2024-11-30 06:40 م

تقليعة المصالحة بـ "التقسيط" ورعاتها "عربان" الخليج!!

2016-01-21
القدس/المنــار/ المصالحة في الساحة الفلسطينية بعيدة المنال، ولا جدية في التصريحات من كلا الطرفين، والجهود المبذولة من أكثر من جهة في الاقليم تخضع لمقاييس ومصالح خارجية، ودخل على الخط أكثر من طرف، بهدف الاحتواء ومصادرة القرار، وتحويل القضية الفلسطينية الى مجرد ورقة لعقد الصفقات المدمرة.
الطرفان المتصارعان في الساحة الفلسطينية، يطوفان عواصم الاقليم لانهاء الانقسام، ولأن النوايا الصادقة غير متفورة، فان المتصارعين قد يجوبان القارات كلها، وتكون النتيجة صفر، والانقسام يتسع، أما التصريحات بشأن جهود جادة، وقرب عقد اللقاءات وتشكيل الحكومات وتنقل الوزراء، وفتح المعابر، فهذا الأمر لم يعد يقنع أحدا.
عواصم عديدة، ذات أطماع مهلكة تستقبل هذا القيادي من فتح، أو ذاك من حماس، ويلتقي القياديان على مائدة المضيف.. كله هراء في هراء، فلكل طرف أهدافه ومصالحه، والارتباط بأجندات غريبة، ومنافع ذاتية قضى على أية آمال بالمصالحة، وبات الانقسام أمرا واقعا يؤسس لتطورات وخطوات خطيرة، أخطرها تقطيع أواصر الوطن، وذهاب كل جناح لوحده وفي حاله، وهذا يعني أن أقدس وأعدل قضية أصبحت في خبر كان.
ان المزعج والمثير للتذمر ويبعث عل الامتعاض، هو استغفال الجانبين المتصارعين للشعب الذي يعيش معاناة تزداد صعوبة، والتقليل من وعي الشارع الفلسطيني، ان ما يطرح من قصص اخبارية، ويطلق من تصريحات هو الكذب بعينه، وهذا دليل عدم جرأة وعدم ادراك لخطورة الأمر، وما يحاك ضد الشعب من تآمر ويواجهه من تحديات مرعبة.
حركة حماس في غزة، أمسكت بالقطاع، وان تتنازل عنه، انها جماعة الاخوان التي انتظرت ومن العام 1928، للسيطرة على أرض تقيم عليها كيانا، وتمكن فرعها في غزة من تحقيق ذلك، في حين فشلت في مصر، لقد سيطرت على القطاع ـــ دون الخوض في الأسباب ـــ وبالتالي، من المستحيل التخلي من سيطرتها، وبالتالي، الحديث عن المصالحة في الساحة الفلسطينية بات مملا ومثيرا للاستهزاء، وكل ما يدور ونشاهده من اتصالات ولقاءات ووساطات دول هو مضيعة للوقف لا أكثر، وتعميقا للانقسام وفتحا لأبواب المنفعة الذاتية.
وما يثير الاستغراب ــ ولا غرابة في ذلك ــ ما دامت النوايا غير سليمة، اصرار الجانبين على الادعاء برغبتهما في انجاز المصالحة وانهاء الانقسام وحرصهما على مصلحة الشعب.
ان الاستمرار في الحديث عن المصالحة، وجهود انهاء الانقسام هو تخدير للشارع الذي لم يعد يصدق الطرفين المتصارعين، وهو ينتظر صناديق الاقتراع لمعافتهما، ان اجراء الانتخابات أمر سيضطر الجانبان عل عقدها معا أو على انفراد، وما يحز في النفس، أن تتدخل دول تعمل في خدمة اسرائيل كتركيا ومشيخة قطر والمملكة الوهابية السعودية، لمصالحة فتح وحماس، انها المرارة بعينها، فالدول الثلاث تعمل على تصفية القضية الفلسطينية، وهي تواصل تحطيم البعد والعمق العربي للشعب الفلسطيني، وتتآمر على المقاومة، وكل منها، تسعى بكل ما أوتيت من أساليب خسيسة للسيطرة على الورقة الفلسطينية، والأخطر أنها معا تخطط لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، لصالح برنامج جماعة الاخوان، وللأسف هناك قيادات من فتح تنساق وراء هذه الدول التي تشن حربا ارهابية على ساحات الأمة وتفكيك جيوش الدول العربية ذات التأثير خدمة لاسرائيل، 
إن أيا من الطرفين المتصارعين لا يريد مصالحة.. فلو كانا حقا يريدان مصالحة، لانجزاها منذ سنوات والتقيا على ساحة الوطن وأنهيا الانقسام، لكن، "الطنطنة" التي يمارسانها من بلد الى آخر، وتحت رعاية هذا أو ذاك، دليل أكيد على عدم رغبتهما في المصالحة، والمضي قدما في سياسة تضييع الوقت، ولعل قبولهما بوساطة دول خلجيية وتركيا ما يؤكد انزلاقهما الى دائرة الخطر، التي تضاف الى دوائر التحديات التي تتهدد الثوابت الفلسطينية.
طرفا الصراع، لا يمتلكان الجرأة والصراحة في مخاطبة الشعب، وتوضيح مواقفهما، وحقيقة، ما يدور في خلد كل منهما، والواضح استنادا الى شواهد عديدة، انهما لا يريدان مصالحة، دون اكتراث برغبات الشعب، وغير قلقين من ردوده على ما تسببا به من كوارث وويلات، وانشغالهما عن طرق مواجهة الاحتلال ، وبالتالي، يبقى الموقف الشعب الفلسطيني هو الفيصل، هو صاحب الرد على هذه "المهزلة"، مع أن هذا الرد قد تأخر، ولكنه، الامهال لا الاهمال.
لقد وصل الاستغفال الممارس من جانبهما حد دعوة أحد مفكري حماس، أحمد يوسف الى مصالحة بالتقسيط، بمعنى، أن مصالحة حقيقية كاملة غير واردة، في المدى المنظور، انه أمر مضحك ينم عن نوايا غير سليمة، ويدل بشكل واضح على الاستخفاف بشعب بكامله، ما طرحه أحمد يوسف، وهو متحدث بلسان حماس، وهي فرع من جماعة الاخوان، يعني ببساطة، "مصالحة انتقالية"، وعلى مراحل.. اذا وللأسف على خطى اسرائيل، أي الحل الانتقالي للصراع، والى هذا الحد وصل الأمر، فليتوقف الطرفان عن تصريحات الحرص الزائفة، والتسابق في طرح الافكار والمناداة بحكومة وحدة، واجراء انتخابات، أية انتخابات هذه يجري الحديث عنها، وفرع الجماعة في غزة، يتجذر حكمه في القطاع؟!
أية انتخابات وادعاءات بالحرص على الشعب وقضيته، والرغبة في المصالحة، والطرفان يتنقلان من عاصمة الى اخرى رعاية لجهود المصالحة.. هذا التنقل بعيدا عن ارض الوطن لانهاء الانقسام، يؤكد بجلاء أن الجانبين لا يريدان مصالحة!! وعلى الشعب أن يرد على ذلك، فلم تعد التصريحات مقنعة وحديث الجانبين عن المصالحة يبعث على التقيؤ، ولا بد من خطوات على الأرض ردا على هذا النفاق الذي يضاف الى التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني.