2024-11-25 10:23 م

تخبط اسرائيلي بشأن الوضع الأمني في القدس * الانشغال العربي والانقسام الفلسطيني توفير لفرص تهويد المدينة

2014-11-12
القدس/ المنــار/ كتب محرر الشؤون الاسرائيلية / ترى اسرائيل أن المرحلة الراهنة اقليميا وفلسطينيا مناسبة لاتخاذ عشرات القرارات الهادفة الى تهويد المدينة المقدسة، واسرائيل التي تسرع من اجراءاتها التهويدية في المدينة وتغيير الواقع القائم في المدينة المقدسة وبالتحديد في منطقة الحرم، لم تكن تتوقع أن تكون هناك هبة شعبية تنطلق من القدس المحتلة، حيث كانت الأعين الاستخبارية والعسكرية الاسرائيلية تتطلع الى ساحة الضفة الغربية بعد أن تم انهاك ساحة قطاع غزة في حرب فشلت اسرائيل في أن تكون فيها صاحبة الكلمة الاخيرة والمتحكم بمجرياتها، وهذا باعتراف كبار القيادات العسكرية التي تؤكد في لقاءاتها واجتماعاتها أن ما حدث في قطاع غزة لم يكن متوقعا ابدا، فالمقاومة الفلسطينية هناك نجحت في ادخال كامل المناطق الاسرائيلية في دائرة التهديد الصاروخي وهذا أمر له رمزية خطيرة بالنسبة لاسرائيل، لكن بعد جولة القتال الاخيرة والتي لن تكون بالتأكيد النهائية ، هناك فسحة من الوقت يمكن لاسرائيل استغلالها في رسم بعض الملامح التي ترغب في فرضها بالقدس في ظل الاجواء الاقليمية والمحلية الفلسطينية. أما بالنسبة لساحة الضفة، يبدو أن التقديرات الاسرائيلية كانت صادقة الى حد كبير ، خاصة وأن ما نشهده من مناوشات هنا ومناوشات هناك ، لا تقترب الى درجة الاشتعال الكامل ، لكن هذا لا يعني أن الأجواء غير مرشحة للتصاعد. لكن يبقى التركيز الاسرائيلي على ما يجري في القدس، فزيادة مستوى اللهب مرتبط بما يجري في هذه المدينة التي تشهد اجراءات تصعيدية اسرائيلية غير مسبوقة تدفع باتجاه انفجار هائل للوضع الأمني.
و اسرائيل تدرك أن هناك مخاطرة أمنية كبيرة والعديد من المسؤولين الامنيين والعسكريين فيها يتخبطون في تصريحاتهم وتقديراتهم لمستقبل الوضع الأمني في المدينة، فالاسرائيليين فشلوا في تقدير الموقف بصورة حقيقية بعد حادثة قتل وحرق الفتى الفلسطيني الشهيد محمد أبو خضير على ايدي مجموعة من المستوطنين في احد أحراش المدينة ، فاشتعال فتيل التدهور الأمني الذي تعيشه المدينة بدأ في حينه ولم يتوقف هذا الاشتعال رغم تراجع حدة المواجهات ، قبل أن تأتي الاجراءات الاسرائيلية بحق المسجد الاقصى لتشعل المواجهة من جديدة وبصورة أوسع وأعنف.
وهناك تطور في الاساليب الفلسطينية لمواجهة العنف الاسرائيلي، من تنامي ظاهرة عمليات "الدعس" الى عمليات "الطعن" ، وبالنسبة للاخيرة فان اسرائيل تحاول تشويه صورة المقاومة الفلسطينية من خلال محاولة ربط هذه الظاهرة ـ استخدام السكاكين ـ بما يجري من عمليات ذبح يقوم بها التنظيم الارهابي " داعش" في العراق وسوريا، والادعاء بأن الشباب الفلسطيني الذي يقوم بهذه العمليات قد تأثر بمشاهد القتل في العراق وسوريا، لكن الحقيقة أن هذه العمليات ، حسب ما يفسرها بعض المراقبين، ما هي الا مرحلة انتقالية نحو انزلاق الوضع الأمني الى اشتباك تدخل فيه الاسلحة النارية وعمليات التفجير، رغم أن مثل هذه العمليات تعتبر معقدة ولا يمكن تنفيذها بسهولة في ضوء النشاطات الاستخبارية التي تقوم بها العديد من الاطراف للحيلولة دون وقوعها. وهي على عكس العمليات الفردية التي نشهدها حتى اليوم والتي تقف الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية مكتوفة الايدي غير قادرة على مواجهتها والحيلولة دون وقوعها.
وعلى الرغم من أن هناك ترابطا بين الأجواء التي تبشر بانتخابات مبكرة في اسرائيل وبين هذا الكم الهائل من القرارات والاجراءات الاسرائيلية المستفزة للفلسطينيين الا أن هذه القرارات كانت ستتخذ حتى لو لم تكن هناك ملامح انتخابات مبكرة في الافق، فالاعتقاد في اسرائيل أن الانشغال العربي والانقسام الفلسطيني يوفر لاسرائيل فرصة قد لا تتكرر لفرض واقع جديد في القدس
والاجراءات الاسرائيلية بشأن المسجد الاقصى، ليست اجراءات تتجاوب مع واقع أمني كما يحاول الجانب الاسرائيلي التأكيد عليه، بل هي تأتي في اطار خطة معدة مسبقا يتم تغذيتها وتجديدها بشكل دائم حسب المستجدات، وهناك اليوم مقترح بتسليم شركات حراسة اسرائيلية مسؤولية "تأمين" أبواب الحرم القدسي واستخدام وسائل الكترونية ووسائل للكشف عن الاسلحة على جميع ابواب الحرم في محاولة لضبط الوضع الأمني داخله واقامه بوابات حديدية تحدد بوابات الدخول الى باحات الحرم القدسي وبوابات اخرى للخروج منه.
وهناك ضرورة فلسطينية للاتفاق على شكل الهبة الشعبية التي بدأت تتصاعد بصورة تربك حسابات اسرائيل والعديد من الاطراف الاخرى في المنطقة، فلا يمكن الحديث عن تبني المقاومة الشعبية على أن تكون هذه المقاومة عبارة عن "وقفات" اسبوعية رمزية ـ رغم أهميتها ـ أمام هذه البوابة أو تلك على طول جدار الفصل، فمثل هذه الوقفات لا يمكن أن تشكل ضاغطا حقيقيا يدفع اسرائيل الى وقف انتهاكاتها واجراءاتها ، فاسرائيل بامكانها التعايش مع بؤرة توتر هنا وبؤرة توتر هناك، في توقيت معروف مسبقا وبأعداد محدودة.
وعلى المستوى السياسي الفلسطيني أن يلتفت سريعا الى ما يجري من تطور للهبة الشعبية التي من الممكن أن تتحول الى انتفاضة شعبية عارمة ، وأن تحاول البحث عن كيفية استغلال هذه التضحيات التي يقدمها الفلسطينيون سواء في القدس او في بعض مناطق الضفة الغربية من أجل تحويلها الى روافع ضغط في مواجهة اسرائيل وتحقق انتصارات سياسية.