2024-11-26 11:34 م

أسباب نجاح المدراء الهنود في قيادة الشركات العالمية

2015-08-22
في المجال الشعبي، تشتهر الهند بصادراتها من الكاري، واليوغا، وأفلام بوليوود. لكن هناك منتجًا آخر أصبح من أهم المنتجات التي تصدرها الهند أيضًا؛ وهو الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات متعددة الجنسيات، ومعظمها في الولايات المتحدة. كان آخر المنضمين لهذه المجموعة المتنامية هو ساندر بيتشاي المولود بالهند، والذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة جوجل بعد إعادة هيكلتها. وينضم بيتشاي إلى ساتيا نادالا، رئيس شركة مايكروسوفت، والذي تولى هذا المنصب العام الماضي. ويستمر المدراء التنفيذيون من أصول هندية في إدارة شركات كبرى مثل شركة سيتي بنك، وشركة ماستر كارد، وشركة بيبسي.

وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو، اعتبارًا من منتصف عام 2013، كانت حصة صادرات الهند من المديرين التنفيذيين في مؤشر فورتشن جلوبال -أي المديرين التنفيذيين لشركات مقرها في بلد ليست موطنهم الأصلي- 30%. وهذا يضع الهند في مكانة تشبه نظيراتها في دول مثل سويسرا والمملكة المتحدة. وبسبب وضوح هذه الوظائف، فإنّ نجاح الرؤساء التنفيذيين الهنود في الساحة العالمية القوية هو أمر لافت للنظر لزملائهم الهنود الآخرين. الاعتقاد بأنّ هذا البلد الذي حتى وقت قريب كان يعتبر مرادفًا للفقر والعوز ينتج الآن الرؤساء التنفيذيين للشركات العالمية الشهيرة هو مصدر فخر وطني.

لكن بالنسبة للجزء الأكبر منهم، حصل أشخاص مثل ناديلا وبيتشاي على منحة تدريب الخريجين والخبرة الإدارية في أرقى الجامعات والشركات في الولايات المتحدة، وليس في الهند. وبعبارة أخرى، فإنّ نجاح المديرين التنفيذيين الهنود في أمريكا يشير إلى نقاط القوة في أمريكا بقدر قوة الهند أيضًا. وفي الواقع، قد يكون متعلقًا بالأخطاء التي حدثت في شبه القارة.

أحد الأمور التي يفتخر بها الهنود، هو أنّ هذا أحد المجالات التي تهزم فيها بها منافستها الصين. في الواقع، بعد تعيين ناديلا رئيسًا لشركة مايكروسوفت في فبراير عام 2014، بدأت الصين تبحث عن ذاتها، ووفقًا لبيانات من منتصف عام 2013، فإنّ ثلاثة رؤساء تنفيذيين من أصل هندي كانوا يقودون شركات فورتشن جلوبال 500 خارج الهند، في حين لم يكن هناك أي مديرين تنفيذيين من الصين. الهنود الثلاثة كانوا لاكشمي ميتال من شركة الصلب العملاقة أرسيلور ميتال، وأنشو جاين من دويتشه بنك، وإندرا نويي من شركة بيبسي، بالإضافة إلى ناديلا وبيتشاي ليصبح العدد الإجمالي الآن خمسة رؤساء تنفيذيين.

هناك بعض الأسباب البسيطة لأداء الصين السيئ في هذا الصدد. يميل الهنود إلى التحدث بلغة إنجليزية جيدة ويشعرون بالارتياح مع ثقافة العمل الأمريكية التي تعلموها في الجامعات، وهذا ليس الحال بالنسبة لكثير من نظرائهم الصينيين. وفي حالة شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وجوجل، هناك تقارب طبيعي مع ثقافة التكنولوجيا الثرية في الهند والتي يغذيها كبار رجال الأعمال مثل ناديلا وبيتشاي.

ولكنّ السبب في رؤيتك صينيين أقل من الهنود، ليس فقط باعتبارهم رؤساء تنفيذيين ولكن أيضًا في مستويات الإدارة العليا للشركات متعددة الجنسيات الغربية الكبرى، ليس بالشيء الإيجابي للهند، لكنه يرتبط بالقوة النسبية للاقتصاد والمجالات الصينية التي تزال تسبق فيها الهند.

على سبيل المثال، تدفع الشركات الصينية الكبيرة نفس رواتب الإدارة العليا التي تدفعها الشركات في الولايات المتحدة؛ في حين أن الرواتب الهندية، التي يتم تحويلها بسعر الصرف الفعلي وليس القوة الشرائية للروبية الهندية، لا تزال منخفضة. ووفقًا لدراسة استطلاعية عام 2014 أجرتها شركة تاورز واتسون، كانت رواتب كبار المسؤولين التنفيذيين في الصين أكثر من ضعف الرواتب في الهند عند تحويلها إلى الدولار.

وربما من المستغرب أنّه على الرغم من المخاوف بشأن التلوث في الصين (على الرغم من وجود تلوث في الهند، إن لم يكن أسوأ)، لكنّ الصين هي الوجهة المفضلة للوافدين. في استطلاع للرأي عام 2013 من بنك HSBC، جاءت الصين في المرتبة رقم واحد من بين 37 دولة باعتبارها الوجهة المفضلة للمغتربين.

في الواقع، يبدو أنّ الشركات في الهند لديها رغبة كبيرة للاستفادة من سوق العمل العالمي لكبار المديرين. ولا يزال الرؤساء التنفيذيين المحليين يسيطرون على الشركات الهندية الكبيرة، في كثير من الأحيان يكونوا من أفراد الأسرة داخل إدارة الشركة الأصلية. لا تزال الشركات التجارية الكبيرة في الهند تتبع سياسة الاكتفاء الذاتي والتطلع إلى الداخل. وهناك سبب وجيه لذلك، على الرغم من أنه لا يؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد الهندي.

قبل بضع سنوات، عندما تنحى راتان تاتا، رئيس شركة تاتا، بعد بحث طويل عن بديل له، لم يخلفه رئيسًا أجنبيًا كما توقع البعض، ولكن جاء سايروس ميستري، أحد الأعضاء البارزين في شركة تاتا. وحتى لو اعتقدت الشركات متعددة الجنسيات الهندية أنه من الحكمة الالتزام باختيار رؤساء تنفيذين من أفراد الأسرة بدلًا من اختيار رئيس تنفيذي بارز من الخارج، فإنّ الشبكات المحلية المحددة -بما في ذلك العلاقات القوية مع البيروقراطيين ووزراء الحكومة- يجب أن تظل في غاية الأهمية في المستويات العليا للإدارة الهندية. وفي هذا الصدد، هناك تشبه بين الهند واليابان والصين أكثر من تشابهها مع الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.

لذلك؛ قبل أن يشعر الهنود بالفخر لتصدير الرؤساء التنفيذيين البارزين، يجب أن يفكروا في كيف يعكس هذا الأمر إخفاقات البلاد. كيف يمكن أن تخلق الهند بيئة عمل تغذي وتوفر الحوافز والفرص للأفراد أصحاب الأداء العالي مثل ناديلا أو بيتشاي لتعادل الكفة مع الشركات الغربية المتعددة الجنسيات؟ وكيف يمكن للهند أن تعزز بيئة مبتكرة وأكثر تنافسية، بيئة تنتج شركات جديدة مثل مايكروسوفت وجوجل؟

في حين يعتمد الهنود على هذا الفخر الوطني، فإنّ الفائزين الحقيقيين هم الهنود الأمريكان الذين يُنظر إليهم باعتبارهم النماذج الذي يمكن تقليدها دون الحاجة إلى القلق من الحاجز الذي يعرقل تقدمهم المهني؛ فهي قصة نجاح أمريكية رُغم كل شيء. وسوف يعتمد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على ذلك في ظل استعداده لزيارة وادي السيليكون الشهر المقبل.

المصدر: التقربر