2024-11-30 02:43 م

الإرهاب ومعركة النفس الأخير في حلب

2016-04-30
شارلي أبي نادر*
لقد تجاوز الإرهابيون مؤخرًا في الشمال السوري وخاصة في مدينة وأرياف حلب الخطوط الحمراء كافة من خلال تصعيدهم العنيف والذي طال الأحياء المدنيَّة في المدينة، حيث يسيطر الجيش العربي السوري وحلفاؤه، وهذا التصعيد الذي حصد المئات من الشهداء والمصابين المدنيين كان لافتا بدمويَّته وبتركيزه على الاحياء السكنية والذي يتَّضح انه يستهدف إسقاط اكبر عدد من الشهداء المدنيين بمعزل عن تأثيره على الوحدات العسكرية المتمركزة في مواجهتهم.

بداية، جاءت كلمة  "إرهابيين" لتعبر عن حقيقة واقعهم ودورهم، فهم وبالكامل عادوا الى المربع الذي هم اصلا فيه، مربع الإرهاب وأنهم لا وجود بينهم لمعتدلين، ولكن رعاتهم أو أسيادهم ومعلميهم بالإرهاب هم الذين ضغطوا لاعتماد البعض منهم كمعتدلين جاهزين للمفاوضات وللتقيد بوقف لعمليات عسكرية أو عدائية أو وقف لإطلاق النار، وذلك بهدف إعطاء هذه المجموعات التي يدعمونها ويؤمِّنون رعايتها ماديًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا صفة الاعتدال لكي يقال عنهم في المحافل الدولية انهم يدعمون ثوارًا ومقاتلين يكافحون في سبيل مطالب محقة وغير ذلك، ولكن الواقع أظهر وأثبت أنهم جميعا إرهابيون لا يختلفون عن "داعش" أو عن "النصرة" بأي شيء، لا بالعقيدة ولا بالأسلوب ولا بطريقة القتال وتنفيذ العمليات الإرهابية أو العمليات الانتحارية والتي تعتبر السلاح الأفعل لدى أغلب تلك المجموعات، والميدان السوري - وخاصة شمالا - شاهد على ذلك.

هذا التصعيد أو الغليان العسكري، والذي يميز حاليًّا معركة هؤلاء الارهابيين في حلب لناحية تنفيذ عمليات مهاجمة متواصلة على اغلب مراكز انتشار الجيش السوري وحلفائه في غرب وشمال غرب المدينة، وفي مواقع الريف الجنوبي الغربي بين خان طومان وجنوب العيس، بالاضافة للجنون اللافت في قصفهم المدنيين،ـ يمكن اعتباره مؤشرا الى ما يلي:

أولًا:

بعد العمليات الأخيرة للجيش السوري وحلفائه في حندرات في الريف الشمالي وضغوطه الجدية، التي بدأت تشكل خطرًا على مواقع الإرهابيين في مخيم حندرات وامتدادًا إلى الجنوب للاقتراب من طريق الكاستيللو، والذي يعتبر منفذهم الوحيد من والى الاحياء الداخلية في المدينة، استنتج هؤلاء بأن إمكانية سيطرة الجيش وحلفائه على الطريق المذكور أصبحت واردة، ولديها نسبة مرتفعة كي تتحقق، ما سيشكل ضربة قاضية وموجعة لمجموعاتهم داخل المدينة الذين سيُحاصَرون فيها، ولذا فإنهم يعملون جاهدين لمحاولة السيطرة على مناطق انتشار الجيش غرب حلب ما بين صلاح الدين وضاحية الاسد، بهدف فتح طريق واسع يربط انتشارهم في داخل المدينة مع ريفها الغربي ما بين خان العسل والمنصورة، وامتدادا الى ريف إدلب الشرقي عبر طريق حلب - إدلب الدولية.

ثانيًا:

يهدف الإرهابيون، ومن خلال تصعيد قصفهم الأحياء السكنية في حلب وتسببهم بسقوط عدد كبير من المدنيين بين شهداء ومصابين، الى توجيه المجتمع الدولي المعني بالأزمة السورية كالروس والاميركيين وبعض دول الاتحاد الاوروبي المصابة بأزمة الإرهاب واللاجئين، للضغط باتجاه إعاقة أو تأخير الجيش السوري وحلفائه الذين يبدو أنهم اتخذوا قرارًا نهائيًّا بإنهاء الحالة الإرهابية الشاذة في مدينة حلب واريافها، وذلك بعد إثباتهم للمجتمع الدولي مؤخرا بان هؤلاء الذين كانوا يُعتبرون في خانة المعتدلين هم بالحقيقة إرهابيون لم يمتثلوا للقرارات التي وافقوا عليها بداية، والتي أجمعت عليها أيضا أغلب تلك الدول وخاصة الداعمة للإرهاب والقاضية بوقف إطلاق النار والعمليات العدائية والذهاب الى جنيف وإجراء مفاوضات جدية وصادقة والبحث عن تسوية سلمية تنهي الحرب والدمار في سوريا.

هذه الفورة العنيفة من قبل الإرهابيين، قصفًا للاحياء السكنية ومحاولاتٍ هجوميةً للسيطرة على مراكز الجيش السوري في احياء غرب المدينة، والتي تميز معركتهم مؤخرًا هي حراك النفس الأخير لهؤلاء قبل إتمام الجيش السوري وحلفائه تحضيراتهم العسكرية والميدانية لتنفيذ مناورة هجومية صاعقة تهدف للإطباق على طريق الكاستيللو ومحاصرة هؤلاء داخل أحياء المدينة، وتهدف أيضا لمتابعة تحرير واستكمال السيطرة على باقي المواقع في الريف الشمالي ما بين المدينة جنوبًا وخط باشكوي – نبل والزهراء شمالًا،  والتي فيما لو اكتملت وتكللت بالنجاح سوف تعطي الجيش السوري وحلفاءه إنجازًا رئيسيا على طريق استعادة السيطرة على كامل محافظة حلب مدينة وأريافًا، وبالتالي على طريق استعادة السيطرة على كامل الشمال السوري.

* عميد متقاعد