في مدينة هيرولت بجنوب فرنسا ، طور مزارع يدعى باسكال بوت طريقة جديدة سمحت له بزراعة 400 نوع من فاكهة الطماطم العضوية دون سقي أو استخدام المبيدات الحشرية.
عند الكشف عن اختراعه الجديد، اتهم باسكال بالمجنون ولكنه اليوم ألهم كبار الباحثين والعلماء في مجال الزراعة عبر العالم، بعدما حرصوا على زيارته لمعرفة سره ومدى صدق ما يدعيه.
باسكال بوت هو منتج للبذور العضوية منذ 20 عاما، يعمل في أرضه التي تمتد لمساحة 3 هكتارات في أولميت بمدينة هيرولت الجنوبية، وأنشأ مخزنا لبذور الطماطم العضوية التي طورها بنفسه فضلا عن الأصناف النباتية الأخرى القديمة.
في هذه المنطقة التي تعرف بمناخها الجاف جدا وأراضيها الحصوية ، يعمل باسكال على زراعة الطماطم العضوية، وما يميزه عن باقي المزارعين هو عدم سقيه لهذه الفاكهة التي تتطلب عادة الكثير من المياه. كما أنه لا يستخدم الأسمدة أو المبيدات في زراعته. وكل نبتة في حقله تنتج ما يصل إلى 25 كيلوغراما من الطماطم، مما جعل نظريته مثيرة للاهتمام.
بنى باسكال أبحاثه أساسا على نظرية الأعشاب الضارة التي تنمو في حقله لوحدها دون أي عناية منه، إذ قال في مقابلاته التلفزيونية عبر وسائل الإعلام الفرنسية والأجنبية، "أتساءل لماذا يعكف المزارعون والبستانيون ويبذلون جهدا كبيرا لزراعة الخضروات في أراضيهم فيما تنمو الأعشاب الضارة عليها بسهولة دون أن تتطلب أي عناية حتى أنه يصعب التخلص منها. وانطلاقا من هذه الملاحظة طور باسكال طريقة سمحت له اليوم بزراعة الطماطم دون سقي أو استخدام المبيدات الحشرية.
نظرية: تدريب الخضروات لتلقينها كيفية الدفاع عن نفسها
يقول باسكال أن "الجميع يحاول زراعة الخضار عن طريق حمايتها قدر الإمكان، ولكن في مزرعتي أحاول تشجيع هذه الخضار على الدفاع عن نفسها، وعملت على تطوير بذور الطماطم بنفسي بحيث تكون قادرة على مقاومة الجفاف والأمراض.
وهذه الطريقة سمحت له بالحصور على إنتاج أوفر من الطريقة التقليدية التي يتبعها غيره من المزارعين.
"اعتبرني جيراني المزارعون مجنونا عندما صرحت لهم بنظريتي ولكن بعد فترة من الوقت، لاحظوا بأن إنتاجي كان أوفر وأجود من إنتاجهم بكثير، وهكذا بدأ نبأ نظريتي ينتشر بين العامة حتى وصل إلى الإعلام وبالتالي لفت انتباه الباحثين في مجال الزراعة."
ويعمل المزارع اليوم جنباً إلى جنب مع الباحثين ويعرض اكتشافه في كليات الهندسة الزراعية.
ويبيع باسكال بذور الطماطم العضوية التي طورها بنفسه بطريقة غير قانونية، إذ أنها لم تصنف بعد ضمن قائمة البذور النباتية المرخصة. ومعظم زبائنه من الشركات متعددة الجنسيات التي تهتم بتصنيع المنتجات العضوية. كما تحظى منتجاته بطلب كبير في الأسواق الفرنسية والإفريقية.
وللحصول على اعتراف رسمي لترخيص بذوره، يعمل باسكال على ترويج نظريته في المؤسسات الرسمية فضلا عن تنظيم ورشات عمل للمزارعين المحترفين والمبتدئين.
ويقول سبستيان الذي شارك في ورشة عمل "لقد أصبح عندي فهم أفضل لكيفية نمو النبات، عليك سقي النبتة فقط عند زراعتها لأول مرة في التربة ثم اتركها لتتحدى بنفسها الجفاف والأمراض، كل ما عليك فعله هو وضع ثقتك في الطبيعة، فبعد ثلاث سنوات من الحصاد، تتعود النباتات على الظروف القاسية وبالتلي تلد البذور نباتات مقاومة، يكون آباءها قد تركوا فيها علامة في رمزهم الجيني.
وأضاف سبستيان بأنه بفضل باسكال، سيتمكن مع فريقه في غضون سنوات قليلة، من إنتاج طماطم بجميع الألوان والأشكال وتوفيرها في أسواق المنتجات العضوية ".