2024-11-26 05:34 م

عيون وآذان الاستخبارات الأمريكية في العالم العربي

2015-03-07
في الحملة ضد جماعة الدولة الإسلامية، قد يكون فيصل الشوبكي الجاسوس الأكثر أهمية في العالم، رغم أن معظمنا لم يسمع عنه.

وعندما نفكر في وكالات التجسس القوية، نميل عادةً إلى التفكير في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، الموساد الإسرائيلي، أو حتى KGB الاتحاد السوفييتي. ولكن ما تبين الآن هو أن الأردن، وهي المملكة الهاشمية الصغيرة في الشرق الأوسط، طورت جهازًا استخباراتيًا ذا قيمة عالية أيضًا.

وهذا الجهاز يدعى بمديرية المخابرات العامة GID، أو المخابرات. وبعيدًا عن الطائرات بدون طيار، ما يجعل المخابرات فعالة جدًا، وذات قيمة عالية بالنسبة للحلفاء مثل الولايات المتحدة، هو قدرة هذا الجهاز على جمع الاستخبارات البشرية.

وقد وجدت مديرية المخابرات الأردنية نفسها في موقع محوري بالنسبة للحرب ضد الدولة الإسلامية، وهي التنظيم الذي ارتكب سلسلة من جرائم القتل الوحشية، بما في ذلك، حرق الطيار الأردني الذي جذب اهتمامًا عالميًا في فبراير الماضي.

ويرسل مدير هذه الوكالة، وهو الشوبكي، تقاريره مباشرةً إلى الملك عبد الله. وتتلقى أجهزته الأمنية مئات الملايين من الدولارات سنويًا من قبل الولايات المتحدة، ويمتلك رجاله عقودًا من المعرفة المؤسسية والاتصالات في جميع أنحاء المنطقة. وبالنسبة للولايات المتحدة، تعد مخابرات الأردن الآذان والعيون الأكثر موثوقية في المنطقة.

واستمرت الولايات المتحدة والأردن بالعمل بشكل وثيق مع بعضهما البعض منذ اشتعال الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011. وكونها تقع في قلب الشام، إلى الجنوب من سوريا، الشرق من “إسرائيل”، وغرب العراق، تعد الأردن صديقة لها قيمة استراتيجية هائلة بالنسبة للولايات المتحدة. وقد خدم هذا البلد أيضًا كنقطة انطلاق مركزية لعمليات الجيش الأمريكي والقوات الخاصة.

وقامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتدريب مقاتلي المعارضة فوق الأراضي الأردنية، لمواجهة الرئيس السوري بشار الأسد أولاً، ولاحقًا، من أجل شن هجمات ضد جماعة الدولة الإسلامية.

وتتجاوز إمكانات الأردن عامل الجغرافية فقط. وفي حين يمتلك الجواسيس الأمريكيون التكنولوجيا الفائقة التي تساعدهم على تتبع الحركات الإرهابية عبر الأقمار الصناعية واعتراض مكالمات الهاتف المحمول، إلا أنهم يفتقرون لقدرة العمل على أرض الواقع، وهو ما يعد سلبيًا جدًا بالنسبة لقدرتهم على تنفيذ أهدافهم.

وكما يقول ديفيد شينكر، وهو من كبار المساعدين السابقين في وزارة الدفاع: “إن الأردن تجلب الكثير مما يسمى بالذكاء البشري إلى الطاولة. إنها تساعد في مراقبة تدفق المقاتلين عبر الحدود لإثارة الجهاد في سوريا“.

ويشير النقاد، وهم كثر، إلى أن المملكة تكرس الكثير من موارد استخباراتها في التجسس على شعبها. ولم يحصل جهاز الشرطة السرية الأردني على أي أوسمة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، بل وتتهم المخابرات بانتظام بتعذيب السجناء، وإسكات المعارضة.

ولكن، هذه الانتقادات لم تمنع الولايات المتحدة من الاستمرار في شراكتها مع المخابرات الأردنية. وعلى عكس وكالات التجسس العربية الأخرى، تمتلك دائرة المخابرات العامة الأردنية علاقة سهلة ومتينة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

ويقول رويل مارك جيريشت، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والذي عمل ذات مرة في وكالة المخابرات المركزية ويعمل الآن في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن “مثل هذه العلاقة غير متوفرة في العديد والعديد من الأماكن في العالم العربي“.

وتعود جذور العلاقة الاستخباراتية بين الولايات المتحدة والأردن إلى الخمسينيات، عندما بدأت الولايات المتحدة بتزويد المملكة بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية، كمكافأة لسياستها المؤيدة للغرب. وفي مذكراته، يتذكر رئيس مركز وكالة المخابرات المركزية في المملكة السابق، جاك أوكونيل، أول لقاء له مع العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، بعد فترة وجيزة من وصوله إلى عمان، ويكتب: “سألته عما إذا كان بإمكاني لقاء رئيس جهاز مخابراته لإقامة علاقة عمل معه، فأجابني: إنك تنظر إليه الآن“.

ولم تشهد الشراكة الموجودة حاليًا بين الدولتين انطلاقتها الحقيقية حتى التسعينيات، عندما تخلت الأردن عن صدام حسين ووقعت معاهدة سلام مع إسرائيل. ويقول خبراء الاستخبارات إنه خلال 11 سبتمبر، والحرب على العراق، والآن المعركة ضد جماعة الدولة الإسلامية، كانت الدولتان وخدمات التجسس فيهما تعملان كفريق واحد تقريبًا. وعندما قتلت القوات الأمريكية زعيم تنظيم القاعدة في العراق، أبا مصعب الزرقاوي، في عام 2006، كان مدير المخابرات الأردنية هو من قدم المعلومات اللازمة لتنفيذ العملية، وفقًا لتقارير متعددة نشرت في ذلك الوقت.

ولم يكن هذا التعاون ناجحًا دائمًا بالطبع. وتحملت وكالة المخابرات الأردنية جزءًا من المسؤولية عن واحدة من النكسات الأكثر تدميرًا بالنسبة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلال العقود الماضية، عندما عرفت هذه الوكالة أعضاء الاستخبارات المركزية إلى عميل أردني قام في نهاية المطاف بتفجير موقع للـ CIA في أفغانستان.