2024-11-30 06:46 م

حدود وآفاق التدخل البرّي السعودي التركي في سوريا

2016-02-09
شارل ابي نادر*
عندما تعرب المملكة العربية السعودية عن استعدادها للتدخل البري في الشمال السوري بالاشتراك مع بعض الدول الخليجية ومن ضمنها البحرين تحت شعار "محاربة الارهاب"، وبعد ان تنفي تركيا رغبتها بذلك الا من ضمن خطة يدعمها التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة الاميركية ، تخال ان الدولتين المذكورتين لم تتدخلا هناك لغاية تاريخه، وهما بعيدتان عن ذلك الميدان الصاخب من كافة النواحي ولا وجود لاي تأثير من قبلهما الا من خلال بعض التمنيات الديبلوماسية والتصاريح الاعلامية البريئة .

في الواقع ، لا يمكن غض النظر بتاتا عن قوة وحجم التدخل السعودي والتركي في الميدان السوري من خلال خطة واسعة قضت بفتح السلطنة حدودها مع سوريا للارهابيين المتعددي الجنسيات مع تزويدهم بكافة انواع الاسلحة والعتاد العسكري المتطور ، وحيث موّلت المملكة هذه الخطة بكافة تفاصيلها وعلى مدى الازمة السورية لفترة قاربت الخمس سنوات ، بالاضافة لقيام الاثنين بمواكبة المسلحين المناهضين للدولة والجيش في سوريا في كافة مفاصل معاركهم عسكريا وديبلوماسيا واعلاميا ، وذلك تحت هدف واحد بات وكأنه لازمة نشيد يجمع هؤلاء جميعا تحت عنوان " لا لبقاء الرئيس الاسد في السلطة " حتى ولو تم تدمير سوريا على رؤوس جميع مواطنيها ، غير آبهين بهذا القتل والخراب في كافة مناطقها .

ايضاً، عندما كانت داعش تسيطر على اغلب مناطق الشرق والشمال الشرقي في سوريا ، بالاضافة لتواجدها الفاعل في ارياف حلب وادلب وحتى اللاذقية ، لم يكن ذلك يعني للمملكة او للسلطنة شيئا ، ولم يكن حينها هاجس الارهاب ومحاربته يقض مضاجع هؤلاء ، اما الآن ، وبعد ان اصبحت داعش شبه محاصرة في أغلب مناطق شرق سوريا ، وبعد ان هُزِمت وانكفأت من اغلب مناطق الشمال الشرقي على يد وحدات الجيش السوري وحلفائه او على يد وحدات حماية الشعب الكردي، انتبه هؤلاء "الرعاة الحقيقيين لهذا الارهاب" بانهم معنيون بالتدخل وبمواجهته، فاطلقوا العنان لاعلامهم المسموم وبدأوا ينادون باستعدادهم لتدخل بري في سوريا، تدخل غريب في توقيته واهدافه، لا يمكن اعطاؤه في الحقيقة اي تفسيرا لمحاولة يائسة لتقويض انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه على الارهاب بمختلف اتجاهاته ، تحت مسمى داعش او تحت مسمى القاعدة وما تجمعه من فصائل ومجموعات متعددة الجنسيات والمصادر.

نعم ، لا يمكن ان يكون هدف هذا التدخل الذي يسوقون له ، بالرغم من فشله الاكيد في حال حصوله ، الا محاولة خبيثة لوقف تمدد الجيش السوري وحلفائه عبر هذه الانتصارات الصاعقة مؤخرا في ارياف حلب وخصوصا الشمالي منها ، حيث تم فك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء بعملية خاطفة ولافتة ، وحيث يتم حاليا توسيع حزام الامان لوسط هذا الريف عبر رتيان تحضيرا لتضييق الخناق على اماكن سيطرة المسلحين فيما تبقى لهم من احياء محدودة من حلب او في مواقعهم على المداخل الشمالية للمدينة ، وايضا في ماير شمال نبل والزهراء تحضيرا لقاعدة انطلاق باتجاه اعزاز وامتدادا الى معبر باب السلامة على الحدود مع تركيا .

واخيرا ... لا يمكن ان تكون انتصارات الجيش السوري وحلفائه، والتي تؤسس لاستعادة السيطرة على كامل الجغرافيا السورية الا مدخلا لاعادة التوازن الداخلي في هذا البلد باشراف السلطة الشرعية وحدها والتي هي المخولة بادارة المفاوضات مع المجموعات المعتدلة فقط، وليس مع الارهابيين الذين تم سحقهم مؤخرا او هم على الطريق لذلك، حول اية اصلاحات او تعديلات في الدستور او في صلاحيات السلطات وتوزيعها في ادارة وقيادة الدولة، ولا يمكن ان تكون هذه الانتصارات ايضا الا طريقا لضبط كامل الحدود ولنزع اية قدرة من تلك الدول في التحكم او التأثير على الداخل السوري .

عميد متقاعد من لبنان
المصدر: موقع العهد