزوم لها، والمنشغلون بها، استفادوا من تكبيرها واستمرار الحديث فيها، ومنذ سنوات، وباتوا يتمتعون بـ "هالة" لا مبرر وداعي لها، ولا يستحقونها، لكنها، غلطة من لم يديروا الأمور بحكمة، فكان التشتت والانحدار قصدا أم عمدا، وتحول الأفرقاء الى أدوات في أيدي قوى في الاقليم وخارجه، ودخلت ميدان الصراع ظاهرة الاستزلام والتسابق في ذلك، وانطلقت ردات الفعل من عقوبات واستبعاد، وتشهير وتحريض.
صراعات داخلية، في الوقت الذي تمر فيه القضية الفلسطينية في أخطر مراحلها، فالتحالفات المعادية تزداد، وعلاقات التنسيق والتعاون بين جهات في الاقليم واسرائيل في تطور ملحوظ ولافت، على حساب القضية الفلسطينية، التي لم تعد من أولويات الأنظمة العربية، وفي ذات الوقت، هذا الانشغال الداخلي المرير بقضايا شخصية، اذا ما تواصل، ولم تتوقف حالة تعاظمه وما يشهده من استقطاب مؤلم، يشير باصبع الاتهام أيضا الى هؤلاء المنشغلين، وبشكل خاص، صناع القرار الذين أخطأوا في معالجة الأمور، ووضعوا المسائل الهامشية في قمة جدول اهتماماتهم، فاختلط الحابل بالنابل ووصلت قضية الشعب الى نقطة الضياع وحافة الانهيار.
وتفيد المصادر، أنه ما كان لهذا الصراع والانشغال والتردي أن يستمر، لو وضعت المسائل في احجامها الصحيحة، والمسؤولية هنا، تقع على من هم في دائرة صنع القرار والتشاور الذين انزلقوا للرد على من أصبحوا في خبر كان، لكن، الاحقاد الشخصية، وربما الافتقار الى بعد النظر، أو حتى المشاركة الخفية في خطة هدم المشهد السياسي، جعلوا ممن هم في خانة "صيد أمس" أعلام وقادة على رؤوس الأشهاد، يستقبلون بحفاوة في العواصم.