2024-11-25 12:20 م

بشائر التصدير تواجه نُذر شؤم

2016-01-29
أثار لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع رئيس الحكومة اليونانية ألكسيس تسيبراس والرئيس القبرصي نيكوس اناستاسياديس في نيقوسيا ، واتفاقهم الأولي على تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، آمالاً عند البعض باحتمال تغيير الوجهة مع حقل «لفيتان».
وكانت هذه الآمال قد عادت للظهور مؤخراً، بعدما نشرت معلومات جديدة عن حقل «شروق» المصري تظهر أنه لا يحوي سوى نصف الكمية التي جرى الحديث عنها عند إعلان اكتشافه، ما يعزز احتمالات شراء مصر الغاز الإسرائيلي. لكن كل هذه الآمال محدودة الضمان، بسبب أن لا فائدة من تطوير حقول الغاز الإسرائيلية إذا كانت جدواها الاقتصادية متدنية، خصوصاً أن شركة «نوبل إنرجي»، كبرى الشركات العاملة في قطاع الغاز الإسرائيلي، خسرت حوالي 70 في المئة من قيمتها السوقية.
وكانت شراكة «لفيتان» استبشرت «خيراً» بالأنباء التي نُشرت في مصر حول أن حقل «شروق» الغازي الذي اكتُشف في آب الماضي لا يحوي 30 ترليون قدم مكعب كما أُعلن سابقاً، وإنما 16 ترليوناً فقط، ما يعني حوالي نصف الحجم المفترض أصلاً. وكان اكتشاف الحقل قد أثار الآمال بقرب تخلص مصر من أزمة الطاقة التي تعيشها، ما يقلل حاجتها إلى استيراد الغاز من إسرائيل. ومعروف أنه عند اكتشاف شركة «إي إن آي» ENI الإيطالية تم الإعلان عن أنه أحد أكبر اكتشافات الغاز الجديدة في العالم. ويقع الحقل على عمق 1450 متراً ويمتد على مساحة 100 كيلومتر مربع. وللمقارنة فإن حقل «لفيتان» الذي اعتُبر عند اكتشافه أكبر حقل يُكتشف منذ عقد من الزمن لا يحوي سوى 22 ترليون قدم مكعب من الغاز.
وبرغم أن بعض شركات الاستشارات المالية الدولية نصحت في الشهور الثلاثة الماضية بشراء أسهم شركة «نوبل إنرجي»، إلا أن ذلك لم يغير من واقع حالها المتدهور. وقبل أيام، هبط سعر السهم من 60 دولاراً إلى 52 دولاراً في ظل تقارير حول تراجع مداخيل الشركة بشكل متزايد. وترددت أنباء في إسرائيل بأن شركة «نوبل إنرجي»، خسرت منذ بداية تراجع أسعار النفط العالمية في حزيران العام 2014 ما لا يقل عن ثلثي سعرها في البورصة.
و «نوبل إنرجي» ليست شركة الطاقة الوحيدة في العالم التي تأثرت سلباً، وبدرجة كبيرة، بتراجع أسعار النفط، لكنها الشركة الأكثر تأثيراً على قطاع الطاقة في إسرائيل. فهي الشركة العالمية الوحيدة التي تعمل في مجال النفط والغاز في إسرائيل، وهي صاحبة الحصة الأكبر في امتيازات التنقيب عن النفط والغاز فيها. وهي أيضاً الشريك المركزي والجهة الحرفية الوحيدة العاملة في قطاع الغاز الإسرائيلي في البحر المتوسط. وتملك الشركة 36 في المئة من حقل «تمار» وحوالي 40 في المئة من حقل «لفيتان». وقد أقامت شراكة مع شركات إسرائيلية أصغر، أكبرها شركة «ديلك»، ليس فقط في استثمار حقول إسرائيلية، وإنما أيضاً في استثمار حقول قبرصية.
ويرى خبراء في إسرائيل أن «نوبل إنرجي»، التي كانت قيمتها السوقية قبل عام ونصف العام تقدر بـ29 مليار دولار، خسرت 67 في المئة، وتقدر قيمتها الحالية فقط بـ11 مليار دولار. ويقول هؤلاء إن الخسارة كانت ستغدو أكبر لو لم تفلح الشركة في العام الماضي بتجنيد حوالي 1.1 مليار دولار في البورصة عبر بيع أسهمها بسعر أعلى بـ73 في المئة من السعر الذي بيعت فيه الأسبوع الماضي في بورصة نيويورك.
وهناك خشية في إسرائيل من أن استمرار تدهور وضع الشركة قد يعرّضها للشراء من قبل شركات أكبر مثل «شفرون» و «إكسون موبيل». وتكمن خشية إسرائيل في أن شركات كبيرة إذا دخلت على قطاع الطاقة الإسرائيلي يمكن أن تكون أشد قدرة على مواجهة الضغوط، وعلى تفعيل ضغوط مضادة باستخدام الحكومة الأميركية.
في كل الأحوال، فإن شركة «نوبل إنرجي» مضطرة لإصدار تقريرها ربع السنوي عن الفصل الأخير من العام 2015 في الشهر المقبل. ومنذ انهيار سعر النفط في صيف 2014، عرضت الشركة في الشهور التسعة الأولى من العام 2015 تراجعاً في وارداتها بنسبة 43 في المئة لـ2.3 مليار دولار وخسارة 413 مليون دولار. وكانت حققت الشركة في العام 2014 أرباحاً بقيمة 1.2 مليار دولار.
وتراجعت السيولة المالية في النشاط الجاري للشركة في الشهور التسعة الأولى من العام 2015 بنسبة 56 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2014، وبلغ العجز في السيولة حوالي 900 مليون دولار. ويتوقع الخبراء أن تزداد خسائر «نوبل إنرجي» في العام 2016 بسبب تراجع وتذبذب أسعار النفط. ويقول الخبراء إن الشركة أنهت الربع الثالث من العام 2015 بامتلاك حوالي مليار دولار في خزائنها، ولكن مع دين طويل الأجل بقيمة ثمانية مليارات دولار. ويرى هؤلاء أن هذه النسبة غير معقولة لأن ديناً بقيمة سبعة مليارات دولار يبلغ 4.4 أضعاف متوسط الربح السنوي الذي تحققه الشركة من كل نشاطاتها.
ومعروف أن شركة «نوبل انرجي» أُنشئت في العام 1932، وهي تملك مكامن نفط وغاز مؤكدة يبلغ حجمها 1.17 مليار برميل، وهي متخصصة في التنقيب واكتشاف واستخراج النفط والغاز الطبيعي. وللشركة امتيازات تنقيب برية في الولايات المتحدة وحقول بحرية في خليج المكسيك، والمحيط الأطلسي مقابل غرب أفريقيا، وفي البحر المتوسط في إسرائيل وقبرص.
وحال شركة «ديلك» الإسرائيلية، وهي الشريك الأكبر لـ «نوبل إنرجي» في إسرائيل، ليس أفضل حالاً. فخسائرها كبيرة جداً لأنها مستثمرة أيضاً في أسهم شركة «نوبل إنرجي» التي حققت خسائر كبيرة. وفي العام الماضي، خسرت أكثر من 30 في المئة من قيمتها السوقية وحوالي 60 في المئة من قيمة أسهمها وقت الذروة في أيار 2014.
المصدر: صحيفة "السفير" اللبنانية