2024-11-25 01:49 م

من ملفات الـ CIA .. واشنطن ولندن خططتا لإسقاط سورية بالتعاون مع الإخوان منذ 57 عاما

2014-08-10
أظهرت الأحداث والوقائع التى يمر بها الوطن العربى على وجه الخصوص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام أن المنطقة ودولها وشعوبها تحولوا إلى ضحايا لمخططات ومؤامرات، حيكت بدقة وعناية فى أروقة اتخاذ القرار وأجهزة المخابرات بالدول الكبرى.

وكان من المؤسف أن تضمنت المخططات التى يتم الكشف عنها تدريجيا عمليات تبنتها الدول الكبرى لاستخدام القوى المسلحة المتشحة بالدين فى تنفيذ مخططاتها منذ عام 1957! وقد تم نشر سيناريو مشروع الخلافة فى وثائق المخابرات الأمريكية منذ عام 2004 والذى تبلور على أرض الواقع متخذا هيئة تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام الذى وصف نفسه بـالدولة الإسلامية وأعلن قيام الخلافة على الأراضى التى استولى عليها بكل من سوريا والعراق! ففى خضم نشوة نجاح الولايات المتحدة وبريطانيا فى غزو العراق عام 2003 سربت صحيفة الجارديان البريطانية وثيقة تفيد بوجود مخطط أمريكى بريطانى مشترك قديم لإسقاط سوريا وغزوها فى عام 1957 بمساعدة الإخوان المسلمين .

فعندما حل خريف عام 1957 ناقش كل من دوايت أيزنهاور، الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت، وهارولد ماكميلان، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، السبل والمخططات المطروحة لإسقاط الحكم فى سوريا وغزوها بعد نمو مشاعر العداء للغرب فى سوريا وتزايد ميلها نحو الإتحاد السوفيتى بدرجة أقلقت الأمريكيين والبريطانيين. ولم يكن الخوف البريطانى نابعا من فراغ بل جاء بعد التجربة المريرة لهم فى حرب السويس عام 1956 (العدوان الثلاثى)، وفشل لندن فى استعادة قناة السويس.

كما تصاعد قلق أمريكا من حدوث تحول سورى نحو المعسكر الشرقى بعد الانقلاب الذى أطاح بحكومة أديب الشيشكلى فى سوريا عام 1954 لتصبح البلاد فى يد اتحاد ضم سياسيين ينتمون لحزب البعث والحزب الشيوعى وقيادات فى الجيش السوري. وخشت واشنطن من انتشار عدوى الثورة والمد العروبى من دمشق إلى الدول المجاورة، مما يهدد بانهيار أنظمة عربية موالية للغرب فى تلك الفترة، بالإضافة إلى سيطرة سوريا على أهم أنبوب لنقل البترول العراقى عبر أراضيها فى طريقه إلى تركيا.

الخطة التى جاءت بالوثائق التى تم تسريبها عام 2003 وضعها رئيس مكتب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للشرق الأوسط، كيرميت روزفيلت، الذى حدد القادة السوريين الثلاثة الذين قرر الأمريكيون والبريطانيون التخلص منهم لأنهم كانوا القوة الحقيقية وراء رئيس سوريا وهم: عبدالحميد السراج رئيس المخابرات العسكرية السورية، وعفيف البزرى رئيس أركان القوات السورية، وخالد بكداش زعيم الحزب الشيوعى السورى.

أما خطوات التنفيذ التى جاءت بالوثيقة فكانت:
1 - فور اتخاذ القرار السياسى بإيجاد أحداث شغب داخل سوريا، فإن المخابرات الأمريكية (سي. آي. إيه) والمخابرات البريطانية إس. أي. إس (إم آى 6) ستحاولان شن بعض الأعمال التخريبية والقيام بانقلاب عسكرى داخل سوريا، والتعاون مع عملاء فى الداخل.

2 - العمل على عدم تركز الحوادث (التخريب والشغب والاغتيالات) فى العاصمة دمشق وحدها، وأن تتخذ احتياطات شديدة لتجنب وجود أى سبب يدفع الحكومة السورية إلى اتخاذ إجراءات إضافية لحماية الشخصيات القيادية.

3 - عند تهيئة أجواء الخوف الضرورية، يتم اختلاق حوادث ومصادمات حدودية لتبرير تدخل القوات العسكرية للأردن والعراق (حيث كان الأردن يميل إلى الغرب والعراق عضوا بحلف بغداد). إظهار سوريا (أمام العالم) على أنها راعية للمؤامرات والتخريب والعنف الموجه ضد البلدان المجاورة (الأردن والعراق).
وعلى أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية أن تستعمل إمكانياتها السيكولوجية والعملية على الأرض لخلق التوتر. وهو ما يعنى القيام بعمليات عدائية وتخريبية ضد الأردن والعراق ولبنان للوقيعة بين الأطراف العربية.

4 - القيام بتمويل لجنة أطلق عليها اسم لجنة سوريا الحرة، وتسليح ميليشيات لفصائل سياسية داخل سوريا. وممارسة أعمال مخابراتية لإشعال تمرد داخلى.

وكان الهدف من المخطط هو الإطاحة بالحكومة السورية ذات التوجه البعثى العروبى والميول السوفيتية وتنصيب حكومة موالية للغرب ولحلف بغداد تتسم بالاستبداد وتمارس القمع ضد الشعب السورى الذى بدأ يميل نحو البعثيين والمد العروبى.

لكن فشلت الخطة السرية ولم تصل إلى مرحلة التنفيذ، لعدم القدرة على إقناع الدول العربية المجاورة بالقيام بالغزو خوفا آنذاك من ثورة شعوبها المتأثرة بالمد العروبي. وتعارض الاعتماد على تركيا وحدها مع مصالح الغرب.

وبالفعل تمكن حزب البعث السورى فى غضون شهور قليلة من السيطرة على السلطة، وأسرعت سوريا بالدخول فى الوحدة مع مصر بحلول فبراير عام 1958 مما قضى على سبل نجاح المخطط الأمريكى البريطانى تماما.
ظهرت أول تقديرات رسمية وسيناريوهات مستقبلية تتعلق بقيام خلافة فى منطقة الشرق الأوسط داخل تقرير لمجلس المخابرات الوطنى الأمريكى فى نهاية عام 2004 حينما كانت القوات الأمريكية قد أتمت بنجاح غزو العراق وبدأت فى التربص بسوريا. وقد وردت التقديرات بشأن قيام دولة الخلافة فى الصفحات من 83 وحتى 91 من التقرير الذى حمل عنوان رسم خريطة المستقبل العالمى 2020، وخلال شهور قليلة تمت مناقشة ذات التقرير وذات السيناريو فى مؤتمر مشترك بالعاصمة البريطانية لندن بين شاثام هاوس ومجلس الأمن القومى الأمريكى فى يونيو عام 2005.

ويقول سيناريو الخلافة الجديدة بظهور دولة خلافة فى الشرق الأوسط كمثال على الكيفية التى يمكن بها لحركة عالمية تغذيها سياسات الهوية الدينية الراديكالية أن تشكل تحديا للمعايير والقيم الغربية وللنظام العالمى. وبموجب هذا السيناريو، يتم إعلان الخلافة الجديدة وتشرع فى تعزيز أيديولوجية مضادة قوية تتمتع بجاذبية واسعة النطاق. ويبذل الخليفة - أحد أحفاد أسامة بن لادن - جهدا كبيرا فى محاولة لانتزاع السيطرة من الأنظمة التقليدية، وتظهر حالة النزاع والارتباك التى تنجم عن ذلك سواء داخل العالم الإسلامى ذاته أو بين العالم الإسلامى والغرب ودول مثل روسيا والصين.

وأشار السيناريو إلى وجود تلك الخلافة فعليا بحلول عام 2020. وأن الخليفة سينشر دعوته فى إفريقيا وآسيا مما يحدث اضطرابات هائلة فيهما. ووفق السيناريو المقترح ستسقط تلك الخلافة لفشل الخليفة فى فرض سيطرته الروحية والدنيوية فى الشرق الأوسط بداية من ساحل البحر وصولا إلى وسط وجنوب شرق آسيا. وقد تم عرض التقرير على البيت الأبيض والكونجرس والبنتاجون قبل أن يناقش مع الشركاء الاستراتيجيين الأنجلوساكسون فى بريطانيا.

وتجدر الإشارة إلى أن السيناريو الذى تم نشره كتوقعات خيالية بدأ فى التحول إلى واقع ملموس منذ عام 2006 بخطوات تنفيذية دقيقة تحظى بدعم مالى وتسليحى ولوجى ستى ومعلوماتى هائل موجه إلى الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) عام 2013 التى تحولت إلى الدولة الإسلامية وأعلنت الخلافة فى الأول من يوليو 2014.

وهكذا بدا من الواضح أن هناك من يحاول أن يحرك الأحداث عنوة فى المنطقة نحو مخططات وسيناريوهات مرسومة مسبقا تتفق نتائجها النهائية مع مصالح الدول التى وضعتها وبذلت جهدها فى تحويلها إلى أمر واقع على حساب مصالح ومستقبل شعوب المنطقة العربية ودولها. ولا يبقى أمام المتضرر سوى اللجوء إلى الإتحاد لتحقيق القوة الكفيلة بفرض مصالح العرب ومستقبلهم على مختلف القوى والمخططات والسيناريوهات.