هذا هو حال ميدان التنافس، ومنذ فترة قصيرة، دخل المتصارعون مرحلة جديدة، في اطار البحث عن أدوات وأشكال للصراع، من أوراق وملفات ووثائق، تم جمعها عبر وسطاء ومخبرين، و "عسس"، من البنوك والوزارات والهيئات وأمناء السر و "المندسين" هنا، وهناك، ومن اولئك الذين يحتفظ بعض المتصارعين بأسرار لهم، للتهديد والابتزاز تنشيطا لعملية جمع المعلومات، ونشرا للغسيل من كل الماركات والالوان والخيوط. انها مرحلة نشر الشائعات واخراج وفتح الملفات والوثائق، واحراج وفتح الملفات والوثائق، الكل يجمع، والجميع سيدخلون في صدام واسع ومن نوع جديد، هذه الشلة تتهم تلك، والأخرى تفتح النار، وربما طرف ثالث سيقذف المتصارعون جميعهم ويدفع بهم الى "آتون" حرب مهلكة ومخجلة.
مصادر مطلعة في الساحة الفلسطينية ذكرت لـ (المنــار) أن المتصارعين على الرئاسة "يسيحون" من مكان الى آخر، في الداخل والخارج لتجميع وثائق الادانة، وأن قيادات كبيرة ما تزال في مواقعها، أو أحيلت على التقاعد، هبت للمشاركة، طمعا في مال أو منصب مرتقب أو نكاية بخصم، وكل متصارع بدأ في "تزييت" ماكنة الشائعات التي "ابتاعها" بأموال الغير المدفوعة لتأجيج حمى السباق، الذي سيحرق الجميع.
وقالت المصادر أن الاسابيع والأيام القادمة سوف تشهد حربا مختلفة، حرب من نوع آخر، من حيث الشكل والأدوات وهوية الأتباع، خاصة، وأن الأموال والإنفاق لم تعد معضلة للكثيرين من المتصارعين، فـ "الحنفيات" بدأت بتكثيف "التنقيط" كري المزروعات في "عز الصيف".
في الوزارات والهيئات، وداخل السفارات والصناديق المالية، هناك وكلاء ومخبرون يعملون في السر لتجميع ما يستطيعون العثور عليه، من كشوف حسابات ووثائق وتحويلات مالية، وكل ن هؤلاء "العسس" مرتبط بأحد المتصارعين على منصب الرئاسة.
وتضيف المصادر أن ما يثير القلق ويدعو الى الاستهجان، أن كل متصارع يرى في نفسه الرئيس القادم والقادر على تحمل المسؤولية، وقيادة المسيرة، وتحرير البلاد من البحر الى النهر، واقتناء السلاح النووي ونصب الصواريخ البالستية والعابرة للقارات، وتنفيذ حق العودة، وتحرير القدس شرقها وغربها، وتوسيع الحدود حتى حدود الشام وفي عمق المتوسط نحو اليونان التي لم تستطع الدبلوماسية الفلسطينية مواجهة المجهود الاسرائيلي في قلب اثينا، فربحت تل ابيب في أوروبا ودول اتحادها، وخسرت رام الله حيث مركز النشاط السياسي الفلسطيني.. وهنا، المصيبة ، فالحرب ستكون شرسة بين المدعين والواهمين والمدفوع لهم والقابضين من العواصم والشركات وأجهزة الاستخبارات، والجهلة في مفاهيم السياسة واصولها.
والأمر المقلق الآخر، هو أن شراسة الصراع، والحرب غير النظيفة بين المتصارعين والمتنافسين على الرئاسة، ستدفع الطرف الثالث المتربص الى استثمار ما يجري لاشعال الفوضى في الساحة الفلسطينية دعما، لهذا ونكاية في ذاك، فالخصم، على دراية تامة بتفاصيل وجوانب كل ما تشهده الساحة ويدور فيها، وليس هذا ذكاء، فهي مباشرة أو عبر عدد من العواصم تفضل هذا المتصارع على غيره، وقدرته على دفع الأثمان والتقيد بالتعليمات.
ان أخطر ما في الصراع الدائرة على الرئاسة، بكل الوسائل المتاحة قذرة كانت أو نظيفة، أن يستثمر العدو هذا الحال المحزن والمخجل والمؤلم لاشعال الفوضى في الضفة الغربية، وهذا هو الهدف الاسرائيلي في هذه المرحلة المفصلية.