2024-03-28 01:59 م

السعودية تعمل على إسقاط الحكم في الأردن

2018-02-17
نضال حمادة
كان لافتا تصريح مسؤول أردني كبير رفض الكشف عن هويته لوكالة “رويترز” قال فيه ان الأردن يدفع حاليا ثمن موقفه من قضية القدس، ولم يكن هذا التصريح الذي تشير مصادر أردنية موثوقة الى أنه صدر عن مسؤول كبير في الديوان الملكي لم يكن وليد اللحظة بل يعود الى تراكمات توتر كبير في العلاقات بين الحكم الأردني والحكم السعودي الجديد، حيث يعمل محمد بن سلمان في مسار صفقة القرن التي إتفق عليها مع الأمريكي إلى إعطاء القدس لليهود وإنهاء القضية الفلسطينية، بما يتوافق مع المخطط الإسرائيلي الذي يعتبر الأردن وطنا بديلا للفلسطينين، وهذا ما يرفضه الفلسطينيون ويرفضه الأردن بشكل نهائي، وزاد في غضب الحكم الأردني على السعودية رغبة ابن سلمان بتولي الوصاية على القدس والمسجد الأقصى مكان العائلة الهاشمية في الأردن، وقد توترت الأوضاع بين الطرفين خلال الأشهر الماضية حيث فرضت السعودية حصارا اقتصاديا خانقا على الأردن وأوقفت الدعم المالي والنفطي الذي كانت تقدمه لعمان، كما بدأت السعودية بتحريك المجموعات السلفية التي تواليها في الأردن والتي اغتالت ناهض حتر قبل عام من الآن وكانت التحقيقات الأردنية مع القاتل كشفت في حينها أنه كان في السعودية برحلة عمرة قبل أسبوع من تنفيذه عملية الاغتيال (انظر تقرير العهد بتاريخ 28 /11/ 2016 بعنوان ملك الأردن المستفيد الأول من فوز ترامب).

قبل أسبوع بدأت موجة تظاهرات غير مسبوقة في المدن والبلدات بالمملكة الأردنية الهاشمية، حيث وصلت التظاهرات الى العاصمة الأردنية عمان وسط هتافات طالت الملك الأردني مباشرة، واستعملت في التظاهرات الشعارات التي تم استخدامها في بداية الأحداث العربية، وظهر هتاف الشعب يريد إسقاط النظام عاليا في التظاهرات الأردنية، كما إستخدم المتظاهرون أساليب استعملت في بداية الأحداث السورية مثل أغاني الحدا التحريضية واستخدموا حتى شعارات عنصرية ضد مكونات أردنية مؤيدة للحكم الملكي، وظهر الطابع السلفي والإخواني على التظاهرات التي اندلعت في البلدات والمدن الواقعة على الحدود الأردنية مع السعودية حيث للسعوديين نفوذ كبير هناك ومن الشعارات التي أطلقت تكفير العائلة المالكة الأردنية.

مصادر أردنية عليمة قالت في حديث لموقع “العهد” الأخباري أن الوضع في الأردن لا يطمئن حاليا وقد يؤدي استمرار التظاهرات الى انقسام عمودي في المجتمع الأردني ينتهي بحرب أهلية كل مقوماتها موجودة حاليا، وأضافت المصادر الأردنية أن يد السعودية والإمارات تظهر في تحركات الشارع عبر الناشطين من جماعة الإخوان المسلمين وناشطي الجماعات السلفية الذين يظهرون في أفلام الفيديو وهم يديرون إيقاع التحركات الحالية في الشارع الأردني وقالت المصادر الأردينة المطلعة أن روسيا التي يتمتع رئيسها فلاديمير بوتين بعلاقات قوية مع ملك الأردن قدمت معلومات مهمة للملك عبدالله الثاني عن خطط سعودية لإسقاطه كما أن المخابرات الأردنية كانت على علم مسبق بالتحضيرات السعودية لإسقاط الحكم في الأردن وقدمت تقارير بهذا الشأن للملك الذي تحرك بناء على تقارير أجهزة المخابرات الأردنية والروسية وقام خلال الأشهر الماضية بعملية تغيير واسعة وكبيرة في الجيش طالت كبار الضباط الذين أحالهم على التقاعد واستبدلهم بضباط موالين له ومقربين منه، وأردفت المصادر أن الملك حاليا يحكم القبضة على الجيش والمخابرات ويعتمد على الجهازين المذكورين في تثبيت حكمه في وجه التحرك السعودي الإماراتي الحالي، وتشير المصادر الى خلاف كبير بين الملك وشقيقته من والده الأميرة هيا الحسين زوجة حاكم دبي محمد بن راشد أل ثاني حيث تؤيد هيا تولي أخوها علي بن الحسين مكان عبدالله في ظل تغير في العائلة يعمل باتجاه علي بن الحسين بينما يريد عبدالله تثبيت ولده حسين بن عبدالله بعده في حال تعذر عليه البقاء في السلطة، وتقول المصادر الأردنية أن قوة الملك عبدالله الثاني في الجيش الأردني كبيرة وهو إبن المؤسسة العسكرية ويعرف كل تفاصيلها وخباياها ويمكن القول أنه يعرف الجيش الأردني فردا فردا بالتالي فهو يضمن الجيش والمخابرات حاليا.

المصادر الأردنية قالت في حديثها التي خصت به موقع “العهد” الأخباري أن العاصمة الأردنية عمان التي تعتبر صمام أمان الحكم سوف تقسم شطرين في حال تصاعدت الأحداث في المملكة بشكل غير مضبوط، وأضافت أن هناك توترا قديما بين شرق العاصمة الفقير وغربها الغني وهذا التوتر قد يتحول إلى مواجهة عسكرية في حال استمرت التظاهرات على هذه الوتيرة، وتشير المصادر الى أن الدعم الذي يمكن للملك ان يعتمد عليه يأتي فقط من المنطقة الشمالية على الحدود مع سوريا حيث يحظى بتأييد لا بأس به من العشائر والعائلات هناك، غير أن وجود مخيم الزعتري للاجئين السوريين ووجود فصائل سورية مسلحة تابعة لبعض العشائر والعائلات في الجانب السوري من الحدود يجعله في مرمى الأهداف السعودية والإماراتية في تلك المنطقة ، وتقول المصادرنفسها أن الملك الأردني قد يلعب ورقة الإنقسام الفلسطيني الأردني المعروف في المملكة كما أن لعبة المصالح بين الشمال الأردني وباقي المناطق سوف يكون لها الدور الكبير في تحديد حالة الصراع في الأردن في حال لم تتوقف المظاهرات خلال الأسابيع القليلة القادمة.

المصادر الأردنية المطلعة قالت في حديثها الذي خصت به موقعنا انه من مفارقات الزمن وتراكم الأحداث أن الحكم الأردني الذي يصارع حاليا على استمرار وجوه وضمان عدم سقوطه سوف يحتاج لمساعدة دولتين طالما تآمر عليهما وشكل مقرا لإشعال الفتن والأحداث داخلهما خلال السنوات الماضية، وهاتان الدولتان هي سوريا والعراق اللتان يحتاج الحكم الأردني لمساعدتهما في ضبط الحدود مع الأردن خصوصا العراق الذي تتقاطع حدوده مع الأردن والسعودية في مساحات صحراوية شاسعة، وتضيف المصادر أن أحد أسباب تمسك امريكا بمعبر التنف قد ظهر حاليا، وإن كان الهدف الأمريكي الأول من البقاء في التنف هو قطع الطريق البري الواصل بين سوريا وايران وروسيا عبر العراق لكن بدء الأحداث الأردنية الأخيرة وإمكانية تطورها يوضح أيضا اهمية التنف بالنسبة لما يجري في الأردن، حيث يمكن ان تشكل القاعدة العسكرية الأمريكية بالتنف معبرا لتمرير السلاح والمقاتلين للأردن ومنطلقا لتدحل عسكري للسيطرة على الأردن بحجة تفلت الوضع الأمني ومنع القاعدة وداعش من السيطرة على البلاد ويلاحظ أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي إحدى الدول التي لديها تواجد عسكري في قاعدة التنف الى جانب كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد، وهذا يشير إلى دور كبير للتنف في مستقبل الأحداث في الأردن الذي يزور ملكه حاليا موسكو لطلب مساعدتها في وقف العمل السعودي لإسقاطه في وقت يعمل فيه الملك على تحسين العلاقات مع سوريا والعراق ومع حليفهما الإقليمي الكبير إيران لعلمه انه سوف يكون بحاجة لمساعدة الدولتين لكبح شبح الحرب الأهلية في الأردن ووقف مشروع الوطن البديل للفلسطينين هناك، إننا امام رجب اردوغان ثان ولكن بجلباب وكوفية عربية هذه المرة تختم المصادر الأردنية حديثها..
"العهد"