2024-03-29 04:50 م

الضربة السورية في سيناء

2018-02-20
بقلم: أحمد فؤاد
في الحرب التي تدور رحاها في سيناء، بين دولة تعاني لتثبت لمحيطها أنها قادرة على الفعل، ولو داخل حدودها، وبين تنظيمات إرهابية، نقلت معركتها بعد هزيمة ساحقة في سوريا والعراق، يبدو مآل المعركة المصيرية على سيناء شبيهًا بكل العمليات العسكرية السابقة، مثل عملية "حق الشهيد"، التي بدأت وانتهت دون تحقيق أي تقدم في ملف القضاء على الإرهاب، في غياب رؤية واضحة للقضاء على منابع التشدد..
يحمل الجندي المصري، خلال اللحظات الحالية، قضية سيناء وحده، بلا ظهير شعبي يؤمّن ويمدّ، وبلا نظام قادر على الرؤية وتحديد الأهداف، ومن أوصلونا لهذا المأزق أما أنهم من المكرمين، مثل بطل كامب ديفيد السادات، أو أنهم من مطلقي السراح مثل وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، الذي نمت في عهده وترعرت سيطرة الجماعات التكفيرية على ىشبه الجزيرة.
النظام المصري، الذي حسم معركة الانتخابات الرئاسية، مبددًا ما تبقى من ثقة شعبية، كانت تتجاوز عن أفعال واتجاهات مضادة لمصالح الأغلبية الساحقة من المصريين، وجرّ مؤسسات الدولة معه إلى دائرة الشكوك، كانت الغالبية تتفهم، وتحوّل التفاهم لصبر، وأخيرًا لصدمة، إلى أن فقد النظام كل اتصال له بالشارع.
دائرة الحكم الضيقة - مساحة وأفكار - لا يظهر أنها تهتم فعلًا بضرورة وحتمية شمولية الحرب لأدوات الوهابية في الداخل المصري، لكنها تنظر أولًا وأخيرًا للخارج، حتى حين اختاروا الفعل، فقد باتوا يتحسسون ردات الآخرين.
الكارثة الحقيقية في الوضع المصري، أنه لا النظام ولا المعارضة يجرؤون على تحديد العدو الذي يحاربه الجيش المصري في سيناء، الكيان الصهيوني، وهو العدو الذي تحاربه سوريا منذ 7 سنوات، والأدوات الوهابية ما هي إلا دمى، تتحرك وتضرب على إيقاع تل أبيب.
الصاروخ السوري الذي ضرب طائرة العدو الصهيوني كاشف لمدى العجز المصري عن شن حملة تطهير كاملة في سيناء، طالما بقيت كامب ديفيد هي التي تحدد انتشار السلاح المصري على الأرض المصرية، وطالما ظلت التبعية هي الحاكمة من خلف ستار، سواء كان النظام يحكم، أو تحوّل الحكم لمعارضة، تعارض لأجل نيل حق تمثيل الغرب في قصر الحكم.
اختار محور المقاومة، وعلى رأسه الجيش السوري، توقيت ضربته لفاعل رئيس في الحرب الكونية على سوريا، قرب نصر نهائي على مخططات إسقاط الدولة، بدخول القوات السورية إلى عفرين، واستباقًا لخطط جديدة تعتمد التقسيم تعويضًا عن فشل الأمريكيين والصهاينة، ودرسًا لمن أراد اتباع سبيل المقاومة، ومن ثم امتلاك شروط النصر.
الدرس السوري البليغ، بأيدي ضباط وجنود الجيش السوري -كما قطع بذلك سيد المقاومة في خطابه الأخير- لا يترك للعميان سبيلًا إلا الاعتراف بأن القوة القاهرة وحدها هي طريق التعامل الوحيد مع العدو الصهيوني، فور توفر إمكانياتها، وقبل ذلك فإن الوعي بحتمية المعركة ضمانة للنجاح في عبور مشاق طريق الاستقلال، وتوكيده.
في سوريا واجه محور المقاومة كيان العدو، منذ سنوات، إلا أن القرار بنقل الحرب إلى الداخل الفلسطيني المحتل كان قرارًا يستلزم توفر ما لم يتوفر قبله من إمكانيات جاهزة لخوض صراع طويل، صراع وجودي مع كيان لا يملك إلا أرض فلسطين المسروقة، ودعم غربي بلا حدود.
الضربة السورية ضربة في قلب الصهاينة لصالح مصر، وتطهير سيناء من كامب ديفيد والسيطرة الصهيونية، هي سند مصري تقدمه لسوريا أولًا، ولأمتها، والتحالف بين الشقيقين يجعل الخطوط واحدة بمواجهة العدو نفسه، والأيام كفيلة بتبيان حجم وعمق العملية العسكرية المصرية، وأهدافها.
"العهد الاخبارية"