هذه العملية التي نفذها شباب من قباطية، كسرت كل الحواجز التي أقامها الاحتلال لمحاصرة القدس، وافشلت كل اجراءاته المستمرة في المدينة، وفي ذات الوقت، أسقطت حسابات الاحتلال بأن القدس معزولة محاصرة، ورهينة في يديه، فالقدس تبقى البوصلة لأبناء فلسطين، وان أغفل العرب ذلك، فالفلسطينيون يتمسكون ببوصلتهم، كل على استعداد للتضحية من أجلها، وهذا ما أثبته أبناء قباطية الثلاثة الذين أدوا الصلاة في المسجد الأقصى الذي ينتهك يوميا، ثم اتجهوا لتنفيذ عمليتهخم ضد جنود الاحتلال وباعتراف الدوائر الامنية الاسرائيلية، فان الاجراءات العسكرية والحواجز القمعية، والجدران العنصرية لم تمنع الشباب الثلاثة من أن يرووا بدمائهم ثرى القدس، وبهذه الدماء رسموا معادلة جديدة، اسقطت معادلات الاحتلال الذي اعترف بفشله، ووقف مشدوها أمام ما حدث، وراح يعيد حساباته وتقديراته.
عملية أبناء قباطية في قلب القدس حركت أيضا الجدل السياسي في صفوف الأحزاب في الساحة الاسرائيلية، ورفعت من جديد الاصوات المطالبة بالانفصال من الفلسطينيين، ما دامت الاجراءات العسكرية والأمنية المستخدمة لم تؤت ثمارها، وأبناء قباطية أكدوا بدمائهم الطاهرة أن القدس ليست وحدها في الميدان، وأن نقاط الاشتعال ليست في مكان دون آخر، فالساحة الفلسطينية بكل مناطقها هي ميدان اشتعال.
أما بالنسبة للوسائل المستخدمة في هذه العملية الجريئة، فهي ايذان بمرحلة جديدة، من الاشكال المتنوعة والمختلفة في مواجهة الاحتلال الذي يواصل تعنته وقمعه، وبالتالي، قد تشهد المرحلة الجديدة عمليات نوعية صعبة ومؤلمة، بدأ الاحتلال يستعد لها، في خضم انتقادات لاذعة يتعرض لها رئيس الوزراء الاسرائيلي، الذي سارع الى عقد اجتماع للمجلس الأمني المصغر لبحث الموقف وطرق الرد، بعد فشل كل ما اتخذه جنرالاته.
ان العمليات الأخيرة ردا على بطش الاحتلال واعداماته الميدانية، أفشلت وأسقطت كل الحسابات والتقديرات الاسرائيلية، ووضعت الأسس لتطورات قادمة، فالفلسطينيون جميعهم يقفون ضد الاحتلال وممارساته، ولا حياد في ذلك، أو تساوق، والشهيد أمجد السكري ترجم ذلك، على أحد المعابر الاحتلالية.
مرحلة جديدة.. قد بدأت .. ومفاجآت كثيرة قادمة، على صعيد المواجهة مع الاحتلال، وتبقى القدس هي البوصلة التي تاهت عنها أنظمة الردة.