2024-11-29 11:40 م

حلول "عرجاء" قادمة في ظل استحالة تحقيق مصالحة فلسطينية

2016-06-01
القدس/المنـار/ تحركات سياسية اقليمية ودولية تتعلق بعملية البحث عن حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وهناك طروحات ومبادرات وأفكار وتحضيرات لمؤتمرات أسهمت في تكثيف التحركات واللقاءات بين أطراف عديدة، بعضها مؤثر والبعض الاخر يبحث عن دور في قضية هي الأكثر حساسية وخطورة في المنطقة، ولها تأثيرات كبيرة على مجمل الأوضاع.
وفي ذات الوقت ورغم أن ما يجري يتعلق بقضية فلسطين، الا أن المصالحة في الساحة الفلسطينية لم تنجز وتستمر القطيعة، ولا مؤشرات ايجابية على قرب انهاء هذه القطيعة، فالتحالفات متنافرة، والبرامج متباينة، والذين استغلوا الخلاف والقطيعة ودخوا على خط المصالحة مصالحهم متعارضة ومتضاربة، وهذا يعني أن المرحلة القادمة سوف تشهد صياغة حلول تفرض على الفلسطينيين في ظل الانشغال الداخلي بالانقسام والصراعات الداخلية بين هذا التيار أو ذاك.. وهذا الوضع دفع "المتدخلون" الى التلاقي والبحث ورسم الحلول من خلف ظهر الفلسطينيين وقيادتهم.
التحديات كثيرة والضغوط كبيرة، وتحتاج الى رأب الصدع في الساحة الفلسطينية، وهذا حتى الان لم يحدث، والعجلة السياسية أخذت تدور في غياب فلسطيني كامل عما يجري، ووحدة وطنية محطمة ولا حرص عليها من جانب المتصارعين، وبالتالي، لن نفاجأ بكوارث قادمة وحلول عرجاء آتية، فالانقسام يتعمق، والمصالحة باتت في خبر كان، لأن المصالح الضيقة متحكمة، والانزلاق نحو التحالفات في المنطقة قد حصل ولم يعد القرار الفلسطيني مستقلا.
أما لماذا لم تتحقق المصالحة، فهناك اسباب قوية واضحة تماما، فحركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة، ودفعت بالسلطة بعيدا، دون الخوض في التفاصيل، لا يمكن لها أن تتجه نحو مصالحة حقيقية، تفقدها السيطرة والحكم، فهي فرع وجزء من جماعة الاخوان المسلمين، التي سعت منذ عقود طويلة للفوز بأراضٍ تقيم عليها دولة، وتكون موطىء قدم للجماعة، بحثا عن امتداد لها في المنطقة العربية، والأقرب في ساحة الضفة الغربية، فلا يعقل اذا أن تنخرط الحركة في جهود جدية لانهاء الانقسام، مع الاحتفاظ بالتبريرات والقبول اللفظي، والاستمرار في الحوار الى ما لا نهاية تحت حجج شتى، فما ندعيه، وتقوم به، ويطلقه قادتها من تصريحات "حرص" و "رغبة" هي من أدوات ادارة الانقسام، ومجرد استهلاك محلي وعلاقات عامة، واذا كان الطرف الآخر لا يدرك هذه الحقيقة، يكون غائبا عن الوعي، أو انخراطه في اللعبة نفسها، وبصورة أدق عدم الجدية في التوجه نحو المصالحة، واذا كانت تجرك ذلك حقا، فأمامها، خياران لا ثالث لهما، اما اتخاذ قرارات حازمة في ميادين عدة لانهاء الانقسام، واما القبول بالأمر الواقع، والانكفاء داخل الضفة الغربية، ومواجهة المشاريع السياسية التي تنهال عليها من كل جانب، ولا أمل في الافق أن تتحقق المصالحة، خاصة وأن النسبة الأكبر في داخل التيارين المتصارعين من حيث القيادات غير راغبة في انهاء الانقسام، وبالتالي، التياران المتصارعان لا جرأة لديهما لمصارحة الشعب بالحقائق كاملة.
حركة حماس من جانبها، وبالأحرى جماعة الاخوان، لن تتخلى عن حكم قطاع غزة، فهي ترى في القطاع دولة، مع الأمل والانتظار بتوسيع المساحة نحو مصر، تحققه خططا ومشاريع اقليمية ودولية، في اطار حلول شاملة لأزمات وملفات المنطقة، حيث لم تعد الدول العربية تملك حق الرفض ازاء أي مشروع تطرحه القوى الكبرى، كذلك، حماس دخلت تحت جناح جماعة الاخوان في تحالف مشيخة قطر وتركيا، وهذا التحالف في حكم حماس للقطاع فوزا ومكسبا كبيرين، قابلا للتطوير والتعزيز بامتداد نحو سيناء والضفة، وهذا ما يخطط له التحالف المذكور، وهذا الأمر ينطبق أيضا على السلطة التي لها برامجها الخاصة بها، والجهات التي تشعر بالدفء عند لجوئها اليها، والحقيقة أن السلطة تدرك تماما أن حماس لن تتخلى عن حكم غزة، وبالتالي، المصلحة مستحيلة، وان تغنى بها البعض، أو اجتر الايام الخوالي، لذلك، ما يجري الان من تحركات سياسية اقليمية ودولية تأخذ في الحسبان.
هذا الانقسام الكارثي، والحل الذي تجري صياغته اذا تم تمريره سيقتصر على الضفة الغربية، وسيكون حلا أعرجا، شبه دولة، لا مقدمات لدولة كاملة ذات سيادة، تتبع جهة ما تضمن الأمن لاسرائيل، ولعل استمرار الانقسام في الساحة الفلسطينية، أحد أهم الأسباب التي شجعت على تدخل الغرباء في هذه الساحة والمشاركة في عملية البحث عن حلول للصراع على حساب الفلسطينيين.
وما دام الأمر كذلك، وباستناده الى حقائق عديدة، فان السؤال المطروح، ماذا على السلطة الوطنية أن تفعله لاعادة اللحمة الى جناحي الوطن؟! أمامها اسقاط حكم حماس، وهذا أمر صعب، وله حساسيته وتبعاته، وما تريده حماس هو مصالحة تضمن لها سيطرة أبدية على قطاع غزة، قطعة أرض تتحكم فيها جماعة الاخوان المسلمين، من هنا، السلطة لن تقدم على الخيار الأول لأن تحقيقه مرهون بمشاركة دول أخرى كمصر واسرائيل وغيرهما، لذلك، أمام السلطة أن تصارح شعبها، وتنتهج سياسة قائمة على حقائق لا مجال للطعن فيها، تنحصر في ادارة الضفة الغربية، وان كانت لديها القدرة على اسقاط حماس في غزة، فلماذا هي صابرة وصامتة حتى الان.
أما الحديث عن وساطات مصرية وقطرية وتركية وسعودية واخيرا سويسرية، فهذا "ضحك على الذقون"يزيد المرارة، ويوسع دائرة عدم الثقة بطرفي الصراع في غزة ورام الله، فالحقيقة تقول، أن حماس لن تتخلى عن حكم قطاع غزة، والسلطة حائرة، واعجز من أن تعيد سيطرتها التي فقدتها عن القطاع، فليغلق الطرفان أبواب الحديث عن مصالحة أو مجرد الأمل بتحقيقها.