متغيرات متتابعة ومتتالية على الساحة السورية تثبت حالة إصرار السوريين على إستعادة دورهم التاريخي للتوجه نحو مستقبل أفضل، إذ مثلت إستعادة الجيش العربى السوري لمدينة تدمر الأثرية أكبر نصر عسكري لدمشق حيث فقد داعش أكثر من 400 من مقاتليه، وهو ما يعد تحولاً هاماً في دفة الحرب فى سورية منذ أكثر من خمس سنوات، وعلى صعيد آخر فقد أشار وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى إلى أن حلم داعش بقيام "دولة الخلافة" فى الشرق الأوسط "يتحطم أمام عينيه"، وأوضح أن لجوء داعش إلى مهاجمة أهداف خارج الشرق الأوسط سببه تحطم حلمه بإنشاء دولته مؤكداً أن التنظيم يفقد الأراضي، ويهرب مقاتلوه من سورية، والآن... بات مصير داعش محل تساؤل من جديد: هل دخلت داعش مرحلتها الأخيرة في سورية؟.
إن تحرير تدمر يعتبر بداية التحول الحقيقي على الأرض لتفتيت المناطق التى يسيطر عليها داعش وتحويلها إلى جيوب تسهل محاصرتها وتضييق الخناق والقضاء عليها بشكل كامل، هذا ما يمثل خطوة هامة فى طريق القضاء على داعش وخلافته فى سورية والمنطقة، من خلال السيطرة على مفترق الطرق والمواصلات الهامة وسط بادية الشام، مما يتيح للجيش السوري وحلفاؤه التقدم شمالاً باتجاه مدينة الرقة، أهم معاقل داعش في سورية، كما يفتح الطريق أمام التقدم إلى دير الزور شمالاً، وإلى الغوطة الشرقية لريف دمشق، وريفي السويداء ودرعا جنوباً، فضلاً عن عزل داعش والقوى المتطرفة الأخرى عن أرياف حمص وحماة غرباً، والحدود العراقية شرقاً.
ومن الواضح أن محاولة داعش الهجوم الفاشلة على مطار دير الزور العسكري كانت في سبيل احتواء الصدمة الأخيرة التي تعرض لها تنظيم داعش عقب هزيمته المذلة في مدينة تدمر، كما ان التنظيم ابلغ عناصره بتعليمات مشددة بضرورة الاعتماد على الدراجات النارية وسيارات الشحن الصغيرة والمتوسطة خلال تنقلاتهم، اضافة الى الاستعانة بسيارات الأجرة للاحتماء من شدة الضربات الجوية السورية الروسية، بالإضافة الى أن هناك أنباء مؤكدة عن هروب المئات من عناصره وتخليهم عن التنظيم، أو يعمد البعض منهم الى إطلاق عيارات نارية على أجسادهم للتمتع بإجازات طويلة للهرب من مواجهة الجيش السوري الذي إرتفعت معنوياته ووتيرته بنحو ينذر بوجود اخطار محدقة بمصير ومستقبل داعش، وبذلك بدأت تظهر الحقيقة للعيان بأن داعش وحدها لم تكن تستطيع أن تحقق أي تقدم أو أي إنتصار لو لم تتحالف معها قوى أخرى عديدة، ومن ناحية أخرى يستعد الجيش السوري وحلفاؤه لدخول كافة الأماكن التي تطلق منها النيران ليقوم بعملية تمشيط واسعة لتطهير كل شبر من سورية من جيوب المليشيات والقوى المتطرفة التي تحاول بث الذعر في قلوب المدنيين عبر تنفيذ مجازر وتفجيرات في كل مكان تكون فيه.
وفي إطار ذلك عهد الرئيس الأسد وجيشه، بـ"نصر نهائي" على الجماعات المتشددة في سورية، وذلك بعد نجاح القوات السورية في إلحاق هزيمة قاسية بداعش في مدينة تدمر والمناطق المجاورة، التي شهدت شوارعها إحتفالات شعبية، وفي لقاء صحفي، قال الأسد إن "الإنتصارات التي تشهدها سورية نتيجة الصبر من الشعب ومن المقاتلين في الجيش ".فالمحاولات الخائبة التي قام بها الأعداء لم تنجح في ثني الجيش السوري عن أداء واجباته لغاية تحرير آخر شبر من أرض سورية، فالمشهد الذي تشهده دول المنطقة تؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن المشروع الغربي يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق.
وأختم بالقول....حقاً سورية تنتصر على الجراح والتخلّف، كما تنتصر على المشاريع التي تحاول عبثاً النهش في جسد الوطن، وبعد هذا الانتصار أمام سورية وأبطالها مهام كبيرة أكبر من معركة الدفاع والتحرير، مهمة إعادة الحياة الى كل المناطق السورية كما كانت، مهمة إعادة الاعمار والبناء، لن تبنى سورية وتعود كما كانت إلا اذا توفر الأمن والاستقرار وتوفير الامن والاستقرار لن يتحقق على الأرض إلا من خلال وجود إصطفاف وطني شامل.
Khaym1979@yahoo.com