2024-11-30 12:47 م

المقاومة وسلاح البندقية والكلمة والموقف..

2016-03-08
بقلم: د. طراد حمادة
منذ تأسيسه، يمتلك حزب الله، أسلحة عدة في ساحة المقاومة؛ تجمع سلاح البندقية إلى سلاح الكلمة وسلاح الموقف، وكان يستخدم هذه الأسلحة في ميدان المقاومة بطريقة تكتيكية رائعة ينسف فيها كل سلاح مع الآخر، وتضع السيف في موقع السيف والندى في موقع الندى. وكانت مقاومته باسلة في جهات المقاومة على تعددها. الكلمة تجادل الكلمة، والموقف يقابل الموقف، والبندقية تواجه البندقية. وإذا كانت الحرب، تغلب في مظاهرها سلاح البندقية على الأسلحة الأخرى فإنها من أسبابها إلى النتائج، تندرج في الكلمة الطيبة الحكيمة والموقف الشجاع الصادق، ولعلنا نستذكر ما قيل: أشجع المواقف كلمة حق في وجه سلطان جائر.


معروف عند علماء المسلمين أن الجهاد في سبيل الله يجمع الأشكال الآنفة الذكر، وأنه في بعض الأوضاع يكون سلاح محدد أمضى من السلاح الآخر، وأجره عند رب العالمين أعلى وأوفى، ولعلّ هذا ما عناه سيد المقاومة في خطابه الفصل الثاني من آذار 2016 وذكر فيه، بآثار خطابه الذي تناول بالكلمة الحكيمة الصادقة والموقف الشجاع الفاعل، العدوان السعودي على اليمن السعيد. والموقف هنا مستفاد من القيام بالفعل وأنت واقف بين يدي الله سبحانه.


إن كل ناظر بعين العقل إلى سياسات العائلة الحاكمة في السعودية يدرك أنها تخشى من سلاح الموقف والكلمة خشيتها من الأسلحة النارية بل وأكثر. لأنها ولأسباب عدّة لم تتعرض هذه الدولة إلى عدوان خارجي منذ نشأتها، وكانت على الدوام تناصب الآخرين العداء، وتسعى لنشر الحرب والخراب في ديارهم لا يردعها وازع من ضمير أو حرمة لجار وشقيق، فعلت ذلك مع بداية هذا القرن، في العراق، وسوريا والبحرين واليمن، ومصر، ولبنان ولا تزال.

ربما يعترض مخالف أن لبنان لم يشهد من السعودية إلا الدعم والتأييد، ولم ينل منها إلاّ المساعدة والتضامن، لكن النظر إلى حقيقة المواقف السياسية السعودية في لبنان يعرف أنها كانت ترفق السم مع الدسم تقدم المساعدة المالية، وتصبو إلى السيطرة السياسية، تقلب اللبنانيين على اللبنانيين، وتستر مواقفها بغلاف رقيق من الحرص على وحدة الشعب اللبناني، وحتى تنكشف هذا الموقف على حقيقته يكفي مراجعة السياسات السعودية من لبنان في المسائل التالية:


1-  موقف السعودية من المقاومة اللبنانية ضدّ العدو الصهيوني، في مراحلها المختلفة، المقاومة اللبنانية – الفلسطينية المشتركة، المقاومة الوطنية اللبنانية، والمقاومة الإسلامية اللبنانية. لا يجد الناظر في مراحل السياسة السعودية حيال لبنان، موقفاً إيجابياً واحداً من "المقاومات" اللبنانية للعدو الصهيوني. وتوجت مواقفها هذه، في حرب تموز 2006، وهذا الموقف لا يزال في تأوجه حتى الفترة الراهنة.


2-  موقف السعودية من العلاقات السورية – اللبنانيّة. وكذلك من العلاقات اللبنانية – الفلسطينية كان دائماً يحرض ضدّ مصالح هذه العلاقات دون النظر إلى الحوار الجغرافي اللبناني – السوري واللبناني مع الفلسطينيين، كما هو الأمر بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك لم تهتم السعودية في اعتبار هذه العلاقات جزء أساسي من وحدة الجبهة العربية في حركة الصراع العربي – الصهيوني، ولم تهتم على الإطلاق، في المآسي والآلام التي يسببها الشقاق اللبناني الفلسطيني واللبناني – السوري وما يولد من خسائر وآلام أكثر من أن تحصى.


3-  بصرف النظر عن موقف السعودية من المسلمين الشيعة، لكنها لم تنظر بعين الاعتبار للخصوصية الوطنية اللبنانية للعلاقة بين المسلمين السنة والشيعة في لبنان حتى ظهر للعيان، أن كل من السنة والشيعة في لبنان، وبحمد الله، متنبهين إلى طبيعة وخصوصية علاقاتهم، بصرف النظر عن المواقف السعودية التي كانت دائماً تزرع بذور الشقاق بين السنة والشيعة، وتدفع فيها لفصل مراحلها الخطيرة في لبنان...


4-  من المعروف أن السعودية شاركت في الإشراف على اتفاقية الطائف، ولكنها لم تصاحب هذه الاتفاقية بعين الرعاية في مراحل تطبيقها، بل شجعت على تفسيرها بما يفجر الاتفاق نفسه، بدل أن تجعل منه اتفاقاً قابلاً للنمو والحياة، وتجاوز المشكلات.


تمارس السياسة السعودية سياسة التفرقة وبث الضغائن بين الشيعة والسنة، وبين الدول الإسلامية على اختلافها، كما تستخدم موقعها ومقدراتها المالية والإعلامية، والدينية، لبث أفكار الوهابية المدمرة للمذاهب الإسلامية السنية المعتبرة قبل فرق الشيعة الأخرى ولعلها الدولة العربية الوحيدة، التي تجرأت وشنت حربها العدوانية على اليمن، العربي والمسلم، إذ كيف تكون العروبة بلا يمن، والإسلام، في حواضره الأولى، وقواها البشرية الأولى، بلا اليمن. هذا بالإضافة إلى إشاعة البغضاء ضد الشعوب الإسلامية الأخرى، لأنه هل تعرف كيف يفكر المسلم التركي، والباكستاني، والماليزي وتفكر الشعوب الإسلامية من غير العرب، عندما تعادي السعودية الشعب الإيراني بصفته الإثنية وتتحدث عن الفرس المجوس وغير ذلك مما لا يقره عقل ولا دين ولا أخلاق وضعية.


هذه الدولة التي تحكمها عائلة مستبدة، مفسدة، في البلاد ومؤذية للعباد تخاف من المواقف الحكيمة والشجاعة التي واجهها من خلالها أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله. تخشى سلاح الموقف والكلمة، لأن سلاح البندقية لدى المقاومة، لم يختبر في الساحة السعودية حتى تخشاه. وهي تمارس حروبها العدوانية من حولها. لكن كلمة صادقة وموقفاً شجاعاً يجعلها ترتجف من الخوف وتخبط في سياستها خبط عشواء.


ترى ما الذي توعدنا فيه المقاومة وهي تملك كل أسلحة التسيف والكلمة والموقف...
في كشف الحقيقة وإعلانها على الناس حيث لا يبقى ستر يغطي العدوان والهيمنة والاستعلاء والاستغلال والانحراف والإرهاب والضلال.

إن سلاح الموقف والكلمة كشف الغطاء عن السعودية وجعلنا نعرف ببصيرتنا حقيقتها. ونحن من أهل الانتظار.
المصدر: "العهد" الاخباري