يقدر ان 8 من كل 10 اشخاص في العالم يصابون بألم في العمود الفقري مرة واحدة على الاقل في حياتهم. وان الالم يستمر لفترة مع نصف هؤلاء. ورغم توافر خيارات علاجية كثيرة، فان بعض المصابين لا يزال يعد الجراحة أفضل وأول خيار. وأكد البروفيسور ديفيد هانسكوم جراح العظام في مستشفى سياتل، ان معظمهم لا يحتاج للجراحة. وقال: ابتكرت عملية دمج او إلصاق فقرات العمود الفقري للحالات التي تكون حركة الفقرات هي مصدر الالم. وفي هذه الحالات، فإن تثبيت العمود الفقري لإلغاء عامل الحركة مهم لوقايتهم من الشلل وعلاج الالم. لكن العملية الجراحية تفشل في شفاء الحالات التي يكون مصدر الالم لديها ناتجا عن أسباب اخرى مثل الخشونة او التهاب المفاصل او تورم الغضروف. وللأسف، فغالبا ما تزيد الجراحة حالة هؤلاء سوءا وتحول الالم الى النوع المزمن.
ودلت الابحاث الى انخفاض نسبة نجاح عمليات تثبيت العمود الفقري في الشفاء من الالم الى %24 من الحالات. كما لم تتعدّ نسبة العودة الى العمل بعد سنة من عملية تثبيت العمود الفقري %15. مما يعلل توقف كثير من جراحي العظام عن اجراء هذه العمليات الا للحالات الحرجة النادرة.
اضطراب نفسي - جسدي
أكدت ابحاث البروفيسور هانسكوم ان الالم المزمن مصدر نفسي. حيث اظهرت دراساته دور التوتر والقلق المزمن في الاصابة بالألم المزمن بما فيها الم الظهر، وذلك نتيجة لامتلاء الجسم بهرمونات التوتر والادرينالين. ولهذه الهرمونات تأثير في الجهاز العصبي: مثل الصداع النصفي وصفير الاذن وحرارة في القدم وحك قشرة الرأس وطفح جلدي متنقل ونوبات الهلع بعد الصدمة وآلام العمود الفقري ايضا. واثبتت الابحاث تشابه المناطق الدماغية التي ترسل اشارات التوتر والحزن والالم النفسي مع تلك للألم المزمن الجسدي. ومن خلال ابحاث التصوير المغناطيسي، وجد ان اشارات الالم الحاد تصدر من منطقة دماغية تختلف عن تلك للألم المزمن، فمن يعانون الألم المزمن (استمر لعدة سنوات) لديهم نشاط في منطقة العواطف في الدماغ. وفي دراسة تم فيها تصوير دماغ المصابين بالألم المزمن كل ثلاثة اشهر لمدة سنة، وجد ان اشارات الالم الحاد تنتقل الى منطقة العواطف في الدماغ بعد استمرارها لمدة تتراوح ما بين 6 اشهر الى سنة.
منظومة العلاج
قام البروفيسور بتطوير منظومة لعلاج الالم المزمن من خلال التعامل مع المصدر العضوي والنفسي. وبالنسبة للاعتلال الجسدي فيقترح علاجه عبر اجراءات التدخل المحدود (تجرى من خلال المنظار او قسطرة او حقن). لكن يجب دعم ذلك باتباع استراتيجيات تخفض مستوى الادرينالين في الجهاز العصبي. ومن أهمها:
- الاهتمام بجودة النوم وساعاته
- الكتابة التعبيرية
- ممارسة تقنيات للاسترخاء
- التغذية الصحية وتناول علاجات مسكنة للألم عند اللزوم
- العلاج الطبيعي والتأهيل، ويتضمن ذلك تمارين تقوية العضلات.
قوة الكتابة التعبيرية
من الطرق التي اثبتت 200 ورقة بحث فائدتها هي الكتابة التعبيرية. فيقوم الشخص بكتابة مشاعره الحقيقية وكل فكرة سلبية في ورقة ثم يقوم باتلاف الاوراق ورميها. وبذلك يشعر بالتحرر والانفصال عن مشاعره السلبية. وقال البروفيسور: لا أحد يحب الافكار السلبية. وكلما قاومتها وتغاضيت عنها فكرت فيها اكثر واحتلت جزءا من طاقتك. لذا، فإن كتابتها والاعتراف بها سيكسر دائرة استهلاك الطاقة ويحررك من التوتر والاحباط. وقد اثبتت عدة دراسات ان الم الظهر المزمن يستجيب جيدا للكتابة التعبيرية.