2024-11-28 01:01 م

النمل المجنون يهزم نمل النار

2014-02-15
"النمل المجنون يتحدى نمل النار" . . هذه ليست رواية خيالية تعرضها شاشات السينما، بل قصة واقعية عن نوعين من الحشرات يتقاتلان بشراسة على الأرض والغذاء .
يوجد نوعان من النمل يعيشان في أمريكا الجنوبية، وتحرص الولايات المتحدة على ألا ينتشرا فيها بوصفهما كائنات غير مرغوبة، ويتقاتل هذان النوعان بضراوة للاستحواذ على الغذاء وأماكن المعيشة في جنوب شرق الولايات المتحدة . هناك "النمل المجنون" وهو القادم الجديد في هذه المعركة ويتقاتل بشراسة مع "نمل النار"، إلا أن العلماء في جامعة تكساس وضعوا أيديهم على أسباب هذا التناحر .
يعيش نمل النار الأحمر في المناطق الاستوائية من أمريكا الجنوبية، ويعتبر من أشرس الحشرات التي عرفها الإنسان إذ يمكنه أن يلدغ ضحيته - بعكس الحشرات الأخرى التي تلدغ مرة واحدة ثم تتوقف أو تموت - مرات عدة تصل إلى خمس مرات في الثانية الواحدة لينفث فيها سموماً فتاكة تصيبها بالشلل وقد تجهز على الإنسان . وسمي نمل النار بلونيه الأحمر والأسود بهذا الاسم لقدرته الخارقة على العيش وسط درجات الحرارة اللافحة وحتى في النار نفسها إلى جانب لدغاته النارية المؤلمة التي يسببها للبشر والحيوانات على حد سواء .
ونمل النار حشرة سريعة الحركة عند الهجوم وينقض على فريسته بأعداد كبيرة وبأسراب يصل طول الفوج منها إلى ستة كلم قبل أن يشرع في التهامها على مهل . ويتغذى أساساً على النباتات والحشرات والحيوانات الصغيرة كالضفادع والسحالي، وعندما يلمس جسم الضحية تتوهج وتصاب بحروق من الدرجة الثانية والثالثة .
ووصل نمل النار إلى الولايات المتحدة في منطقة موبايل في ألاباما في ثلاثينات القرن الماضي بعد أن أكمل دورة حياته على ظهر السفن على ما يبدو ثم انتشر من هناك إلى جنوب شرق الولايات المتحدة .
أما "النمل المجنون" - وكان يعرف في السابق باسم نمل التوت البري - فهو مقاوم لمختلف أنواع المبيدات الحشرية المعهودة وحتى الصعقات الكهربية، بل إنه دأب في الآونة الأخيرة على مهاجمة مختلف الأجهزة الإلكترونية حيث يساعده على ذلك صغر حجمه وقدرته على الاختباء داخل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والتهام الاسلاك الرفيعة وإذا نفقت الحشرة بسبب الصعقات الكهربية فإن بقاياها الرمية تجتذب الآلاف من هذه الحشرة . وسمي النمل المجنون بهذا الاسم بسبب لون جسمه العسلي والطريقة المضطربة الغريبة التي يسير بها حين يجد ضالته من الغذاء، ووصل إلى منطقة انتشاره عام 2002 وتم تسجيله في منطقة قناة هيوستون الملاحية وفي فلوريدا .
وقالت دراسة نشرت نتائجها في دورية "ساينس" إن النمل المجنون يحظى بقدرة نادرة على إبطال مفعول سموم نمل النار إذ يطلق سموماً مضادة والترياق الخاص به تلتصق باجسام الحشرة بعد تعرضها لسموم نمل النار لينجح في حماية نفسه من شرور عدوه . وتمثل هذه المنظومة الدفاعية الكيماوية تعديلاً في قواعد لعبة سباق التسلح بين هذين النوعين من الحشرات . وقال اد ليبرون الخبير في الأنواع الحشرية المفترسة بجامعة تكساس "ربما يكون ذلك السبب الرئيس وراء انتشار النمل المجنون محل نمل النار في المناطق التي يغزوها الأخير" .
ويعيش النوعان في شمال الأرجنتين وباراغواي وجنوب البرازيل، ويعتقد العلماء أن النمل المجنون طور دفاعاته هناك منذ زمن طويل . ويهيمن نمل النار على مختلف بيئات ومناطق معيشة الأنواع الحشرية الأخرى من خلال نشر سمومه الناقعة الأكثر سمية من مبيد (دي دي تي) لكن حينما يتعرض النمل المجنون لهجوم فسرعان ما يلجأ إلى دفاعاته المضادة للسموم إذ يقف على أرجله الوسطى والخلفية ويفرز حمض النمليك (الفورميك) من غدة على جانب البطن ويغطي به جسمه ليبطل مفعول السم الزعاف لنمل النار .
وحتى يتمكن العلماء من قياس ورصد كيفية عمل حمض النمليك على أكمل وجه قاموا باستخدام طلاء الأظافر لإغلاق غدد النمل المجنون ووضعوه في أنابيب اختبار مع نمل النار . ودون الاستعانة بالدفاعات الكيماوية تعرض 48% من النمل المجنون المصاب بسموم نمل النار للنفوق وحين أعيد فتح غدد النمل المجنون نجا 98% منه .
وقال ليبرون إنه ما لم يحدث تطور مفاجئ فإن النمل المجنون سيحل محل نمل النار في معظم أرجاء جنوب شرق الولايات المتحدة ليصبح النوع الجديد المهيمن بيئياً . (رويترز)