ما نراه اليوم، هو تسديد فواتير وتصفية حسابات بين جهات عليا، على حساب حقوق المعلمين ومطالبهم العادلة.. هناك "عناد" من جانب الحكومة وتحديدا رئيسها رامي الحمدالله، الذي على ما يبدو دخل لعبة تصفية الحسابات، بل وبات الطرف المركزي فيها، حيث "طموحاته" لا سقف لها، ما دامت صوره راحت تنتشر على الجدران وأعمدة الهاتف والكهرباء الى جانب الرئيس الخالد ياسر عرفات والرئيس محمود عباس؟!!! واذا كان رئيس الوزراء غير قادر على حل اضراب المعلمين وتسوية الأمر، بما يحفظ حقوقهم، فليقدم استقالته، مع أن كل الدلائل تشير الى أن من يستشيرهم، ينصحونه بضرب عرض الحائط للمعلمين ومسيرتهم التعلمية، وذلك، لأهداف أخرى، لا داعي لذكرها والتعرض لها الآن.. وما دام الأمر كذلك، فليطلب الرئيس ـ والحكومة حكومته ـ أن يقدم استقالته، فالاداء الحكومي سيء، ويثير النقمة، وما نخشاه هنا، ونحذر منه، هو أن استمرار الحمدالله في عناده، سيؤدي حتما الى انهيار النظام السياسي كله، وهذا لا نريده ولا نتمناه خاصة وأن هناك قوى محلية وخارجية واسرائيل معها، تعمل على اسقاط هذا النظام وسط فوضى قد تكون دموية.
يقول مناصرو الرافضين لتلبية مطالب المعلمين العادلة، ان استمرار الاضراب، من شأنه منح فرصى لتسلل بعض الجهات لقلب المشهد السياسي، لذلك، هم يتهمون افتراء المعلمين بتسييس الاضراب، وهذا ليس سليما البتة، فجهات وقيادات في الحكم ومؤسساته هم أول من سعوا لتسييس الاضراب، وهم، الذين استغلوا الأزمة، وراحوا يبحثون عن حجم الاستفادة الشخصية منها، وبصورة أوضح، من هم في الحكم بدأوا منذ اليوم الأول للاضراب العمل على اسقاط حكومة الحمداله، ورئيس الوزراء واجه الأمر بمزيد من العناد، وبرفض لمطالب المعلمين تحديا لمن يريدون اسقاطه ودفعه الى الاستقالة، ومن هنا، قد يكون البعض قد تسلل الى صفوف المضربين، لكن، قيادات في الحكم، هي من خطت الخطوة الأولى للتسييس، واستغلال معاناة المعلمين، وبالتالي، الآخرون شمروا عن أذرعهم لدخول الميدان، وكل هذا على حساب المعلمين، والمتدخلون، غير مكترثين للعملية التعليمية، وما داموا يواصلون التدخل والتسلل، ويعملون لمصالحهم الشخصية، لن تكون العملية التعليمية في اهتماماتهم.. خاصة، وأن أبناءهم ينتظمون في المدارس الخاصة ذات الأقساط العالية، وبعضهم يدرسون خارج البلاد في عواصم الاقليم وخارجه.
أمام هذا الموقف.. تصفية الحسابات وتسديد الفواتير، وعناد الحمدالله، وتجاهله للمعلمين، وقوى التأثير ورغبات صناع القرار، فان العملية التعليمية دخلت دائرة الخطر الجدي، وكل ما ذكرنا هم يتحملون المسؤولية كاملة وهذا لا يعني، أن يتنازل المعلمون عن حقوقهم، والعودة الى مدارسهم، وانما الاصرار على مطالبهم، وفضح تحركات البعض من خارج صفوفهم، وحشر الحكومة ورئيسها في الزاوية، فلا يعقل أن تتهاوى العملية التعليمية، ورئيس الوزراء يتفرج على ذلك، غير آبة ومكترث بما يدور، ولا يكلف نفسه بالخروج من مكتبه لمخاطبة حشود المعلمين، الذين يهانون على حواجز أجهزته الأمنية.
وفي هذا السياق، ونظرا لخطورة الأوضاع وما قد يترتب عليها من تداعيات ونتائج سلبية، فاننا نحذر من احتمال سقوط النظام السياسي بالكامل في حال استمر عناد رئيس الوزراء، واستمرت سلبية الاداء، فالأخطار المحدقة بالساحة الفلسطينية وبالمشهد السياسي تتعاظم، وباتت التربة خصبة لنجاح قوى متربصة في اشعال الفوضى وهدم النظام السياسي.
ان تلبية مطالب المعلمين، لا تكلف الخزينة كثيرا كما يدعي الحمدالله، وآخرون، وهي في مجملها لا تتعدى الخمسة عشر مليون دولار في العام، يمكن توفيرها من قسائم البنزين الممنوحة لكل ما هب ودب.
وتأسيسا على ذلك، فان هذه الأزمة المتصاعدة، لن يأت بها، الى سكة الحل، الا قرار صادر من رئيس الدولة، بتلبية مطالب المعلمين، منعا للانزلاق باتجاه المحظور، والتسبب في حدوث كارثة، لن يكون أحدى بمنأى عنها، داخل الحكم أو خارجه في الشارع الفلسطيني، مع الأخذ بعين الاعتبار لعبة تسديد الفواتير وتصفية الحسابات الجهنمية، التي يمتهنها البعض، كذلك، فان كل المؤشرات والدلائل تؤكد أن رئيس الوزراء، لا سقف لأطماعه وطموحاته، معتقدا أن بعناده سيحقق ما يريد.