2024-11-25 02:45 م

حوار مع القاصة والروائية حوا بطواش

2013-11-29
حاورها : شاكر فريد حسن 
* منذ الصغر كنت أحب الجلوس الى طاولتي وممارسة الكتابة عن أمور كثيرة تشغل فكري ، وبالمقابل نشأ في نفسي حب المطالعة وقراءة الكتب التي كنت أجدها في مكتبة جدي الذي كان انساناً مثقفاً ، عاشقاً للقراءة 
*الكتابة هي هوايتي التي أحبها وأعتزّ بها حيث أعبر من خلالها عما يعتمل في صدري من أفكار ومشاعر 
* كتبت عن المرأة ، عن همومها وطرحت بعض مشاكلها في المجتمع 
* لا أحصر نفسي ضمن اطار بعينه بل أكتب من خلال تجاربي وتجارب الآخرين كما أراها 
* هناك ابطال عشت معهم ، تحدثت اليهم ، شاركتهم آلامهم وافراحهم ، مثل شخصية حسام في رواية "اختفاء رباب ماردين "
* في الآونة الاخيرة اتجهت لكتابة مقالات قصصية اجتماعية ، وقد أحببت هذا الأسلوب لانه يمكنني من التعبير عن ظواهر اجتماعية 
* للأسف ، الأدب المحلي لا يحظى باهتمام كبير من قبل القراء ، والدليل على ذلك هو عدم توفر كتب الأدباء المحليين في المكتبات 
* بعض النقاد يبالغون في ثنائهم لدرجة توحي بأن نقدهم هو مجرد مجاملة لا غير فيفقدون المصداقية 
* المرأة العربية في كثير من المناطق في بلادنا وفي العالم العربي ما زالت تعاني الى اليوم من ظلم المجتمع لها 
* المبدع احياناً كثيرة ، بحق وبغير حق ، لا يخلو من الأنانية والافتخار و"شوفة الحال" 
*للأسف ، بعض الكتاب يكتبون عن الجنس بطريقة تهدف الى دغدغة الغرائز ليحظوا بانتشار اعمالهم 
*بداية هل لك انت تعرفي القراء على نفسك ؟  
حوا بطواش، بدأت أنشر باسم حوا سكاس وغيرته منذ أشهر قليلة لأعود الى اسم عائلتي الأصلي الذي أعتز به، ولدت وأسكن في قرية كفر كما في الجليل الأسفل، تلقيت دراستي الابتدائية في مدرسة كفر كما ثم انتقلت الى المدرسة الأكليريكية "المطران" في الناصرة لإكمال دراستي الثانوية، وكان ذلك باختياري الشخصي، حيث أحببت تعلم اللغة العربية، فيما كان معظم الطلاب والطالبات من قريتي يكملون دراستهم الثانوية آنذاك في المدارس اليهودية في العفولة أو كدوري. اهتمامي باللغة العربية بدأ من خلال مشاهدتي لمسلسلات الكرتون في محطات التلفزيون العربية في طفولتي ثم الأفلام والمسلسلات العربية واستماعي للأغاني العربية وانكشافي لكتب جدي، رحمة الله عليه.
أكملت دراستي في جامعة حيفا في موضوع علم الاجتماع والتربية وأعمل الآن موظفة وأما لثلاثة أولاد.
بدأت أنشر قصصي القصيرة في صحيفة "كل العرب" ثم في المواقع الإلكترونية. صدر كتابي الأول "الرجل الخطأ" عن دار الغاوون في بيروت عام 2013 وهو يضم مجموعة من القصص القصيرة التي كتبتها في السنوات الأخيرة مثل:
"بنت من هذا العالم"، "تساؤلات بريئة"، "لن أعود"، "مذكرات عاملة في سوبر ماركت"، "الحب العتيق"، "المقهى" وغيرها... وقصتين طويلتين هما "الرجل الخطأ" و"أحلام كبيرة"
 *هل لك ان تعطينا صورة عن نشأتك الثقافية والأدبية وصولاً الى موقعك الحالي في حركة الابداع المحلي ؟

نشأت في بيئة تأتي فيها اللغة العربية بدرجة ثالثة أو حتى رابعة. ففي قريتي كفر كما لغتنا الأم هي اللغة الشركسية التي نتحدث بها بين بعضنا البعض، ثم اللغة العبرية، لغة التدريس في المدرسة، ثم تأتي اللغة العربية، لغة ديننا وجيراننا العرب، وبعدها اللغة الإنكليزية، اللغة العالمية. ولكنني وجدت في نفسي ميلا واهتماما خاصا منذ الصغر باللغة العربية والثقافة العربية بشكل عام. 
منذ الصغر كنت أنشغل كثيرا في الكتابة. ليس في كتابة القصص فحسب ولكن كنت أحب الجلوس الى طاولتي وممارسة الكتابة عن أمور كثيرة تشغل فكري. وبالمقابل نشأ في نفسي حب المطالعة وقراءة الكتب التي كنت أجدها في مكتبة جدي الذي كان إنسانا مثقفا، عاشقا للقراءة، وإذ رآني مهتمة بكتبه فرح جدا وأخذ يشجعني على القراءة فكان يختار لي من كتبه ما يناسب سني. القراءة كانت تحثني على الكتابة. 
كلما قرأت أكثر كنت أجد شيئا ما بداخلي يلح عليّ ويدفعني للكتابة. كان لدي ما أقوله بطريقتي الخاصة. كما كنت أحب كتابة يومياتي التي كنت أعبّر فيها عن أفكاري ومشاعري وأكتب عن المواقف التي تحدث معي أو المواضيع التي تشغلني. 
محاولاتي الأولى لكتابة القصة كانت في الرواية. ففي فترة المراهقة بدأت أكثر من قراءة الروايات المترجمة الى العبرية، والتي كنت أجدها في مكتبة قريتي، وذلك كان يدفعني لمحاولة كتابة الرواية ولكنني لم أكمل أي من رواياتي التي بدأت بكتابتها. وكنت آنذاك أكتب بالعبرية. ثم اتجهت الى الكتابة باللغة العربية، التي ظلت تلازمني رغم كل شيء بفضل محبتي لها وبفضل وجود كتب جدي بقربي، ولا أخفي فضل روايات إحسان عبد القدوس على ذلك أيضا فقد اكتشفت أنها محببة على قلبي لبساطة وسلاسة لغتها وللمتعة التي وجدتها في قراءتها. بعد ذلك اتجهت لكتابة القصص القصيرة لسهولة نشرها، فقد بدأت النشر في صحيفة "كل العرب" ثم في مواقع الانترنت وبدأت أتلقى ملاحظات وتعقيبات على كتاباتي والتي أفادتني جدا وشجعتني على الاستمرار في كتابة القصص القصيرة.

 • ما هو منهجك الخاص في الكتابة؟

الكتابة هي هوايتي التي أحبها وأعتزّ بها حيث أعبّر من خلالها عما يعتمل في صدري من أفكار ومشاعر . أحيانا أصادف موقفا معينا أو أسمع خبرا أو أشاهد مشهدا يحرك مشاعري ويحفزني على الكتابة. كتاباتي تمثل الحياة بكل ما فيها من حب وفرح وألم وحلم وحزن وظلم... ألقي الضوء عليها ولا أحاول إيجاد الحلول أو فرض آرائي بل أدع النهاية مفتوحة ليكملها القارئ كما يشاء ويتخيل، وأستفزه ليبحث عن حل لائق بنفسه.
منذ البداية أحب الكتابة بأسلوب الذات، أي بضمير المتكلم، ربما تأثرا بقراءاتي وبكتابة يومياتي. فهذا الأسلوب يجعلني أتماهى مع شخصياتي، أغور في أعماق نفوسهم وأعيش حالاتهم. أحب استخدام لغة بسيطة، واضحة، سلسة وقريبة من اللغة الدارجة، خاصة خلال الحوارات بين الشخصيات. أحب توظيف الحوار في كتاباتي، خاصة في قصصي الطويلة، وكنت في بداياتي أستخدمه كثيرا حتى في قصصي القصيرة ولكنني الآن بت أختزله  قدر الإمكان. فالحوار أداة تمكنني من التعريف بالشخصيات، تصوير مواقفهم ومشاعرهم وإثارة التعاطف معهم.

 • ما هي الموضوعات التي تتناولينها في كتاباتك القصصية والروائية ؟

كتاباتي تتناول المواضيع الاجتماعية، والإنسانية بالدرجة الأولى. أكتب عما يختلج في صدري ويعتري ذهني مما أراه في الواقع المعاش والبيئة المحيطة بي، عن التناقضات الرهيبة في المجتمع. 
كتبت عن المرأة، عن همومها وطرحت بعض مشاكلها في المجتمع، كما كتبت أيضا عن الرجل وبعض ما يعاني من مشاكل، وخاصة في علاقته مع المرأة، ففي قصة "انتقام امرأة" كتبت عن ظلم المرأة للرجل بسبب شعورها بالإهانة والمس بكرامتها لمجرد رفضه للتقرب منها، وتطرقت لبعض ما يمكن للمرأة فعله بدافع الحقد والبغضاء. ولدي قصص أخرى عن الرجل مثل "مهمة في الزواج" و"أحلام كبيرة". وكتبت عن تغيّر الحب بعد الزواج في "الرجل الآخر" وما يعتري المرأة من أحاسيس ورغبات في روتين الحياة. كما كتبت عن موضوع الطلاق في قصة "تساؤلات بريئة"، هذه الظاهرة التي تزداد انتشارا في مجتمعنا، كتبت عن تأثيره على الأبناء من خلال التساؤلات التي تنتابهم. 

 • هل تسيرين في نتاجك القصصي والروائي ضمن اطار اجتماعي أو فكري ، أم إنك تتفاعلين مع التجربة الآنية ؟

لا أحصر نفسي ضمن إطار معين بل أكتب من خلال تجاربي وتجارب الآخرين كما أراها، أسمع عنها وأحس بها، فالتجارب الذاتية لها أهمية كبيرة برأيي في إثراء العمل الإبداعي. أتفاعل مع كل ما يحدث من حولي وأطرح التساؤلات لأسلط الضوء على بعض الأمور التي قد لا ينتبه إليها البعض، وأحاول ألا أفرض رأيي ولا أطرح الحلول، بل هدفي أن أدع القارئ يفكر بنفسه، يتساءل ويجيب بنفسه لنفسه، وقد يتغيّر مسار تفكيري من نتاج الى آخر، مثلما يغير أي إنسان آراءه ومواقفه متأثرا بتجاربه الحياتية، فذلك شيء طبيعي وجيد برأيي، لأنه أفضل من أن يبقى الإنسان أسيرا لفكر خاطئ أو ناقص طوال حياته.

 • ما هي العلاقة التي تربط بينك وبين أبطال قصصك ورواياتك ؟

أدع أبطالي يتحدثون بأصوات من يمثلون في المجتمع وما يمثلون من حالات. أحيانا كثيرة أسمع صوتي في أصواتهم، أدع أبطالي يتحدثون بأصواتهم عن أفكارهم وأحاسيسهم، صراعاتهم وانفعالاتهم، ويعبرون عن الهواجس التي تعتريهم وتتلبسهم وعما يجيش في دواخلهم، عما يقلقهم ويؤلمهم، يفرحهم ويحزنهم. أحاول أن أتقمص كل حالة من حالاتهم، أحسّ بها وأعيشها بخيالي. هناك أبطال عشت معهم، تحدثت إليهم، شاركتهم آلامهم وأفراحهم، مثل شخصية حسام في رواية "اختفاء رباب ماردين"، وهي أول رواية كتبتها (وأنشرها في حلقات في موقع الحوار المتمدن)، عشت أحداثها وتفاصيلها بكل كياني، وكتبت الكثير من الحوارات والأحداث فيها بعد أن مثلتها بيني وبين نفسي. كل أبطال قصصي أحبهم وأتعاطف معهم، ولولا ذلك لما كتبت عنهم، حتى بطلة قصة "شيء من دفء" التي خانت أختها مع زوجها عن سابق إصرار تعاطفت معها بسبب الظروف القاسية التي عاشتها.

 •ما هي أكثر الأنساق الادبية الأقرب الى نفسك وعقلك ؟

بدأت كتابتي، كما ذكرت سابقا، بكتابة الرواية، وقد كتبت روايتين هما "اختفاء رباب ماردين" و"الحب والعاصفة"، كما كتبت قصتين طويلتين هما "أحلام كبيرة" و"الرجل الخطأ"، وكان ذلك منذ سنوات، قبل أن أصبح أمّا لثلاثة وتتفاقم مسؤولياتي. في السنوات الأخيرة اتجهت لكتابة القصص القصيرة لسهولة كتابتها ونشرها أكثر من الرواية ولعدم تفرغي لكتابة رواية. فكتابة الرواية تحتاج لمجهود كبير، تفرغ وهدوء بال لترتيب أفكارها وتأليف أحداثها والتمكن من معايشة تفاصيلها، وهي مهمة صعبة جدا. وجدت متعة في كتابة القصص القصيرة وفسحة أتمكن من خلالها قول بعض الأمور الملحة بشكل سريع، ولكنني أتمنى أن أعود لكتابة الرواية عن قريب فهي المفضلة لدي.
في الآونة الأخيرة اتجهت لكتابة مقالات قصصية اجتماعية، وقد أحببت هذا الأسلوب لأنه يمكنّني من التعبير عن ظواهر اجتماعية، هموم وقضايا مما نعيشها في حياتنا اليومية بطريقة عفوية وبسيطة، فيها شيء من السخرية، وهو أسلوب أجده قريبا من كتابة اليوميات. 

 • ما هو رأيك بالادب المحلي الراهن ؟ ومن يعجبك من المبدعين المحليين؟

للأسف، الأدب المحلي لا يحظى باهتمام كبير من قبل القراء، والدليل على ذلك هو عدم توفر كتب الأدباء المحليين في المكتبات التي تبيع الكتب، فحين أدخل اليها لا أجد الكثير منها، فأسأل البائع: لماذا؟ فيرد: لأن الأدباء المحليين ليسوا معروفين وكتبهم ليست مطلوبة مقارنة بالأدباء العرب الآخرين المشهورين. الناس في بلادنا عموما لا يقرأون الا قليلا، ولو قرأوا فلا يقرأون للأدباء المحليين كثيرا. ولكن ذلك لا يعني أن الأدب المحلي ليس جيدا، فمعروف أنه حتى في الأدب العبري، وفي كل العالم كذلك، أفضل الكتب ليست الكتب الأكثر مبيعا. القارئ الحقيقي يستطيع أن يميّز الكتابة الجيدة من الكتابة الرديئة. ولكن المشكلة أن هناك أزمة كبيرة في القراءة. ومن يخرج الى خارج البلاد، الى أوروبا مثلا، يرى كيف يقرأ الآخرون ويستغلون الوقت الذي نهدره نحن بالانشغال بأمور أخرى، أو عدم الانشغال بشيء، يستغلونه للقراءة حتى ولو كانت لدقائق معدودة فقط. وقد كتبت عن ذلك مقالة بعنوان "لماذا لا نقرأ مثلهم؟". من جهة أخرى، لا يخلو الأمر من تقصير من الأدباء المحليين، فالمبدع الحقيقي يصل الى قلوب القراء مهما طال المشوار وتعذر.
 شخصيا أتابع الأدب المحلي في مواقع الإنترنت بشكل خاص وأقرأ بإعجاب وتقدير قصائد الشاعر الكبير سعود الأسدي، الذي أعتبره قمة لا تضاهى في الثقافة والفكر والفلسفة. كما أنظر بإعجاب الى أدب أنوار أيوب سرحان، فقصصها ترسم وجع الإنسان العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص بكل حالاته بمصداقية عالية ولغة جميلة ومدروسة بعناية. وتعجبني كتابات هيام مصطفى قبلان بتعابيرها الشعرية الساحرة التي تشدني الى أجواء القصة وتلامس أوتار القلب. وأحب قصص سهيل كيوان بسخريتها الطافحة فهي شيقة للقراءة وتحمل معانٍ عميقة.  كما أحب قصص علاء حليحل وناجي ظاهر وميسون أسدي ونسب أديب حسين وعناق مواسي وهناء شوقي وغيرهم... وأتمنى أن أقرأ للآخرين ممن لم يتسن لي بعد قراءة كتاباتهم   .

 *كيف ترين الواقع النقدي في بلادنا والعالم العربي ، وهل برأيك يقوم النقد في المرحلة الراهنة بالدور المنوط به بشكل مرضٍ؟

لا أستطيع الحكم على الواقع النقدي لأنني لست متابعة له بشكل يخولني لإبداء رأيي فيه، لكنني لاحظت بعض الأمور فيما يخص هذا الموضوع:
- بعض النقاد يبالغون في ثنائهم لدرجة توحي بأن نقدهم هو مجرد مجاملة لا غير فيفقدون المصداقية.
- بعض الكتاب، وربما كثيرون منهم، لا يتقبلون غير هذا النقد "المجاملة" والثناء والإطراء وليست لديهم القدرة على إدراك معنى النقد وهدفه السامي في الارتقاء.
- أحيانا يكون النقد مجرد قراءة انطباعية تركز على جماليات النص وليس نقدا حقيقيا يكشف عيوب النص أو نواقصه حتى يدرك الكاتب أين أخطأ أو أين يمكنه أن يحسّن ويطوّر ويرتقي بأدبه.
عموما أرى للنقد دورا هاما في الارتقاء بالأدب من خلال التقييم والتوجيه، التصفية والغربلة. مهم على الناقد أن لا يكون أسيرا لنمط معين من الكتابة بل عليه مواكبة التجارب الجديدة أيضا.

 • ماذا تمثل المرأة في أدبك ، وكيف ترين وضعية المرأة العربية الأكثر ملاءمة للحضارة وروح العصر ؟

المرأة العربية في كثير من المناطق في بلادنا وفي العالم العربي ما زالت تعاني الى اليوم من ظلم المجتمع لها، من التمييز ضدها، من اضطهادها وقمعها وذلك بسبب القوانين الاجتماعية المعتقة التي تقيد حريتها التي تستحقها كإمرأة، كإبنة، كزوجة وكأم. على المرأة أن تتمرد على هذه القوانين وتبادر لكسرها والتحرر من سلاسل قيود مجتمعها لتبنى نفسها بنفسها، تحقق طموحاتها وأحلامها وتشارك في بناء المجتمع. عليها أن تطالب بحقوقها لتنال حريتها ولا تخضع للظلم والقهر.
تحتل المرأة مساحة كبيرة من كتاباتي، أعيرها اهتماما خاصا، أطرح قضاياها، أحاول التعمق في همومها وما يشغل بالها والتوغل في أعماق نفسها. أحاول التقاط تفاصيل آلامها وأحلامها، أفراحها وأحزانها، وأحب تحفيزها على التحرر من قيودها لإحداث التغيير في حياتها الى الأحسن وحثها لعدم الخضوع للظلم الممارس عليها من كل الجهات. فمثلا، في قصة "وردة تستحق الحياة" طرحت قضية قتل المرأة بحجة شرف العائلة، تلك الفتاة البريئة، الساذجة، بطلة القصة، تورّطت في علاقة غير شرعية مع رجل غريب، علاقة لا تفهمها ولا حتى سمعت عنها في حياتها، تحمل ولا يقدم الرجل على الزواج منها، فيقرر والدها وإخوانها قتلها لمسح العار الذي لحق بهم للمحافظة على شرف العائلة، ولكن النهاية كانت غير مألوفة، وربما لا تحدث كثيرا في الواقع، ولكنني اخترتها لتمثل رفضي لهذا الواقع وهذا الظلم.
وفي قصة "بنت من هذا العالم" طرحت مشكلة الفتاة المتفوقة، الطموحة، والتي حاول أهلها البسطاء، المحكومون بقوانين المجتمع، على إرغامها على الزواج وسلب حقها في تحقيق طموحاتها وتحقيق ذاتها، ناكرين رغبتها ووجودها، كأنها همّ يجب التخلص منه لمجرد أنها... بنت. وهنا أيضا كانت النهاية غير مألوفة، تمثل الرفض والتمرد على الظلم والاضطهاد.

 • ما رأيك باتحادات وروابط الكتاب والادباء في بلادنا ، هل هي روابط واتحادات تساهم بدورها في تطوير وتنشيط الحياة الثقافية والادبية أم انها مجرد روابط واتحادات اسمية وموسمية ؟

انضممت لاتحاد الكتاب العرب الفلسطينيين في الداخل منذ فترة وجيزة ولمست فيه رغبة في تغيير واقع الأدب والثقافة الفلسطينية بشكل عام والارتقاء بها. هناك رغبة وجهود تبذل وأتمنى أن نرى بصيصا من الأمل عن قريب. 

 • العلاقات بين الادباء والكتاب ، هل هي علاقات محبة أم علاقات خصام وتنافس وتنافر ؟

من المعروف في المجتمع العربي بشكل عام أن العلاقات بين الناس تتسم بكثير من المجاملة والملاطفة التي توحي بالمحبة والمودة، ولكننا نتفاجأ أحيانا بأحقاد خفية ونفور يستل الى القلوب، وبين المبدعين خاصة لا يخلو الأمر من التنافس. فالمبدع أحيانا كثيرة، بحق وبغير حق، لا يخلو من الأنانية والافتخار و"شوفة الحال"، وهذه صفة لا يستلطفها الآخرون، وأحيانا الاختلاف في الآراء والمواقف يخلق شعورا بالتوتر وربما النفور بين المبدعين. برأيي الأديب الحقيقي هو الآخذ بمحاسن الأخلاق أولا وأخيرا، فلا يمكن للأديب أن يصل الى قلوب القراء بشكل حقيقي الا بأدب يمتاز بالأخلاق العالية. 

 • الجنس في الرواية والقصة العربية ، هل تعتقدين انه من الضروري تناوله في الاعمال القصصية والروائية والى أي حد، وهل توظيفه بشكل واسع له اثر في انتشار هذه الاعمال بين أوساط الشعب وخاصة الشبابية؟

اذا كانت للجنس قضية إجتماعية وإنسانية ملحة فيجب تناولها في الأدب مثله ومثل كل المواضيع الأخرى التي تشغل العقل البشري ولكن بطريقة تحترم أحاسيس المتلقي وذهنيته مع مراعاة الذوق العام والابتعاد عن استعمال الألفاظ الخادشة للحياء والعبارات الفاحشة. على الكاتب أن يلتزم بما يخدم الفكرة والابتعاد عن الابتذال. للأسف بعض الكتاب يكتبون عن الجنس بطريقة تهدف الى دغدغة الغرائز ليحظوا بانتشار أعمالهم. أنا ضد التدقيق في وصف الجسد والعلاقة الحميمة ووجود المشاهد الخادشة الصارخة والصادمة لحياء القارئ ومع الاكتفاء بالإشارة الى فعل الجنس دون الاعتماد الى وصفه وصفا دقيقا.

 • ما هو أجمل عمل ابداعي تعتزين به وتشعرين بالرضى عنه ؟

لا يخطر في بالي عمل ما له اعتزاز خاص به دون غيره ولكن روايتي الأولى "اختفاء رباب ماردين" تحتل مكانة خاصة في قلبي، ربما لكونها باكورة أعمالي الأدبية التي جاءت بعد سنوات من المحاولات الكثيرة لكتابة الرواية، فكانت بالنسبة لي إنجازا زودني بثقة وشحنني بطاقة لإكمال طريقي في كتابة القصص، وربما يعود السبب لكون أحداثها قد سكنت روحي وعشت تفاصيلها أكثر من أي قصة أخرى كتبتها.

 • بمن تأثرت في بداياتك وبواكيرك الادبية ؟

لا شك أن أكثر رواية أثرت في نفسي هي رواية "الرمال الهالكة" للكاتبة البريطانية فيكتورا هولت والتي قرأتها في عمر 14 بترجمتها العبرية وأثارت إعجابي الشديد. ثم أعدت قراءتها عدة مرات خلال سنوات مراهقتي وكنت أتفاجأ في كل مرة بتفاصيل جديدة لم أنتبه اليها في قراءاتي السابقة. هذه الرواية لازمت تفكيري طوال سنوات مراهقتي، وكنت معجبة بشخصية البطلة الى حد اعتبرتها قدوة لي وكانت تصرفاتها في الرواية تخطر في بالي في مواقف كثيرة من حياتي وأحسست كأني أعرفها في واقع الحياة. بعد ذلك، حين بدأت الكتابة باللغة العربية أعجبتني روايات وقصص إحسان عبد القدوس التي وجدت فيها بساطة في اللغة مثلما أحب وعمقا في المضمون، وكذلك أعجبتني غادة السمان بقصصها القصيرة التي رأيت فيها جمالا في اللغة وتميزا في الأسلوب، وأعجبتني أحلام مستغانمي بروايتيها "ذاكرة الجسد" و"فوضى الحواس" حيث أنها سحرتني بتعابيرها اللغوية الجميلة وأفكارها الفلسفية.