2024-11-26 07:16 م

المقاطعة تهدد الاقتصاد الإسرائيلي

2014-01-21
حلمي موسى*
ارتفعت حدة السجال في إسرائيل حول مخاطر المقاطعة الاقتصادية للدولة العبرية جراء انعدام فرص تحقيق السلام في المنطقة وعدم حل القضية الفلسطينية. فقيادة الاقتصاد الإسرائيلي تستعد، على خلفية الاستعدادات لمؤتمر دافوس الاقتصادي، لتحذير رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من الأثر المدمر لانهيار المفاوضات السياسية على الاقتصاد الإسرائيلي. وتدور التخوفات حالياً بشكل أساسي حول مظاهر المقاطعة المتزايدة في أوروبا لإسرائيل وبضائعها واحتمال تفشي ذلك في العالم. ولكن وزير الاقتصاد نفتالي بينت، الذي يرأس "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، يؤكد أن حل الدولة الفلسطينية سيدمر الاقتصاد الإسرائيلي.
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس على صدر صفحتها الأولى مطالبة القطاع الاقتصادي لنتنياهو بوجوب التوصل إلى تسوية سياسية عاجلاً. وأوضحت أن نحو مئة من كبار رجال الاعمال الاسرائيليين – بمن فيهم رئيسة مجموعة "شتراوس" عوفرا شتراوس، ومدير عام "غوغل" اسرائيل مئير برناد، وموريس كهان من مؤسسي "أمدوكس"، ومدير عام "بيزك" آفي غباي، والصناعي غاد بروبر، والسفير السابق في الولايات المتحدة البروفيسور ايتمار رابينوفيتش، والسفير السابق في الامم المتحدة داني غيلرمان، ورجال الاعمال رامي ليفي، يوسي فاردي وبني لندا – سيصلون الى دافوس في اطار مجموعة غير سياسية تدعى "بي.تي.آي"، التي تَجْمَع المئاتِ من رجال الاعمال الاسرائيليين والفلسطينيين ممن يسعون الى دفع التسوية السياسية الى الأمام. موقفهم هو أن التسوية السياسية التي تقوم على أساس حل الدولتين، حيوية للمجتمع والاقتصاد لدى الطرفين.
وذكرت الصحيفة ان هؤلاء سيؤكدون من جديد في دافوس مطلبهم من نتنياهو، الذي سبق وعرضوه عليه الأسبوع الماضي، وجوهره انه "إذا كانت إسرائيل تريد اقتصاداً مستقراً، وتريد أن تتمتع بمستقبل أفضل وبتواصل النمو – فيجب التوصل الى اتفاق". ويضيفون ان "العالم بدأ يفقد الصبر والتهديد بالعقوبات على اسرائيل يتعاظم كل يوم. لدينا نافذة فرص مع وصول جون كيري الى المنطقة، ويجب استغلالها". وقد جرى تحذيره أساساً من مخاطر المقاطعة الأوروبية، التي بدأت على نطاق واسع مؤخراً، بإقدام صندوق الاستثمار الأكبر في هولندا على وقف استثماراته في إسرائيل. ويبدو أن الخشية الكبرى هي في المصارف الإسرائيلية، التي تمول مشاريع استيطانية في الضفة الغربية.
وكتب المعلق الاقتصادي لـ"يديعوت" سيفر بلوتسكر تحت عنوان: "إنه الاقتصاد يا نتنياهو"، شارحاً تقلبات الاقتصاد الإسرائيلي بين الازدهار في ظل اتفاقيات أوسلو والمخاوف الحالية من تدهور الأوضاع الأمنية وأثرها على الاقتصاد. وأشار إلى أن كبار رجالات الاقتصاد فهموا مؤخراً أنه لا يمكن لهم الوقوف جانباً، وأن موقفهم يخالف أطروحة نتنياهو القائلة إن بوسع إسرائيل الازدهار حتى من دون سلام مع الفلسطينيين، وان لا صلة بين الوضعين الاقتصادي والسياسي. وشدد على أن القطاع الاقتصادي يستفيق حالياً من وهم اقتصاد يزدهر من دون سلام ولو سلام جزئي وعملي.
ولكن وزير الاقتصاد نفتالي بينت حمل أمس في خطاب حماسي على رجال الأعمال هؤلاء، مؤكداً أن إسرائيل تتضرر من التسوية مع الفلسطينيين القائمة على حل الدولتين، ومطالباً بشن الحرب على دعاة التخويف من المقاطعة ممن يحاولون فرض السلام. وعرض بينت خرائط وبيانات تثبت، بحسب رأيه، أن "الدولة الفلسطينية ستحطم الاقتصاد الإسرائيلي".
وأضاف بينت إنه "في الأيام الأخيرة بتنا نشهد حملات وأصوات تتحدث عن الضغط الاقتصادي المتزايد على إسرائيل. وانه إذا لم تقسم إسرائيل الأرض، وتسلم العاصمة للفلسطينيين، فإن الضغط سيتعاظم. وأنا أقرر أن الواقع عكس ذلك". وشدد على "وجوب أن نفهم مرة وإلى الأبد أن يهودا والسامرة (الضفة الغربية) تسيطران على كل منطقة تل أبيب، عزرائيل، هرتسليا. كل مركز أعمال دولة إسرائيل. قوموا بنسخ ولصق. خذوا اسدود وانقلوها إلى مركز تل أبيب. خذوا سديروت والصقوها بهرتسليا. حينها سترون كيف ستكون دولة إسرائيل عندما يسقط صاروخ كل يوم في شارع شينكر في هرتسليا. اسألوا أنفسكم ماذا سيحدث عندما تسقط طائرة ولو مرة كل عام وهي تحاول الهبوط في مطار اللد. هذا سيحطم اقتصاد إسرائيل".
وأيا يكن الحال، فإن التهديد بمقاطعة إسرائيل بات ملموساً. وفي الشهر الماضي أعلن اتحاد يضم خمسة آلاف بروفيسور أميركي نيته مقاطعة الأكاديميا الإسرائيلية. وهذا الحدث هو واحد من أحداث متعددة وقعت مؤخراً وتهدد الاقتصاد والعلم في إسرائيل. وقد تجمعت مؤخراً عشرات الشركات التجارية الإسرائيلية المتضررة من مظاهر المقاطعة لبحث الظاهرة. وطبعاً على جدول الأعمال صفقات خسروها أو تهديدات بسحب استثمارات أجنبية فيها، خصوصاً إذا أقامت أي صلات مع شرائح في المستوطنات.
ومن الواضح ان الشركات الإسرائيلية التي أنشأت لها مقار في المنطقة الصناعية في مستوطنة "أرئيل" تشعر بالمقاطعة منذ أربع أو خمس سنوات عندما كانت لا تزال شعبية الطابع من جهات مؤيدة للفلسطينيين. واليوم بعدما اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارات ملزمة، صار الخطر أشد اتساعاً ليس فقط على منشآت داخل المستوطنات، وإنما أيضاً على جهات إسرائيلية تتعامل معها. وتقريباً هناك قناعة في أوساط رجال الأعمال بأن خلف ذلك قناعة عالمية متزايدة بأن الاستيطان يشكل عقبة جوهرية أمام تحقيق السلام.

*عن "السفير" اللبنانية