2024-11-24 09:30 م

المؤرخ الأمريكى «دانيال بايبس» يكشف تفاصيل انقلاب «طنطاوى» وأسرار «الإطاحة»

2012-11-15
ماذا حدث يوم 12 أغسطس الماضى؟ وكيف تمكن الرئيس مرسى من الإطاحة بالمشير حسين طنطاوى الحاكم الفعلى لمصر بجرة قلم؟ الإجابة: عدد من ضباط الجيش المتعاطفين مع الإخوان -أبرزهم الفريق عبدالفتاح السيسى- هبوا لنصرة الرئيس وساعدوه على إحباط مخطط سابق لطنطاوى كان يجرى فى السر للانقلاب على مرسى يوم 24 أغسطس. السؤال والإجابة طرحهما المؤرخ الأمريكى دانيال بايبس -رئيس ومؤسس منتدى الشرق الأوسط- وزميلته «سينثيا فرحات» فى مقال نشره موقع «ناشيونال ريفيو أون لاين» وهو واحد من أكثر المواقع السياسية -المعبرة عن التوجهات الجمهورية المحافظة- تأثيرا ونفوذا فى الولايات المتحدة.
وحسب مقال الباحثين، فإن طنطاوى، الذى كان الحاكم الفعلى لمصر، هو من «اختار» مرسى ليكون رئيسا لمصر باعتباره «الخيار الأسلم»، إذ يمكن التلاعب به واستبداله إذا لزم الأمر. ولتحقيق هذه الغاية، كلف طنطاوى المحكمة الدستورية العليا بالموافقة عليه كمرشح للرئاسة، رغم إلقاء القبض عليه فى 27 يناير 2011، بتهمة «الخيانة والتجسس»، والحكم عليه بالسجن. والسجن كان نفس السبب الذى استبعدت بسببه «الدستورية» مرشحين آخرين من سباق الرئاسة، ومنهم خيرت الشاطر المعروف بثرائه وشخصيته الكاريزمية وبصيرته. طنطاوى فضل مرسى على الشاطر لأن الأخير كان «خطيرا جدا»، تماما مثل أبوالفتوح الذى كان محبوبا أكثر مما ينبغى.

بعد أن أصبح مرسى رئيسا فى 30 يونيو، أعطى طنطاوى إشارة صريحة تكشف نيته فى الإطاحة به عن طريق مظاهرة حاشدة فى 24 أغسطس الماضى، لعب فيها توفيق عكاشة -أحد أبواق طنطاوى- دورا مهما وشجع علنا على قيام انقلاب عسكرى ضد مرسى. لكن مرسى كان أسرع وبادر فى 12 أغسطس بإلغاء الإعلان الدستورى ثم أقال طنطاوى، وعين بدلا منه، رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء -وقتها- عبدالفتاح السيسى. مرسى باختصار استبق الانقلاب العسكرى الوشيك ضده وأجهضه. لكن كيف تم ذلك؟ ولماذا لم يتوقع أى من المحللين هذا السيناريو؟
الإجابة حسب «بايبس» و«فرحات» تتلخص فى إغفال كثير من المحللين عنصرا مهما جدا وهو نفوذ ضباط الجيش المتعاطفين مع الإخوان. هؤلاء أثبتوا أنهم أكبر عددا وأكثر نفوذا مما تخيل الجميع. وحسب الباحثين فإن هؤلاء الضباط علموا بخطة «24 أغسطس» مسبقا وساعدوا مرسى فى إفسادها. ويضيف الباحثان أن الكثيرين كانوا يعرفون منذ زمن طويل بوجود ضباط متعاطفين مع الإخوان داخل الجيش، لكن الأشهر الثلاثة الماضية كشفت عن حجم نفوذهم الكبير داخل الجيش. و«على سبيل المثال، نحن نعرف الآن أن اللواء عباس مخيمر، الذى كان مكلفا بتطهير الجيش من أى عناصر ذات انتماءات إخوانية أو إسلامية كان هو نفسه متعاطفا مع الجماعة إن لم يكن عضوا فيها». ويضيف بايبس وفرحات أن الجماعة تنكر عضوية وزير الدفاع الحالى عبدالفتاح السيسى للجماعة. لكن أحد قادتها أقر أنه ينتمى إلى «أسرة الجماعة» غير الرسمية. والواقع «أن كثيرا من المسئولين الكبار الذى يدعمون الجماعة متعاطفون معها وليسوا أعضاء رسميين بها». موقع السيسى كرئيس للاستخبارات العسكرية مكنه من الحصول على معلومات حول «انقلاب 24 أغسطس». ونقل الباحثان عن المؤرخ على العشماوى قوله «إن السيسى تعقب المسئولين العسكريين الموالين لطنطاوى وقام بفصلهم».
وبالنظر للتاريخ، وجود هذه الشبكة داخل الجيش يجب ألا يكون مفاجأة كبرى، حسب دانيال بابيس المعروف بمواقفه «العدائية» للإسلاميين، فالإخوان اخترقوا الجيش فى الأربعينات من القرن الماضى ودعموا «الضباط الأحرار» الذين أطاحوا بالملك فاروق فى عام 1952. وبعد حظر الجماعة وملاحقتها من جانب النظام فى مصر فى الفترة بين عامى 1954-1974، أعاد الإخوان بناء شبكة من ضباط الجيش بطرق غير مرئية وغير معروفة للمراقبين الخارجيين، و«ثروت الخرباوى» -أحد قادة الجماعة السابقين - اعترف أن بعض أعضاء الجماعة «أصبحوا من كبار القادة فى الجيش».

ويشير الكاتبان إلى ما يشبه الصفقة بين الجيش والإخوان، فالمشير طنطاوى ورفاقه -على عكس حسنى مبارك- لن يٌزج بهم فى السجن، وعاد الجيش تحت قيادة السيسى لموقعه السابق أى ليلعب نفس الدور الذى لعبه طنطاوى مع مبارك، وهو ما يعنى أنه متحالف وموالٍ لمرسى دون أن يخضع بالكامل له، فالجيش ما زال يحتفظ باستقلال ميزانيته الخاصة وينفرد بالسيطرة على إمبراطوريته الاقتصادية ولا يتدخل أحد فى نظام الترقيات والإقالات الخاصة به. وفى المقابل انسحب الجيش من الحياة العامة وفقد النفوذ السياسى الذى كان يتمتع بها لمدة عام ونصف بعد الإطاحة بمبارك.
ويختتم الباحثان تحليلهما بالتأكيد على أن مستقبل الرئيس مرسى غير واضح، فهو يواجه منافسة سياسية شديدة من جانب تيارات إسلامية أخرى، ويعانى من أزمة اقتصادية رهيبة. ويعتقد بايبس وفرحات «أن وجود مرسى فى السلطة اليوم له فوائد كبيرة له وللجماعة على المدى القصير، لكنه يقوض مستقبل الإخوان سياسيا على المدى الطويل».