2024-03-29 05:03 م

" لا فارج " الوجه الحقيقي لفرنسا

2018-02-14
بقلم: بطرس الشيني
تخضع شركة " لافارج " عملاق صناعة الاسمنت الفرنسي منذ أكثر من عام لتحقيقات حول تمويلها منظمة داعش الإرهابية ودفع أموال للعديد من المنظمات الإرهابية لتأمين تشغيل معملها الكبير في شمال سورية . التحقيقات الفرنسية حول الشركة مازالت تسير كسلحفاة مريضة خطوة الى الأمام واستراحة طويلة على وقع السياسة الفرنسية الرسمية المؤيدة للإرهاب في منطقة شرق المتوسط وخاصة في سورية . من الواضح أن إجراءات التحقيق لن تصل الى نهاية حاسمة في تحديد الداعم والممول الحقيقي للإرهاب لأنه في هذه الحالة يجب محاكمة النظام السياسي الفرنسي منذ عهد " ساركوزي " الى عهد " هولاند " وصولاً الى رجل أمريكا المطيع " ماكرون " لذلك تشعبت التحقيقات بغير اتجاه وتحولت القضية " بلا وثائق رسمية " الى قضية تشبه فقاعة الصابون ما إن تسلط عليها حرارة حقيقية ماجرى حتى تتبخر بلا أثر .. فمساهمة شركة " لافارج " في دعم الإرهاب لا تقارن بالمرة من حيث الحجم والأهمية والأثر مع الدعم الهائل المالي واللوجستي والاستخباراتي و الدبلوماسي والإعلامي الذي قدمته الحكومات والمؤسسات الفرنسية خلال السنوات السبع الماضي للمنظمات الإرهابية في سورية , وربما كانت التصريحات الرسمية والصحفية لوزير الخارجية الأسبق " لوران فابيوس " تعطي صورة واقعية عن مدى انخراط السياسة الرسمية الفرنسية في دعم الإرهاب في سورية خاصة بعد أن قسم الإرهاب الى نوعين الأول سيئ وهو الذي يستهدف الشعوب الأوروبية والغربية بشكل عام, والثاني جيد وهو الذي يستهدف السوريين, ويسجل لفرنسا " عار " على لسان رأس الدبلوماسية فيها عندما قال : إن ما تقوم به جبهة النصرة " جيد " وهذا إضافة الى كونه يمثل خرقاً فاضحاً لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة فإنه أيضاً يعطي صورة عن مدى الانحطاط الذي وصلت إليه السياسة الفرنسية في عهد هولاند " ومازال " لدولة تملك حق الفيتو في مجلس الأمن ومن مهامها الحفاظ على السلم الدولي وفي الوقت عينه تصر على دعم المنظمات الإرهابية وتجهد في إيجاد الأكاذيب والمبررات للاستمرار بذلك .. بينت التحقيقات القضائية المتعلقة بشركة " لافارج" أن نائب مدير الشركة السابق أقر بأن السفير الفرنسي بدمشق " شوفاليه " كان على علم بدفع الشركة أموالاً للتنظيمات الإرهابية ومن بينها تنظيم داعش في سورية من أجل استمرار عمل معمل الاسمنت التابع لها في شمال سورية لذلك أصرت الجهة الفرنسية المدعية بالحق العام وهي جمعية أهلية على استدعاء وزير الخارجية " فابيوس " للسؤال حول الموضوع رغم أن محامية الجمعية في القضية تقول : إنه من المستبعد جداً توجيه اي إدانة للسياسة أو السياسيين الفرنسيين مع غياب أية وثائق رسمية في القضية واختصر السفير الفرنسي السابق طريقة التعامل الرسمية للمسؤولين الفرنسيين بقوله أنه " لا يتذكر " أية لقاءات مع مسؤولي الشركة ولا يتذكر أنه شجعهم على دفع الأموال للمنظمات الإرهابية . من المستغرب جداً أن تعمل دبلوماسية دولة عظمى وعريقة كفرنسا على " ذكريات " محفوظة في ذهن هذا السفير أو ذاك الوزير ما يوحي بأن التعمية وعدم الإفصاح عن الوثائق الرسمية للسفارة هو من أسرار الدولة الفرنسية ولن يكون بمتناول القضاء الفرنسي رغم قوته . ولا شك أن سلوك الحكومة الفرنسية ينسجم تماماً مع تاريخها الدموي خلال القرنيين الماضيين وما التبجح المستمر بمبادئ الثورة الفرنسية إلا وسيلة من وسائل المتاجرة بالقيم والمبادئ الإنسانية للتغطية على الجرائم التي ارتكبتها فرنسا بحق الإنسانية وبحق العديد من شعوب العالم منذ قيام الثورة الفرنسية وحتى الآن .. وهذا ينطبق على إبادة مليون ونصف المليون جزائري وأضعافهم من شعوب إفريقيا وجنوب شرق آسيا والمنطقة العربية ومتاجرة فرنسا بمبادئ الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان يشبه الى حد بعيد متاجرة التنظيمات الإرهابية المتطرفة بمبادئ الدين ومن الطبيعي أن يتعاونا لتحقيق أهداف محددة .