الأزمة السورية بكل خلفياتها السياسية و العسكرية لا يمكن أن تكون وليد حدث بدء من مدينة درعا و امتد إلى بقية المناطق السورية وفق نظرية « الربيع العربي» إن صح القول بأن هذا الربيع موجوداً أصلاً.
وثائق ويكليكس التي تسرب فضائح الإدارة الأمريكية و مخابراتها، تضاف إلى جملة ما سربه العميل السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكية «إدوارد سنودن» و ما اعترفت وزير الخارجية الأمريكية السابقة «هيلاري كلينتون» في مذكراتها التي نشرت في كتاب حمل اسم «الخيارات الصعبة».
الوثائق التي تناقلتها وكالة الأنباء عن ويكليكس كشفت عن إن وزارة الخارجية و المخابرات الأمريكيتين، عملتا على التخطيط لما يحدث اليوم في سوريا منذ العام 2001، والخطوة الأولى كانت عبر توظيف شباب سوريين في السفارات والقنصليات ومنحهم رواتب عالية جدا من قبل المخابرات الأمريكية، وكان لمعظم هؤلاء الموظفين ارتابطاتهم الأمنية و تسحب المعلومات دون أن يحسوا، وكانت المخابرات الأمريكية قد اشترت كميات كبيرة من الحواسب و وزعتها على المجموعات التي تتبع لها.
الوثائق تحدثت أيضاً عن بدء العمل على تنظيم شبكة جواسيس في سوريا عن طريق شركة «google»، عبر قسم الخرائط في الشركة التي تعد واحدة من عمالقة الصناعة البرمجية و التي تمتلك واحدة من أكبر حواضنها البرمجية داخل الأراضي الفلسطيني التي يسيطر عليها الكيان الإسرائيلي، فالوثائق تؤكد أن عملية تنظيم هؤلاء الجواسيس بدأت بتاريخ (26-3-2009)، و عبر مؤتمر عقد في مدينة زيورخ السويسرية بدأ عمل هذه المجموعة بتمويل ضخم من المخابرات الأمريكية، و اختص عمل هذه المجموعة في المرحلة الأولى على تحديد الأماكم الأنسب للإعتصامات و المظاهرات، و أكثر المناطق العسكرية قابلية للسيطرة عليها من قبل الميليشيات المسلحة، و ذكرت الوثائق اختصاراً بالأحرف الأولى لـ اسمي شابين سوريين هما (ا.ن) و (ع.د)، و هما مقيمين في دمشق، وكشفت الوثائق المسربة من قبل ويكيليكس أيضاً، أن عمل هذه المجموعة يعتمد على الإحداثيات الدقيقة لمكاتب ضباط المخابرات ليتم التجسس على الاتصالات عن طريق الأقمار الصناعية، وأشارت الوثائق أنه لحد الآن مازال هؤلاء الجواسيس يقبضون رواتبهن ومنهم مازال في دمشق، كاشفةً أيضاً أن أهم ما وضعته هذه الصور الفضائية مخطط وضع لسلسة تفجيرات تستهدف دمشق من عام 2010 .
وأوردت الوثائق معلومات عن تحرك للغواصة الأمريكية فيلاديلفيا (USS Philadelphia SSN-690)، في تاريخ 2 آب/ اغسطس بنفس يوم اغتيال العميد محمد سليمان الذي كان من المخططين لحرب لبنان بالتعاون مع عماد مغنيه ، وبعدها انتقلت الغواصة الأمريكية إلى السواحل التركية بتعاون كامل مع المخابرات التركية والإسرائيلية .
أزمة منطقة عرسال اللبنانية كانت أيضاً ضمن ما كشفت وثائق ويكليكس النقا ب عن تفاصيله، فقد أكدت كل الوثائق أنها أهم مكان بالحرب على سوريا وفيها مخازن للأسلحة كان يعد لها من عام 2008. الوثائق أكدت أن المخابرات الامريكية استقدمت مقاتلين من حركة «خلق» الإيرانية، و زجت بهم في مناطق من محافظة درعا ليقوموا بقتل العشرات من المواطنيين المدنيين على أساس إنهم من عناصر «الحرس الثوري الإيراني» وذلك مع بدء الأزمة السورية في العام 2011، مع وجود مقاتلين تابعين لتنظيم القاعدة في العراق، بهدف مساندة مقاتلي «خلق » لتنفيذ المهام التي كلفوا بها. كما كشفت الوثائق عن مئات المراسلات التي تدل تنسيق عالي بين الإدارة الأمريكية مع أمير قطر السابق «حمد بن ثاني»، و الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، و بدأت منذ العام 2006، توجه من خلالها الإدارة الأمريكية كل منهما بضرورة كسب صداقة الرئيس السوري بشار الأسد، لتحديد أمكان إقامته و التقرب بشكل شخصي لكشف كل مخططات الجيش العربي السوري بحجة المساهمة في تمويل الجيش و المقاومة اللبنانية.
كما قالت الوثائق أن الحكومة القطرية حاولت تقديم مغريات اقتصادية لدمشق مقابل التخلي عن المقاومتين اللبنانية و الفلسطينية، لكن وثائق و يكيليكس أكدت أن الرئيس السوري رفض كل المغريات المقدمة له من قبل الأمير القطري، دون أن يقدم أي تنازلاً أو أي معلومة حول أمن المقاومة و حزب الله.