2024-11-25 03:51 م

"العالم الذي صنعته أمريكا"

2013-10-07
يأتي كتاب روبرت كاغان المعنون بـ"العالم الذي صنعته أمريكا" - الذي يقدم هذا التقرير قراءة نقدية له - ضمن التيار الثاني وتاليًا لكتابه "عودة التاريخ ونهاية الأحلام" (2) الذي يتناول فيه مستقبل القوة والمكانة الأمريكية في ظل التحولات في شكل النظام الدولي.

يتحدث كاغان في كتابه الجديد عن أن الولايات المتحدة لعبت دورًا رئيسيًا في تشكيل نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو نظام اتسم بغياب الحروب بين القوى الدولية، ونمو الاقتصاد العالمي، وبتضاعف عدد الديمقراطيات، فهو يرى أنه لولا الولايات المتحدة ما حدثت تلك الإنجازات؛ لذا لا تزال القوة الأمريكية مهمة للحفاظ على هذا النظام العالمي الذي شكلته وعلى إنجازاته.

وتنقسم الكتابات التي تتناول مستقبل القوة والمكانة الأمريكية دوليًا وشكل النظام الدولي خلال العقود المقبلة إلى تيارين رئيسيين:

التيار الأول: يرى أن الأحادية القطبية والهيمنة الأمريكية ما هى في حقيقة الأمر إلا نتيجة سقوط الاتحاد السوفييتي السابق، وعليه فإن مرحلة الأحادية القطبية ستكون مؤقتة وقصيرة، وهى في طريقها إلى الزوال والانهيار نظرًا للتمدد المفرط الذي تحدث عنه المؤرخ البريطاني بول كنيدي في كتابه المعنون بـ"سقوط وانهيار القوى العظمى" (1)، والذي ينطلق فيه من أن الالتزام والتوسع الخارجي يكون بداية انهيار القوى الكبرى مقارنة بالإمبراطوريات السابقة "الرومانية والبريطانية".

كما يشير أنصار هذا التيار إلى أن التوسع الأمريكي الخارجي أثقل كاهلها لاسيما بعد حربي أفغانستان "2001" والعراق "2003"، ويقارن أنصار هذا التيار الوضع الأمريكي الحالي بوضع الإمبراطورية البريطانية في نهاية القرن التاسع عشر، فيضعون حربي أفغانستان والعراق في وضع مقارن لحرب البوير البريطانية – الحروب الاستعمارية التي شنتها الإمبراطورية البريطانية في أفريقيا في نهاية القرن التاسع عشر – التي كانت شاقة ومدانة أخلاقيا.

أما التيار الثاني فيرى أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تكون فاعلاً في أي نظام دولي جديد رغم عديدٍ من الأزمات التي تواجهها على الصعيدين الداخلي والخارجي، مستندين إلى أن المجال ما زال أمامها للاستمرار وتعويض إخفاقاتها للحفاظ على هيمنتها وتفوقها على الصعد كافة. 

وأنصار هذا التيار يتحدثون عن "الاستثنائية" الأمريكية من الحتمية التاريخية لانهيار القوى العظمى، متحدثين عن أن القيم والمبادئ في النظام السياسي الأمريكي فريدة من نوعها وتستحق تهافت دول العالم على تبينها والإيمان بها.