"ملهاة" حل الدولتين التي طرحها بوش الابن لم تعد قائمة، وكانت "طعما" التفافيا، نجح في تحقيق الغرض الذي من أجله طرحها الرئيس الامريكي في عهد اريئيل شارون، ولا داعي هنا، أو الآن في ذكر الحيثيات وشرح التفاصيل وفك الرموز وتشريح الأغراض الخبيثة التي تمت ترجمتها.
لقد بات الحديث عن حل الدولتين يثير السخرية والاستغراب، فهذا الحل لم يعد موجودا، ولا يكن تطبيقه على أرض الواقع، في ضوء عمليات الاستيطان والتهويد المستمرة في الأرض الفلسطينية، ويبدو أن القيادة تدرك ذلك، لكنها، وجدت في هذه الملهاة طريق هروب وعدم تحمل مسؤولية، وقامت بتفصيل طرح فرنسي على مقاسها، وأرفقته مع ملهاة حل الدولتين، وانطلق مسؤولون تباعا يطلقون التصريحات التي تبدا بـ "اذا" و "يجب" مع اجترار لحل الدولتين، وتحويل المبادرة الفرنسية غير الموجودة أصلا الى مؤتمر دولي، وفي كل لقاء أو اجتماع وتحرك داخل الساحة وخارجه، تتعالى الأصوات: "انقذونا بحل الدولتين، وعقد مؤتمر دولي للسلام" وكلاهما غير موجودين، ولا مطروحين، في "ملهاة" اتت تصدع الرؤوس وتثير الاشمئزاز ، الى درجة، يصف البعض هذا الاجترار وهذه المناداة، بالتضليل، والعجز عن البحث عن طروحات ومبادرات أخرى.
كل القيادات الفلسطينية وأصحاب القرار تحديدا وبشكل خاص يتجولون عبر الشوارع الالتفافية، ويشاهدون حجم الاستيطان والتهويد المستمر بشكل يومي وبازدياد، فعمليات البناء الاستيطانية تتكثف بصورة مرعبة ومذهلة، فهل، بقي حل اسمه حل الدولتين، هذه القيادات يفترض فيها أنها كونت صورة عن الحجم الاستيطاني الذي يتربع على الارض الفلسطينية، وعندها، اذا ما فعلت ذلك، واذا كانت صادقة فعلا، سوف تتوقف عن المطالبة بحل الدولتين، وتلقي جانبا هذه الملهاة التضليلية.
ساحة الضفة الغربية، هي مجرد جزء متناثرة، ولا تواصل بين محافظاتها، والقيادة الفلسطينية تدرك ذلك تماما، فهل من المنطق في ظل ما يجري على الأرض الحديث عن حل الدولتين؟! والقيادة نفسها، تدرك تماما، أن هناك حديثا في كواليس عواصم اقليمية ودولية، عن الحاق محافظات الضفة بالاردن تحت تسمية الكونفدرالية.. وما هو مطلوب اليوم هو الجرأة في طرح الحقائق، والدقة في اتخاذ المواقف، والسعي الصادق الجاد من اجل طرح جديد، يحفظ الحقوق، دون الاستمرار في ملهاة حل الدولتين، لنجد أنفسنا يوما، نطالب بدولة بدون أرض.