فيما السباق مستمر بين تهدئة مرتقبة وتصعيد للحرب، خرجت الأصوات في إسرائيل محذرة من التداعيات الاقتصادية السلبية في حال اطالة أمد العمليات العسكرية، وخصوصاً على الشركات في جنوب إسرائيل. وحذرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، من مغامرة الدخول البري إلى غزة، نظراً إلى تداعياتها الاقتصادية المتوقعة، على اعتبار أن الخطوة لن تؤدي فقط إلى زيادة تكاليف الأضرار المادية وفقدان الإنتاج نتيجة وجود الأسر الإسرائيلية في الملاجئ، بل ستؤدي أيضاً إلى التأثير على انتاجية العمل بسبب استدعاء الاحتياط. ووفقاً للصحيفة، فإن 5 أيام من الحرب كانت كفيلة بتكبيد إسرائيل خسائر بملايين الشواكل.
وأوضحت «هآرتس» أن الخسائر تركزت في الجنوب، فيما مناطق أخرى من البلاد بدت تشعر بالتأثير بنحو غير مباشر، إن بسبب استدعاء الاحتياط أو نتيجة إلغاء خطط قضاء العطلات أو انخفاض الروح المعنوية في العمل. ورأت «هآرتس» أن الكلفة النهائية للحرب ستعتمد على الكيفية التي ستتصرف بها دولة الاحتلال وحركة «حماس» في الأيام المقبلة. وبحسب الصحيفة، فإن مجموعة معلومات الأعمال «بي دي آي» قدّرت أن الأعمال العسكرية تكلف الاقتصاد الإسرائلي نحو 1.1 مليار شيكل في الأسبوع.
واستندت في تقديراتها إلى التكلفة الفعلية لعملية الرصاص المصهور التي استمرت لقرابة ثلاثة أسابيع. لكنها أخذت في حسبانها أن منظومة القبة الحديدية تسهم في تقليل كمية الأضرار المادية الناجمة عن الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية، ليتبين أن معظم التكاليف تترتب على استخدام الذخيرة والوقود في العمليات الجارية. وعلى الرغم من حصولها على الاهتمام الأكبر، فإن الأضرار التي لحقت بالمنازل والشركات والبنية التحتية، من غير المرجح أن تتخطى 25 مليون شيكل. لكن خسائر منطقة جنوب إسرائيل يتوقع أن تصل إلى200 مليون شيكل خلال أسبوع، بعدما أعلنت مصلحة الضرائب أنها حتى أول من أمس تلقت ما يقارب 700 تقرير عن أضرار في الممتلكات نتيجة الصواريخ، في حين أن بقية البلاد ستخسر نحو 120 مليون شيكل. هذه الخسارة تجلت في أكثر من قطاع، بينها قطاع الإعلانات التلفزيونية الذي تراجع وفقاً لشركة «يفات»20 في المئة. فعلى الرغم من ارتفاع نسبة المشاهدين، لجأ معظم المعلنين إلى تأجيل حملاتهم أو توقيفها، وسط اعتقاد لديهم بأن المشاهدين مشغولون بمتابعة أخبار الحرب واستدعاء الاحتياط.
من جهته، بدأ القطاع السياحي يواجه إلغاء حجوزات قضاء العطل. ولانخفاض الروح المعنوية في العمل ثمنها أيضاً، من وجهة نظر «هآرتس»؛ «ففي حين أن معظم البلاد تشعر بتأثير ضئيل أو معدوم من الصواريخ، أشارت «بي دي آي» إلى أن الإنتاجية انخفضت لأن معنويات الإسرائيليين منخفضة وباتوا مشدودين لمتابعة الأخبار». وأضافت أنهم في مثل هذه الحالة يصبحون أقل عرضة لإنفاق الأموال على الترفيه والتسلية، كذلك استُدعي العديد منهم إلى جيش الاحتياط. ورأت «بي دي آي» أنه إذا قررت الحكومة الإسرائليية المضي قدماً في خطها لتجنيد 30 ألفاً من الاحتياط، ستضيف إلى فاتورة الحرب الأسبوعية ما يقارب 70 مليون شيكل. وتشير تقديرات منفصلة للرابطة التجارية لمجموعة المصنعين إلى أن حجم أضرار الحرب على المصانع في الجنوب بلغ، أول من أمس، 34 مليون شيكل ليرتفع حجمه خلال الأيام الخمسة الأولى من العدوان على غزة إلى 77 مليون شيكل، مع الإشارة إلى أن هذا الرقم يأخذ في الاعتبار خسائر الانتاج فقط.
في المقابل، إن قرابة 70 مصنعاً على القرب من الحدود مع غزة أقفلت نهائياً، باستثناء المصانع التي تنتج مواد أساسية مثل المواد الغذائية. كذلك، يوجد 430 مصنعاً ضمن نطاق 40 كيلومتراً من غزة تعاني من خسارة الإنتاج. وأوضح المدير العام لجمعية الصناعيين، أمير حايك، أن «القتال في الجنوب يعطل الإنتاج. فقط بعض الموظفين في المصنع يصلون إلى العمل، وبسبب صفارات الإنذار، يُقاطَع الإنتاج باستمرار». وأضاف: «هذا يعني أن الإنتاج ينخفض، والصادرات تتضرر والضرر ينتشر من مصنع لمصنع».
في غضون ذلك، قال الاتحاد العام للغرف التجارية إن خسائر قطاع التجزئة وتجارة الخدمات في الجنوب تراوح بين 90 مليوناً و100 مليون شيكل يومياً. ويضم جنوب إسرائيل نحو 25،600 متجر وشركة تقديم خدمات،80 % منها قد أغلقت بسبب القتال وفقاً للتقديرات. ولفت رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أورييل لين، إلى أن غالبية الشركات صغيرة وتوظف 5 أشخاص أو أقل لديها، مقترحاً تقديم إعفاءات ضريبية لها مماثلة لتلك التي قدمت بعد عملية الرصاص المصهور. بدوره، حذر رئيس غرفة بئر السبع للتجارة والصناعة، يوسي ديلويا، من أنه إذا لم ينتهِ القتال في الأيام القليلة، فإن العديد من هذه الأعمال لن تعيد فتح أبوابها من جديد.
المصدر: صحيفة الأخبار