2024-11-28 05:49 م

إمبراطورية «فايسبوك» نحو مزيد من السيطرة

2015-03-28
في عامه الحادي عشر، بات «فايسبوك» (الموقع) أكثر نضجاً، أما «فايسبوك» (كمؤسسة) فباتت أكثر حضوراً وتأثيراً وفاعلية وسيطرة. والتغييرات التي كشف عنها مؤتمر «فايسبوك» للمطوّرين (F8 conference 2015) يومَي 25 و 26 مارس/آذار الجاري، تلقي الضوء على خطّة طموحة لتحوّل كبير سيصبح فيه «فايسبوك» إطاراً متكاملاً «يعيش» فيه المستخدمون، ويمارسون نشاطاتهم في الواقع الافتراضي، في محاولة لنقل مفهوم «انترنت الأشياء» الشائع ليصبح نوعاً من ««فايسبوك» الأشياء».
إضافات وتحوّلات
في المؤتمر الذي حضره أكثر من ألفي خبير ومطوّر، استعرض مؤسس «فايسبوك» مارك زوكربرغ، كالعادة، أرقامه الكبيرة، على مستوى الأرباح والمستخدمين والشراكات. ينطلق زوكربرغ دوماً من حقيقة راسخة، أنّه يمتلك الموقع الاجتماعي صاحب أكبر حجم من بيانات المستخدمين في العالم. ومن هنا، بدا واضحاً اهتمامه بزيادة تحكّمه بالمحتوى الإعلامي الرقمي الذي يُنشر عبر جدران «فايسبوك» وصفحاته (تصل نسبة هذا المحتوى إلى 40 في المئة من مجمل ما ينشر على الشبكة). وذلك ما يبرّر اهتمام مؤسسات إعلاميّة مثل «هافنغتون بوست»، و «نيويورك تايمز»، و «بازفيد»، و «ناشونال جيوغرافيك» بتنسيق التعاون مع الموقع الأزرق. وفي تحوّل وصفته بعض المواقع الأميركيّة «بصفقة قد تغيّر صناعة الأخبار»، سيقوم «فايسبوك» باستضافة مقالات أصيلة من تلك الصحف أو المواقع، ما يمنحها مساحة أكبر للانتشار، مقابل نيل المؤسسات الإعلاميّة حصّة من العائدات الإعلانيّة.
أبرز التغييرات التي تمّ الإعلان عنها في مؤتمر المطوّرين، إضافة إمكانيّة نسخ كود تضمين الفيديوهات المنشورة على صفحات «فايسبوك»، لإعادة نشرها في منصّات أخرى مثل المواقع والمدوّنات، وذلك ما عدّه المتابعون بداية لمنافسة كبيرة مع «يوتيوب»، وإن كان «فايسبوك» قد كرّر مراراً عدم نيّة الخوض في منافسة من هذا النوع، أقلّه في الوقت الحالي. هذا بالإضافة إلى تقديم دعم لفيديوهات 360 درجة داخل شريط الأخبار (نيوز فيد) على صفحة المستخدم.
كما نال تطبيق التراسل «ماسنجر» الخاص بـ «فايسبوك» (يستخدمه 600 مليون شخص شهرياً)، حظّه من التغييرات الجوهريّة، فقد بات منصّة متكاملة تضمّ متجراً للتطبيقات المدمجة داخل التطبيق ذاته، يصل عددها إلى أربعين تطبيقاً، يمكن تحميلها لتعطي المستخدم ميزات متنوّعة للتحكّم بالمحتوى المتبادل من خلال التراسل. وذلك ما ينقلنا من المستوى الشخصي (للمستخدم الفرد) لمستوى أحدث وأعقد من تطبيق التراسل، وهي منصة تدعى «ماسنجر للأعمال»، وهي تتيح التواصل مع الشركات ومنصات الأعمال والمواقع المتخصّصة وتبادل البيانات، إضافةً إلى دمج أيقونة التطبيق في مواقع تجاريّة على الانترنت للشراء المباشر، كلّ هذا من دون مغادرة التطبيق ذاته إلى منصّة أخرى.
«فايسبوك» الأشياء
تخلّل مؤتمر «فايسبوك» للمطوّرين، الكشف عن تغيير هام آخر في منصة التطوير PARSE التي استحوذ عليها «فايسبوك» في العام 2013، والتي ستتيح تحقيق مفهوم «انترنت الأشياء» بما يعنيه من ربط المعلومات والبيانات والخدمات المطلوبة التي ستشمل كل شيء، بما تعنيه هذه الكلية.
أما بالنسبة للمطوّرين المهتمين بالتسويق على الانترنت، فكشف «فايسبوك» عن خدمة تحليلية للبيانات، تضمّ تطبيقات تمكّن خبراء التسويق من الوصول لبيانات دقيقة للفئات «المستهدفة» من المستخدمين، بحسب التصنيف المراد البحث فيه وتطويره. أما شركة LiveRail التي استحوذ عليها «فايسبوك» في العام الماضي، فهي تستعد لإعادة تنشيطها كشبكة إعلانية باستراتيجيات تسويق متطورة.
بالنظر لهذه التغييرات وما يعدنا «فايسبوك» في تنفيذه، يبدو أنَّ الموقع يسير بقوّة نحو السيطرة (وامتلاك) كلّ ما يمكن أن يفعله المستخدم على الانترنت. اليوم، بات الموقع يسيطر على شبكة اجتماعية شاملة، من خدمات التراسل (بما في ذلك تراسل الأعمال)، والإعلان، والدفع الالكتروني، والتجارة على الانترنت، والواقع الافتراضي (عبر «أوكولوس ريفت»)، والألعاب، والفيديو، والصور، ومنصة «بارس» التي ستكون الذراع التي يمسك بها «فايسبوك» تفاصيل الحياة اليومية... لتصبح «انترنت الأشياء» بالفعل، نوعاً من «فايسبوك» الأشياء، وذلك ما سيؤثّر بشكل أكيد على المحتوى الذي يصل إلى مستخدم الانترنت الذي سيكون، أكثر من أي وقت مضى، في قبضة الموقع الأزرق.