رغم مرور خمس سنوات على بدء العدوان على سورية، وحملته المسعورة التي استهدفت مختلف المدن والقرى، لا تزال سورية صامدة، هذا الصمود وضع الغرب وحلفاؤه في حرج شديد، بعد أن غلب صمود الجيش السوري آلتهم العسكرية وأعطى للعالم درساً بتمسكه بوطنه ورفضه للتدخلات الخارجية بكافة أشكالها ، فتحرير الجيش المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش تكتب سطر جديد في تاريخ تضحيات وبطولات رجال الجيش السوري في مواجهة الإرهاب الأسود الذي يحاول أن ينال من شعب سورية واستقرارها بإستهداف المدنيين عن طريق عمليات إرهابية مخطط لها ومنظمة هدفها تدمير وإشاعة الفوضى بجانب إرهاب المواطنين السوريين.
إن سورية هي الجائزة الكبرى التي يريدها الجميع فهناك محاولات لإستهدافها حتى لا تكون قوية، فالكل يريد لها أن تطفو على السطح وأن تكون مقسمة الى دويلات متناقضة، ولهذا السبب وجد دائما أن هناك محاولة لتطويقها، لكن الجيش السوري سف أحلامهم ومشاريعهم ليقضي على أمالهم في إنتصار حليفتهم القاعدة الإهابية لذلك بدأت القوى المتطرفة والمليشيات المسلحة ببث أخبار كاذبة ومزيفة بل وحتى صور مفبركة ليست من سورية أساساً بدأت تنقل أخبار عن إنتصار القاعدة وأعوانها وفرار الجيش وسيطرة الإرهابيين على مناطق مختلفة من سورية، لكن الجيش السوري أخرسهم وسجل إنتصاراً باهراً وملموساً على الإرهابيين ودك حصونهم ودحر فلولهم وسيطر على المدن والقرى التي كانت تحت سيطرتهم، إذ إستطاعت القوات السورية تحقيق تقدم حيوي قلب الموازين في شمال سورية، وسيطرت على تقاطع طرق إستراتيجي في محافظة الرقة التي يحتلها تنظيم داعش، بالإضافة على عدد من الأبنية عند الجبهة الجنوبية لمدينة داريا في غوطة دمشق الغربية، فضلاً عن السيطرة على مفرق الرصافة المثلث الإستراتيجي ومحطة ضخ النفط ومحطة كهرباء الطبقة حيث أصبح على مسافة 4 كم من قرية صفيان التي تبعد 15 كم عن مطار الطبقة العسكري في ريف الرقة الغربي، وفي الاتجاه الآخر قام التنظيم بإخلاء التنظيم عدد من مقراته في منبج ونقلها الى مدينة الباب بعد أن اتخذ اجراءات مماثلة تمثلت بسحب جزء كبير من قواته في الريف الشمالي من عدد كبير من القرى التي كان قد سيطر عليها قبل أسبوعين والذي كانت أولى تداعياته فك الحصار المطبق على مارع كبرى معاقل المجموعات المسلحة هناك.
إستغلت أمريكا وحلفاؤها الإرهاب التي مولته ودعمته ودخلت مناطق عديدة بمساعدة الإرهاب مثل العراق وأفغانستان، لكنها لم تشبع فإزدادت متطلباتها وإزداد تخطيطها لإحتلال باقي دول منطقة الشرق الأوسط فقامو بتحريك آلة الارهاب وهي داعش وأدواتها لكي تتمكن من السيطرة والإحتلال، ولكن دائماً سورية بقيادة جيشها تعبر المستحيل فلم تركع ولم تنحني فتجاوزت الصعاب وعبرت مخطط الأمريكان الغربي وضمرت المخطط التي دفعت أمريكا وأعوانها كل ما لديهم من أموال لكنهم لم ينالوا ما يريدون، وأثبت الجيش السوري أن سورية مهما جاء عليها رياح لا تتأثر بل طول عمرها مهما اشتدت المصائب عليها تخرج منها أقوى وأكثر إصراراً وعزيمة في مواجهة الإرهاب.
الذي يدقق فى مغزى الإلحاح الأمريكى بضرورة إعادة إدماج المعارضة المسلحة ضمن العملية السياسية فى سورية لابد من أن يستخلص من هذا الإلحاح الذي تستخدم فيه واشنطن كل آليات الترغيب والترهيب لتعويض صدمة المفاجأة والذهول مما جرى من صمود الجيش السوري في مواجهة الإرهاب والذى لم يكن فى حسبان أمريكا، وبذلك بدأت بشائر فشل العدوان الغربي الأميركي على سورية تظهر إرتداداتها على داعميها ففي الداخل التركي، فللاسبوع الثاني على التوالي ضرب الارهاب قلب أنقرة بالإضافة إلى الهجمات التي تستهدف المقرات والمراكز الأمنية في تركيا، و في المحصلة ستكون أنقرة الخاسرة الأكبر من تطورات الميدان السوري، في حال تصاعدت التطورات كما هو مخطط لها في المرحلة المقبلة، بعد أن كانت تراهن على أن تكون الرابح الأول في لحظات النشوة السياسية والعسكرية.
في سياق متصل إن عمليّة كسر الإرهاب الّتي بدأت أولى فصولها قبل عدة أيام، ستكون الأصعب على داعش وأخواتها على كلّ المستويات، فهي إمتحان جدّي سيبرهن للعالم حقيقة الشعارات الّتي رفعها قياديو التنظيم منذ سنوات، بدءً من البقاء والتمدّد وعدم تسليم المناطق الواقعة تحت نفوذه، فتحرير مدينة حلب والرقة من قبل الجيش السوري سيكونان بلا شكّ أكبر ضربة يتعرّض لها هذا التنظيم، وإنطلاقاً من ذلك يمكن فهم الإجتماع العسكري الروسي الإيراني السوري، الذي عقد في العاصمة الإيرانية، بالتزامن مع المعلومات التي تحدثت عن أن المعركة المقبلة بعد السيطرة على مدينة الطبقة ستكون في مدينة حلب، بدل التركيز على الدخول إلى الرقة، نظراً إلى أنها ستكون نقطة إلتقاء مجموعة من اللاعبين الإقليميين والدوليين.
مجملاً.....إن سورية عصية على الإنهيار أو السقوط، فسورية ستتجاوز كل ما تمر به فقد تعرضت عبر تاريخها لمحن وأزمات أشد وأصعب مما نحن فيه الآن ، الشعب السوري وحدته هي سر قوته والجيش السوري لا توجد فيه طائفية ولا عنصرية ولا يوجد به خلافات فئوية وهذا هو ما حمي سوريةإ بإختصار شديد يمكنني القول إن معطيات الواقع ولعبة الرهانات الدولية ومصالح الكبار تؤكد ان داعش وأدواتها أصبحوا سرطاناً يهدد العالم، ومكانهم لن يكون في سورية ولا في أي مكان آخر، فالأسابيع والأيام القادمة من شأنها أن تحمل المزيد من التطورات، حيث تبدو أكثر من جبهة مرشحة للتصعيد في ظل الوضع الأمني والعسكري المعقد، والذي يشبه عاصفة ما قبل العاصفة بانتظار كيف سيترجم الجيش السوري وحلفائه تحضيراتهم المنتظرة على أرض الميدان.
*كاتب سياسي
khaym1979@yahoo.com