شاكر فريد حسن
غيب الموت الفنانة التشكيلية المقدسية الشابة ريما أبو غربية وهي في قمة عطائها وزهرة شبابها ، اثر مرض لم يمهلها طويلاً ، بعد رحلة حياة قصيرة لكنها حافلة بالمعرفة والإبداع والتوهج والعطاء والانجاز الفني .
ريما أبو غربية من مواليد زهرة المدائن ، القدس ، عشقت الفن والرسم بالألوان منذ نعومة إظفارها ، ولفتت الانتباه بعد أن اشتركت بمسابقة للرسم عن طريق المدرسة ، ونالت حينها الجائزة الأولى عن رسوماتها . وفي العام 2000 حصلت على منحة لنيل شهادة البكالوريوس الدولية من كلية "لي بوتش" في هونكونغ ، ثم تخصصت في مجال الفنون التشكيلية إيماناً منها بأهمية الفن ودوره في نضال الأمم والشعوب المستضعفة من أجل الاستقلال والتحرر الوطني ، فالتحقت بجامعة النجاح الوطنية بنابلس وحصلت على بكالوريوس في الفنون الجميلة .
شاركت ريما أبو غربية في العديد من المعارض الفنية الجماعية في القدس ورام اللـه ، وفي الثاني من تشرين أول العام 2013 تحقق حلمها بإقامة أول معرض فني تشكيلي خاص برسوماتها تحت عنوان "أصل الحكاية "في مركز يبوس الثقافي في شارع الزهراء بالقدس ، استقطب جمهوراً واسعاً من القدس والمناطق المجاورة .
لوحات ورسومات ريما أبو غربية مستمدة من عالمها الذاتي ومن واقع الأحداث العام ، ومستوحاة من صميم الواقع الفلسطيني – السياسي والاجتماعي والثقافي ، ونجد فيها تجسيداً حياً وصادقاً للوجع الفلسطيني والمعاناة اليومية التي يعيشها أبناء شعبنا في المخيم وفي ظل الاحتلال والحصار القهري ، وتصور ملامح مدينتها الحزينة الباكية بأسوارها ومساجدها وكنائسها وأسواقها القديمة .
وفي هذه اللوحات تستخدم ريما مواد خام متنوعة كالزيت والاكريليك والرصاص والحبر الجاف وغير ذلك .
برحيل ريما أبو غربية تفقد الحياة الفنية الفلسطينية فنانة مميزة وقديرة ، وإنسانة معطاءة قديرة قدمت فناً فلسطينياً ملتزماً مجسداً القضايا الإنسانية بأبعادها المختلفة بصورة تعبيرية مميزة .
فرحمة اللـه على ريما أبو غربية ، التي خطفها الموت سريعاً قبل أن يكتمل مشروعها الفني الإبداعي التشكيلي ، وستظل في ذاكرة شعبنا وتاريخه الثقافي وسجل حركته الفنية .