أقرَّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تعيين مستشار الأمن القومي، يوسي كوهين، رئيساً لجهاز الموساد، خلفاً للرئيس الحالي تامير باردو، الذي ينهي قريباً مهام منصبه. ورغم أنَّ تعيين كوهين للمنصب لم يفاجئ كثيرين، إلَّا أنَّ أوساطاً مختلفة قالت إنَّ رئيس الموساد الثاني عشر هو الأقرب إلى تفكير رئيس الحكومة الذي قام بتعيينه، خلافاً لتقديرات البعض.
وينهي باردو الشهر المقبل رئاسته للموساد التي استمرّت حوالي خمس سنوات ليحلّ مكانه يوسي كوهين. وقال نتنياهو إنَّ «الاختيار بين المرشحين لرئاسة الموساد كان صعباً. وقد درست ترشيح ثلاثة رجال ممتازين، مؤهلين وأكفّاء بشكل عالٍ. في النهاية، قرّرت أنَّ رئيس الموساد المقبل سيكون يوسي كوهين». وأضاف أنَّ «كوهين يمتلئ بالخبرة والإنجازات مع قدرات مثبتة في مجالات مختلفة من عمل الموساد. ولديه قدرة زعامية، وفهم احترافي، وهي مزايا مطلوبة لمن سيقود هذا الجهاز». وامتدح نتنياهو المرشحَين الآخرَين وأحدهما من داخل الجهاز وهو نائب باردو حالياً، والثاني هو رامي بن باراك الذي يعمل مديراً عاماً لوزارة الشؤون الاستخبارية والاستراتيجية.
وشهدت الأسابيع الأخيرة نشر الكثير من التقارير التي تتحدّث عن خلافات وعراقيل توضع أمام اختيار رئيس جديد للموساد. ورغم أنَّ اسم كوهين طُرح في الماضي، إلَّا أنَّ كثيرين اعتبروا أنَّ كلام تامير باردو عن استبعاد تعيينه، أوحى برفض الجهاز لأن يكون كوهين رئيسه. وفي ظلّ هذا الكلام، أُشيع أنَّ نتنياهو تعرّض لضغوط كبيرة من جهات عدة من أجل الإعلان عن اسم الرئيس المقبل للموساد، بعدما أجرى بضع مقابلات مع المرشحين.
ويبلغ كوهين من العمر 54 عاماً، وهو ابن لعائلة متدينة ويلقب في أوساط عديدة بـ «عارض الأزياء» بسبب أناقته. وقد أثيرت انتقادات شديدة عند تعيينه مستشاراً للأمن القومي في إسرائيل قبل عامين، إذ رأى كثيرون أنَّه لا يملك الصفات التي تؤهّله لهذا المنصب. ولكن تعيينه رئيساً للموساد، لم يتعرّض لانتقادات جوهرية باعتبار أنَّ كوهين، الذي تجند في الموساد العام 1982، تقلّد مناصب كثيرة في الجهاز وصولاً إلى منصب نائب رئيس الجهاز. وقد قضى كوهين معظم خدمته في شعبة «تسومت» المسؤولة عن تجنيد وتفعيل العملاء، ويعتبر ذا شخصية آسرة، وسبق أن نال جائزة أمن إسرائيل جرّاء قيادته عمليةً أثناء عمله في الجهاز. كما تولّى كوهين رئاسة شعبة «كيشت» المسؤولة عن العمليات التكنولوجية لجمع المعلومات الاستخبارية. ويقال إنَّه في السنوات التي ترأس فيها كوهين شعبة «تسومت»، كان الموساد شديد الفعالية في محاربة المشروع النووي الإيراني، ما أوحى بأنَّ يد الموساد تصل إلى كل مكان في الشرق الأوسط. حينها، عانى المشروع النووي الإيراني من مواضع خلل فني، واغتيل علماء وانتشرت فيروسات في الحواسيب.
ومنذ تعيين كوهين مستشاراً للأمن القومي، صار جزءاً من حاشية نتنياهو وبين أبرز المقربين شخصياً له، خصوصاً في القضايا الأشدّ أهمية وسريّة. وتولّى إدارة العلاقات مع أميركا سواء في الشأن النووي الإيراني أو في الشأن الفلسطيني، وكذلك فعل مع دول أوروبية عدة. ويُقال إنَّ كوهين، خلال عامَي عمله مع نتنياهو، كسب عداء الكثير من قادة الجيش و «الشاباك»، وحتى بعض الوزراء. وكان العداء قد نشب بينه وبين باردو أثناء خدمتهما في الموساد.
في كل حال، خلال عمل كوهين في مجلس الأمن القومي، عمد إلى تطوير علاقاته السياسية ومحاولة إنشاء تحالفات خارجية وداخلية. وهناك من يتّهمه بأنَّه تودّد إلى زوجة رئيس الحكومة التي تعتبر صاحبة تأثير ونفوذ كبيرَين على نتنياهو.
وكتب المعلّق السياسي في «معاريف»، بن كسبيت، أنَّ كوهين هو «رجل نتنياهو»، وهو الأنسب لشخصية جيمس بوند في الموساد الذي «يعمل في خدمة جلالتها». وأشار إلى أنَّ كوهين كثير السحر، لكن «أفقه ضيّق.. ونتنياهو أراد رئيس موساد كهذا بالضبط: يعرف ما يريد أسياده، ويكون مسلحاً بأدوات دقيقة تقيس مزاج القائد، وألّا يكون مغامراً كثيراً».
أما دان مرغليت في صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو، فكتب أنَّ «من الواضح أنَّ الموساد يجب عليه أن يتواجد على طريق جديدة أو أن يصعد إليها. الشرق الأوسط الذي استقبل باردو كان مستقراً وملتزماً بحدود سايكس ــ بيكو التي مضى عليها 99 سنة ولم تعد قائمة. ليست هناك سوريا، وفي الحقيقة ليس هناك العراق، ولم يتوقّع أحد صداماً كالذي حدث بين تركيا وروسيا على خلفية الحرب ضدّ داعش». وأضاف أنَّه «عندما كلّف ارييل شارون مئير داغان بمهمة ترؤس الموساد، كان يأمل الحصول على منظمة ذات إمكانيات جديدة، وإلى درجة كبيرة لم يخيب ظنه. من المعقول الافتراض أنه يوجد لدى نتنياهو توقعات مشابهة من كوهين. التغيير في خريطة الشرق الأوسط، يفرض ذلك على إسرائيل. الوضع غير الثابت يقتضي دائماً إعادة تنظيم جديد في مؤسسة مثل الموساد».