هذا المطلب مدار بحث منذ فترة طويلة، وهناك مشاركة فلسطينية داخلية في ذلك، ولمناقشة هذا المطلب المطروح من جهات اقليمية، وبايعاز "شللي" داخلي، كانت هناك لقاءات في عواصم عربية ودولية بين قيادات فلسطينية وأجهزة الأمن في هذه الدول، حيث تتعامل العواصم مع الملف الفلسطيني كمسألة أمنية، وفي احدى العواصم العربية وأثناء نقاش المطلب، طرحت إحدى القيادات الفلسطينية، امكانية تعيين رئيس انتقالي ونائب له، وفي عاصمة أخرى، كان هناك طرح بفرض نائب للرئيس تحت ذرائع عديدة، ومع مواصلة نقاش هذه المسألة، زادت حمى التنافس والتصارع والتطلع الى رأس دفة الحكم بين قيادات فلسطينية، التي اضطرت طمعا في تحقيق الهدف الشخصي الى طلب المساندة من أنظمة عربية، معروف عنها علاقاتها الوثيقة مع اسرائيل، وسعيها الدؤوب للامساك بالملف الفلسطيني تحقيقا ووصولا لمصالح شخصية.
هذا التمسك المعيب من جانب شخصيات فلسطينية بالأجندة الخارجية، وتوسلها الدائم على أعتاب أجهزة الأمن في هذه العاصمة أو تلك، وقطعها الوعود لتنفيذ سياسات محددة، وموافقتها على دفع الأثمان المطلوبة، دفع الأنظمة الى تكثيف تدخلها في الشأن الفلسطيني الداخلي بأشكال مختلفة منها، ضخ المال السياسي، وتجنيد الوكلاء والاستزلام، وتغذية التصارع وصولا الى التهديد باشعال الفوضى الدموية.
ما نود قوله هنا، أن الممارسات المذلة المرفوضة لوكلاء الأنظمة، والمتوهمين قدرتهم على قيادة المشهد السياسي الفلسطيني، هي التي فتحت الابواب واسعة أمام تدخل الأنظمة السافر في الساحة الفلسطينية، واسرائيل ليست بعيدة عن ذلك، فالتنسيق الاسرائيلي الأنظماتي مع القيادات المعنية مستمر وغير متوقف، ومحور الاهداف من وراء التحركات التي تشهدها، داخل الساحة وخارجها، هو قلب المشهد السياسي لصالح تسويات لا تحقق أيا من الثوابت الفلسطينية، يتم تمريرها في ظل التصارع والتدخلات وعمليات تشكيل المحاور وبناء الاصطفافات، والانشغال في فوضى الطروحات والمشاريع والمبادرات التي تتهافت وتتدفق على الساحة الفلسطينية، التي تئن تحت انقسام مرير، وخلط مرعب للأوراق، وخيوط سامة ممتدة الى قلب هذه الساحة من الشرق والغرب، كل هذا على مرأى ومسمع من القيادة الفلسطينية التي تلوذ بصمت أهل الكهف، دون معرفة حقيقة اسباب هذا العجز والشلل، في مواجهة ما يحاك، ولو بفضح وكشف ما يدور، فالمصارحة غير واردة بين القيادة وشعبها، وبالتالي، تبنى التفسيرات على التكهنات والاجتهادات.
وكل جهة مدت خيوطها نحو الساحة الفلسطينية بأشكال مختلفة لها ركائزها ومقاولوها، ومرشحها للرئاسة، وبين بعض هذه الجهات تنسيق مصالح وتلاقٍ على هذا المرشح أو ذاك، لكن، التحالفات متغيرة حسب الاثمان والامتثال والقدرة على التجنيد والاستزلام، وقياديون كثيرون في الساحة، يواصلون تحركهم، وشرح مواقفهم بين الأنصار وقواعد الاستقطاب، مع الالتزام الدقيق باللقاءات السرية التي تتم خارج الساحة وداخلها، والتقرب من رئيس المشهد السياسي، وباتوا لا يغيبون كثيرا عن دائرة صنع القرار في تنافس ملموس لا يخفي على أي زائر، وربما بعضهم غير مرحب بهم، لكن، هذه هي أصول اللعبة، اذا، هناك مشاركة داخلية وخارجية لاحداث تغيير في المشهد السياسي، والمجيء بخليفة للرئيس محمود عباس.
واستنادا الى مصادر خاصة مطلعة، فان هناك سياسة في الاقليم، على اغلاق الابواب في وجه الرئيس الفلسطيني، اغلاقا تاما أو مواربة، وهناك أنظمة تعتمد في متابعتها واطلاعها على الشأن الفلسطيني الداخلي على وكلاء ومقاولين، وحديثها مع الرئيس مجاملة لا اكثر، وما يطرح هذه الايام من مبادرات ورؤى وطروحات من بين أهدافها، تغيير المشهد السياسي، بشكل مباشر ومرة واحدة، أو خطوة خطوة، تبدأ بتعيين نائب رئيس، أو الضغط لاصدار مراسيم تصب في الهدف نفسه، لذلك، نسمع في الشارع، المثل القائل: "انها جمعة مشمشية"، أي جني مكاسب قبل فوات الأوان، واستغلال الظرف واللحظة.
هذه المصادر تورد كثيرا من الشواهد والدلائل، ذات المعاني والدلالات التي تؤكد ما ذهبنا اليه، ففي اكثر من عاصمة أمكنة يرتادها الباحثون والمشاركون في لعبة الانقضاض على المشهد السياسي، وقيادات كثيرة تحمل ملفاتها لتضعها على طاولات الأجهزة الأمنية في هذه العاصمة أو تلك، فيها من الاقتراحات والتقارير الكثير، اضافة الى خرائط طرق وأساليب استخدام، والمال السياسي يواصل تدفقه، والتعبئة داخل الوزارات والهيئات والمؤسسات على أشدها، استزلاما وكسب مواقع ونقاط، ومحاولات الاستحواذ على القرارات مستمرة، خاصة لمن لديه "بكايات" والجميع في حالة استنفار على قاعدة "وأعدوا لهم ما استطعتم".. لكن، ليس للخصوم والأعداء، فهؤلاء طرف في اللعبة الخطيرة استجداء وتنسيقا وضرورة.