استمر التصعيد المتبادل بين إيران والسعودية على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر يوم الاثنين الماضي، في ظل مخاوف متزايدة من أن يؤجج التوتر الجديد بين القوتين الإقليميتين النزاعات على امتداد الشرق الأوسط، ولا سيما في سوريا واليمن، وقلق عالمي من انعكاساته على الحروب بالوكالة التي يخوضها الطرفان بالفعل.
وفي سياق هذا التوتر، جرت تظاهرات جديدة احتجاجاً على إعدام النمر، في مناطق عدّة في المنطقة الشرقية في السعودية، والتي يتحدر منها الشيخ النمر، احتجاجاً على تنفيذ حكم الإعدام بحقه، وكذلك في طهران، واسلام اباد، وعدد من أحياء العاصمة البحرينية المنامة.
وفي هذا التوقيت الحساس أيضاً، كشفت وسائل إعلام سعودية إن أربعة إيرانيين، أحدهم متهم بالتجسس، والثلاثة الآخرون بـ «الإرهاب»، سيمثلون أمام القضاء، في خطوة من شأنها أن تؤجج التوتر.
وخرج مئات المتظاهرين من أبناء المنطقة الشرقية في السعودية الى الشوارع، مطلقين هتافات ضد العائلة المالكة احتجاجاً على إعدام الشيخ النمر.
وهتف المتظاهرون في مدينة العوامية الساحلية على الخليج العربي، والتي يتحدر منها الشيخ النمر «الموت لآل سعود»، فيما أفاد شهود عيان أن بعضهم كان يحمل السلاح.
وحمل المتظاهرون ايضا أعلاما سوداء وصور الشيخ النمر الذي كان من أشد معارضي العائلة المالكة السعودية.
وقال شاهد آخر إن المتظاهرين أحرقوا إطارات مطاطية.
وكشفت صور للتظاهرة مئات الأشخاص وقد ارتدى بعضهم الألبسة السوداء.
وقال مصدر محلي إن مجموعات صغيرة من «الناشطين» هم الذين ينزلون الى الشارع في حين أن غالبية سكان المدينة لا يريدون العنف وبينهم شقيق الشيخ النمر.
وتأتي هذه التظاهرة، في إطار أسبوع من الاضطرابات في مدينة العوامية في المنطقة الشرقية، التي تسكنها غالبية الأقلية الشيعية في السعودية، والتي تشتكي من تعرضها للتمييز من قبل سلطات المملكة.
وقال أحد سكان العوامية إن إعدام الشيخ النمر الذي يؤكد الشيعة السعوديون انه كان ناشطا سلميا، يمكن ان يؤدي الى مزيد من الاضطرابات في الشارع. وقال «لقد تغير الوضع تماما» عما كان عليه قبل إعدام الشيخ.
وفي طهران، سار حوالي ألف متظاهر في الشوارع وهم يرددون «الموت لآل سعود» و «الموت لأميركا» و «الموت لإسرائيل». وحمل بعضهم صور الشيخ النمر.
وخيم الغضب إزاء إعدام الشيخ النمر على المصلين في العاصمة الايرانية، في وقت شن خطيب صلاة الجمعة هجوماً حاداً على السعودية، متهماً إياها بالتواطؤ مع الولايات المتحدة واسرائيل لارتكاب «جرائم» ضد المسلمين.
وقال آية الله محمد كاشاني، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الايرانية الرسمية، إن «الأضلاع الثلاثة أي أميركا والسعودية والكيان الصهيوني تجتمع معا في أي جريمة ترتكب ضد المسلمين».
وأضاف «الكيان الصهيوني هو الذي يخطط لهذه الجرائم التي تلقى دعما أميركيا وماليا سعوديا».
وجرت تظاهرات مماثلة في مدن اخرى في ايران، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي.
وفي المنامة، قال شهود عيان إن الشرطة البحرينية اشتبكت مع متظاهرين احتجوا على إعدام الشيخ النمر.
وتجمع نحو مئتي متظاهر في سترة في جنوب العاصمة المنامة. ثم اندلعت اشتباكات بين الشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع والخرطوش على المحتجين الذين رشقوها بالحجارة والقنابل الحارقة.
وردد بعض المحتجين هتافات من بينها «الموت لآل سعود» و «الموت لآل خليفة» في إشارة إلى الأسرتين الحاكمتين في السعودية والبحرين.
وتظاهر مئات من الشيعة أيضا، يوم امس، في اسلام اباد عاصمة باكستان ضد السعودية واحتجاجا على إعدام الشيخ النمر.
وفي موازاة ذلك، شارك مئات الباكستانيين في تظاهرة أخرى رفضاً لقرار باكستان الانضمام الى «التحالف السعودي» الذي يضم 34 دولة بقيادة السعودية.
وقدم المتظاهرون مذكرة الى المتحدث باسم وزارة الخارجية تطالب باكستان بالانسحاب من التحالف الذي أعلن في كانون الأول الماضي، والذي يعد خطوة جديدة من المملكة لتبني سياسة خارجية أكثر حزماً.
وقال الناشط غول الزهراء أمام المتظاهرين «لا الجيش الباكستاني، ولا الدولة الباكستانية برسم الإيجار... سنعارض أي مساع لبيع الجيش لآل سعود لقاء بضعة مليارات من الريالات».
وأعلنت باكستان، امس الأول، أنها ستنضم الى التحالف العسكري بقيادة السعودية لمحاربة «الإرهاب» في العالم الإسلامي، وذلك في أعقاب لقاء بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ورئيس الحكومة الباكستاني نواز شريف.
وأعلنت المملكة تشكيل الائتلاف في كانون الاول الماضي، وسمّت باكستان كأحد أعضائه، غير ان اسلام اباد ردت بداية بحذر قائلة إنها بحاجة الى مزيد من التفاصيل قبل اتخاذ القرار بشأن حجم مشاركتها.
وخرجت تظاهرات أصغر حجما ضد الائتلاف الذي شكلته السعودية في مدينة لاهور (شرق) فيما نُظمت من الجهة المقابلة تظاهرات بدعوة من السنّة في اسلام اباد اتهمت طهران بـ «التدخل» في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية. وأطلق المحتجون هتافات تعهدوا فيها بـ«فداء خادم الحرمين الشريفين بأرواحهم».
من جانب آخر، أوردت الصحافة السعودية أن أربعة ايرانيين أحدهم متهم بالتجسس، والثلاثة الآخرون بـ «الإرهاب»، سيمثلون أمام القضاء.
وذكرت صحيفة «اراب نيوز» أن أحد المتهمين الموقوفين «جاسوس يعمل لمصلحة الاستخبارات الايرانية». وقالت في عنوانها ان الثلاثة الآخرين «إرهابيون» من دون أن تحدد هويتهم ولا التهم الموجهة اليهم.
وذكرت صحف اخرى أن الايرانيين الاربعة اعتقلوا في العامين 2013 و2014.
وأشارت الصحف السعودية الى ان إيرانياً خامساً يمضي عقوبة بالسجن لمدة 13 عاما، بتهمة التورط في «عمليات تجنيد وتسفير عدد من الشباب السعودي إلى طهران وإيوائهم في منزله والتنسيق للزج بهم في مناطق الصراع».
(أ ف ب، رويترز، اب)