وجهات اقليمية وفلسطينة أخطأت أيضا في تنقديراتها، واعتقدت أن هبّة القدس، مجرد "غيمة صيف" سرعات ما تتبدد.. وبعض هذه الجهات ما تزال "تحلم" بافتقار هبّة القدس لبذور تطورها واتساعها وقلة أدواتها وامكانياتها، لذلك، هي تشارك بشكل أو بآخر في محاولات اخمادها، لكن، الهبّة مستمرة رغم وحشية الاحتلال، واستمراريتها، رسالة الى كل الجهات وفي جميع الاتجاهات.
لكن، التساؤل المطروح في الساحة الفلسطينية، هو: ما هو الموقف الحقيقي للسلطة الفلسطينية من الهبّة المستمرة والتطورات؟! وما هي التفسيرات؟!
بداية، وقبل الخوض في الاجابة عن هذا التساؤل، فان الفصائل الفلسطينية عل اختلاقها غير قادرة على اتخاذ موقف صريح من هبّة القدس، ولجأت الى المساندة الاعلامية الخجولة، وبعضها يتحرك من تحت الطاولة لمحاصرتها، مع أن الأمر بات مكشوفا، هذا الموقف الفصائل يختلط بالحوف من امكانية بروز قيادات جديدة على حساب القيادات المتفرجة، حتى لو كانت هناك تداعيات، فنتائجها أيضا ليس في صالح هذه الفصائل.
وبالنسبة للسلطة الفلسطينية، فهي لم تتخذ حتى الان موقفا واضحا من هبّة القدس، رغم اقتراب دخول هبّة القدس شهرها الخامس، والسبب، هو الخشية من انهيار الآمال بامكانية نجاح الجهود المتوقفة في انجاز حل سياسي للصراع، مع أن الهبّة المستمر خلقت فرصا تستغلها وتستثمرها السلطة، الا أنها غائبة تماما عن ذلك.. أو انها ليست معنية بقطف "الثمرة" وتصريحات القيادات الفلسطينية لا تتم عن بلورة لموقف ما، فالسلطة ليست مع الهبّة وليست ضدها، ولا تذكرها بالاسم، وتركز على المقاومة السلمية، مع أنها لم تبادر الى الدعوة لمظاهرات حاتشدة في المحافظات الفلسطينية تنديدا بممارسات الاحتلال وفي مقدمتها الاعدامات الميدانية، وللسلطة موقف معلن من هبّة القدس، يتمثل في تجاهلها، وان كانت هناك اشارات بالرضى، فهي للاستهلاك المحلي لا اكثر، ولا تتعدى الايحاء الاعلامي، ونقل وقائع وحيثيات الممارسات الاحتلالية الوحشية، انه موقف اقرب الى الصمت، لا تأييد ولا قدرة على محاصرة نضالات الجيل الثالث للانتفاضة، مع أن الشارع الفلسطيني يستهجن عدم حسم المواقف وتحديدها بشأن الهبّة المستمرة والتطورات.
لكن، في حال وصلت هبّة القدس الى الانتفاضة الثالثة، فانها ستكون مضطرة لتحديد موقفها، فاما المشاركة الفعلية في حمايتها، واما المشاركة الفعلية العلنية في محاولات اجهاضها ووقف تطورها، والخيار الثالث هو "ارتداء الجاكيتات" ومغادرة الساحة، وعندها، يكون التكهن بما سيلي هذه الخطوة صعبا للغاية، وهنا، لا بد من الاشارة الى أن الشارع الفلسطيني يدرك حجم الضغوط الممارسة على السلطة والهادفة دفعها الى محاصرة هبّة القدس، مع ادراك حجم الارتباطات وثقل الاتفاقيات والتفاهمات.
مصادر رفيعة المستوى في الساحة الفلسطينية، أكدت لـ (المنـار) أن "ضبابية" الموقف الرسمي الفلسطيني، ليست مقنعة للشارع الفلسطيني، وفي ذات الوقت لا تخدم السلطة، بل تشكل خطرا عليها، في حال استمرت هذه الضبابية، فأية ارتدادات أو تطورات تتسبب بها هبّة القدس، ليست في صالح السلطة، وهذا تدركه رام الله جيدا، وبالتالي، هي في حرج شديد، خاصة وأن "تمنياتها" صعبة التحقيق، وسبقتها الاحدات.
من هنا، تضيف المصادر، أن من الخطأ أن لا تحسم السلطة موقفها من هبّة القدس، حسم تأخذ فيه بالحسبان مصلحة الشعب الفلسطيني، وتعزيز قواعد وجودها، على رأس المشهد السياسي الفلسطيني.