طوال فترة الحملة الانتخابية التي سبقت الانتخابات الداخلية في حزب العمل، حاولت زعيمة الحزب شيلي يحيموفيتش التحذير من أن فوز منافسها اسحق هرتسوغ ووصوله الى رئاسة الحزب سيشكل خطوة كبيرة باتجاه الدخول الى الائتلاف الحكومي بزعامة بنيامين نتنياهو، وعلى الرغم من أن النقي المستمر والمتواصل من جانب هرتسوغ لادعاءات يحيموفيتش الا أن معظم المحللين والخبراء في الشؤون الحزبية الاسرائيلية يتحدثون عن امكانية تحقق هذا السيناريو في أعقاب الفوز الذي حققه هرتسوغ في الانتخابات الداخلية بفارق تجاوز الـ 19% على زعيمة الحزب يحيموفينش.
وفوز هرتسوغ بهذه النسبة ، شكل صدمة للعديد من المراقبين، رغم أن الأيام الأخيرة التي سبقت الانتخابات تحدث عن وجود تنافس شديد ومتقارب بين هرتسوغ ويحيموفيتش على رئاسة الحزب، وعلى الرغم من وجود بعض الاشارات عن امكانية تفوق هرتسوغ الى أن الاغلبية كانت ترى عكس ذلك، وبأن النجاح سيكون حليف يحيموفيتش.
لكن، النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الداخلية في حزب العمل، هو فوز هرتسوغ بفارق كبير، وهذا سيفتح الباب أمام امكانية احداث تغيير في شكل الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه نتنياهو، فهذا الفوز هو تأكيد على ثقة أعضاء حزب العمل أو الاغلبية في الحزب بالزعيم الجديد اسحق هرتسوغ، وبأية قرارات يمكن أن يتخذها في حال توصل الى نتيجية بأن "المصلحة العامة" و "مصلحة اسرائيل" تقتضي انضمام العمل الى صفوف الائتلاف وترك صفوف وزعامة المعارضة.
لكن، المهم، ومن أجل أن يتحقق هذا السيناريو، هو أن يتم التوصل الى صيغة ما، وأجواء مناسبة تشجع هرتسوغ على تجاوز نفيه المتكرر خلال حملته الانتخابية لادعاءات منافسته يحيموفيتش، واتهامها له بأنه يخطط ويرغب في حال فوزه الانضمام الى الائتلاف الحكومي.
هذا السيناريو لن يتحقق الا في حال كانت هناك رغبة من جانب نتنياهو في احداث التغيير داخل الائتلاف وهو تغيير قد يحتاجه نتنياهو في حال رغب في التخلص من المشاغبات والاحراجات التي يتسبب بها وزراء اليمين المتطرف المنتمين لحزب البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينت، أي أن دخول حزب العمل الى الحكومة سوف يأتي على حساب بينت ورفاقه، غير أن "دخولا سلسا" لحزب العمل الى الائتلاف لن يتحقق الا في حال كانت هناك ورقة يستخدمها هرتسوع لاقناع المعارضين داخل حزبه لفكرة الانضمام الى الائتلاف، وهذه الورقة مرتبطة بعملية السلام والدفاع عنها وامكانية تحقق هذا السيناريو ليست مستبعدة، خاصة في ظل القيادة الجديدة لحزب العمل، وأيضا فان نتنياهو قد واجه مواقف محرجة خلال الفترة الاخيرة، من جانب وزراء حزب البيت اليهودي، ومن جانب وزير الاسكان تحديدا، فيما يتعلق بطرح عطاءات استيطانية لم تحظى بموافقات من جانب نتنياهو نفسه، وبمعنى أوضح فان سلم نزول هرتسوغ عن نفي فكرة الانضمام الى الائتلاف ، هو عملية السلام مع الفلسطينيين.
وهناك عامل آخر، سيكون له تأثير واضح على خطوة هرتسوغ، والمتمثل بالعلاقة الجيدة بينه وبين افيغدور ليبرمان وزير الخارجية، رغم الاختلاف في الموقف السياسي، وقد يحدث تقارب بين الاثنين يؤدي الى الى توافق في "الرؤية الواقعية"للحل الممكن مع الفلسطينيين، أي التوصل الى اتفاق على "تخدير" المناطق الفلسطينية بوسائل اقتصادية وضمانات امنية لاسرائيل، في ظل عدم اتضاح الرؤية حول مستقبل الاوضاع الفلسطينية الداخلية، وحالة الانقسام المستمرة بين الضفة والقطاع.