2024-04-20 07:54 ص

معركة الجليل الأعلى المقبلة بين حزب الله وإسرائيل

2018-01-26
بقلم: عميرة أيسر 
الحرب الصهيونية على لبنان والتي جرت أحداثها في شهر تموز/أوت 2006م بين حزب الله وإسرائيل، أين فشلت حكومة إيهود أولمرت آنذاك في تنفيذ خططها العسكرية في جنوب لبنان، والتي كانت تعتمد على القيام بتنفيذ هجوم بري كاسح باستعمال حرب العصابات ضدَّ قوات الحزب والدمج بينَ سلاح دبابات ميركفا الإسرائيلية فخر الصناعة العسكرية البرية في تل أبيب، وبين أسلحة النخبة في جيش الكيان الصهيوني كألوية جفعاتي، وغولاني، وكانت معركة بنت جبيل هي المعركة الفاصلة التي أحبطت المحاولات الإسرائيلية لاحتلال قرى جنوب لبنان الإستراتيجية كمارون الرأس، وعيت الشعب، وبنت جبيل، حيث وقعت مجزرة كبرى لدبابات الصهيونية هناك، ومنذ نهاية تلك الحرب التي تكبدت فيها إسرائيل خسائر بشرية ومادية كبيرة جداً، استدعت من القيادة السّياسية والعسكرية وعلى رأسها أولمرت، ووزير الدفاع عمير بيرتس وتحت ضغط الصحافة الإسرائيلية، أن تقوم بفتح تحقيق معمق لمعرفة ملابسات تلك الهزيمة المدوية، وتولى القاضي المُخضرم إلياهو فينوغراد بعد أشهر قليلة رئاسة تلك اللجنة السِّرية، وكان من نتائج الهزيمة الإسرائيلية في حرب 2006م، سقوط حكومة أولمرت في سنة 2009م، وفوز حزب الليكود اليميني المتعصب برئاسة بنيامين نتنياهو برئاسة الوزراء، كما أن الجيش الصهيوني عمل في تلك الفترة على إعادة رسم الإستراتيجية العسكرية الصهيونية على ضوء التطورات التي قامت المقاومة اللبنانية بإدخالها على أسلحتها البرية والجوية والبحرية، حيث تشير التقديرات الصهيونية إلى أنَّ حزب الله أصبح يمتلك أكثر من 150 ألف صاروخ من مختلف الأحجام والأنواع والأصناف والمدَيات في ترسانته العسكرية، بالإضافة إلى امتلاكه لصواريخ كورنيت المضادَّة للدبابات والمئات من الطائرات المسيرة العالية التكنولوجيا، والتي زودت بها إيران المقاومة في جنوب لبنان، مع توارد تقارير استخباراتية استقتها مصادر الموساد الإسرائيلي من شبكاتها التجسُّسية العاملة في لبنان، بأنَّ حزب الله استطاع بناء مصانع متطورة في كهوف الجبال الجنوبية لإنتاج الصواريخ، ذات المدَيات البعيدة، بالتعاون مع خبراء روس وإيرانيين. وهو ما جعل قيادة الجيش الإسرائيلي بقيادة أفيغدور ليبرمان تدقٌّ نواقيس الخطر، لأن حزب الله بات يمتلك قدرات عسكرية جعلت منه قوة ردع كبيرة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مما يمنع إسرائيل من شنِّ حرب مستقبلية على لبنان، مثلما يؤكد على ذلك المحلل السٍّياسي العسكري الصهيوني عُود غرانوت، حيث قال: بأن حزب الله في خطابه الذي ردَّ فيه على تصريحات إيهود باراك وزير الدفاع الصهيوني الأسبق عندما طالب جيشه بأن يستعد لسيطرة على قرى في جنوب لبنان في الحرب القادمة مع حزب الله، ليأتيه الردُّ مزلزلاً من السيِّد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في لبنان، حيث طلب من مقاتلي الحزب في أحد خطاباته السِّياسية بأن يكونوا على أهبة الاستعداد في أيِّ معركة قادمة مع العدو الإسرائيلي، فالقيادة العسكرية للمقاومة ستطلب منهم السيطرة على منطقة الجليل الأعلى، وهو الخطاب الذي شكَّل صدمة كبرى لدوائر صنع القرار، في تل أبيب، لأن نجاح الحزب في احتلال منطقة الجليل الأعلى سيعتبر بمثابة هزيمة ساحقة لتل أبيب، وواشنطن وكل الأنظمة العربية المرتبطة بها، مما جعل المؤسسات الأمنية في إسرائيل تستشعر هذا الخطر وتأخذه على محمل الجدّ، وهذا ما دفع بالمحلل السِّياسي الصهيوني إيهود يعري لأن يقول: بأن السيِّد حسن نصر الله يتحدث لأول مرة عن إمكانية احتلال قوات عربية لجزء من أراضي إسرائيل، حيث أن التقديرات الاستخباراتية الصهيونية تشير إلى أن حركة حماس ستقوم بشنِّ هجوم على الجبهة الجنوبية لاحتلال منطقة النقب، حيث تتمركز أهم القواعد والمطارات الجوية لصهاينة، وهذا ما أثار مخاوف جدية لدى وزير التطوير الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية سلفان شالو م في سنة 2009م. إذا قام باتخاذ إجراءات أمنية استباقية احترازية وقام بزيادة حجم القوات الأمنية التي تحرس هذه القواعد، والمطارات الإستراتيجية للأمن القومي الإقليمي الجوي العسكري الصهيوني، والتي تشكل حوالي ثلث القواعد العسكرية الجوية الإسرائيلية المنتشرة في المناطق العربية المُحتلة. فالتطورات الأمنية التي حدثت في سوريا ونجاح حزب الله في تحرير الكثير المناطق بالتعاون مع القوات الرديفة من الجماعات الإرهابية المسلحة، ونجاحه في تطهير منطقة القصير و التفاح الحدودية مع لبنان في منتصف سنة 2012م، وهزيمته لحوالي 10 آلاف مقاتل من العناصر الإرهابية التكفيرية في تلك المعارك الضارية، فالحزب استطاع ولأول مرة في تاريخه أن يدمج ببراعة فائقة بين سلاحي الدَّبابات والمشاة، وبين أساليب الحرب النظامية التي تعلمها من الجيش السوري وبين حرب العصابات التي يجيدها أكثر من غيره في المنطقة، وهو الشيء الذي جعل أجهزة الاستخبارات الغربية تبعث بعدَّة رسائل تحذير إلى جهاز الموساد الإسرائيلي تطالبه فيها بضرورة التعامل بجدية مع كل هذه التطورات الميدانية في سوريا، وخاصة بعد التقرير الذي أوردته الصَحافة الأمريكية وكشفت فيه عن حيثيات السيناريو التي تتوقعه الاستخبارات الأمريكية لكيفية احتلال الجليل الأعلى من قبل قوات النخبة في حزب الله اللبناني، و التي يعمل ضباطها إلى جانب ضباط المارينز على التمرن على مجسمات محاكاة لإحباط محاولات من جانب قوات حزب الله لاحتلال منطقة الجليل الأعلى، في شمال فلسطين المحتلة، بمشاركة الوحدة 101 والتي منيت بهزيمة ساحقة في حرب الرصاص المصبوب ضدَّ المقاومة في سنة 2006 م. إذ كشف الجنرال الأمريكي كافن بيرت الخبير في الحركات الإسلامية، بأن منطقة الجليل و التي تمتد على حوالي 2083كلم، و تنقسم إلى ثلاثة مناطق، أعلى وغربي، وأسفل ستكون الهدف الرئيسي في أيِّ عملية عسكرية لحزب الله في المستقبل، حيث تؤكد مصادره الاستخباراتية بأنَّ حزب الله يستعد لاحتلال الجليل باستخدام 5 آلاف مقاتل مدربين على أعلى مستوى، وبإشراف خبراء من الحرس الثوري الإيراني، وستتم المرحلة الأولى من هذه العملية العسكرية عن طريق إمطار إسرائيل بمئات الصواريخ المتطورة، والتي ستستهدف تدمير أنظمة الاتصالات والمراقبة البرية والجوية في منطقة الجليل، وفي كل منطقة القطاع الشمالي في تل أبيب، ثم يقوم الحزب بعد ذلك بإدخال المجموعة الأولى من عناصره والتي تضم حوالي ألف مقاتل، والتي ستقوم باختراق منطقة أو بلدة الناقورة الحدودية باتجاه مستعمرة روش وذلك على طول 7 كلم، وذلك من أجل الاستيلاء على بلدة نهاريا في الشمال، والتي تقع بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط، وترجح الدراسة بأن يتمَّ السَّيطرة عليها بالنار في المرحلة الأولى، ومن ثم تتقدم فرقة أخرى إلى بلدة شلومي الواقعة على بعد حوالي 100 متر من منطقة الناقورة، والتي يقطنها أكثر من 6500 مواطن صهيوني، مما يسمح لتلك القوات بالسيطرة على عدَّة طرق رئيسية مؤدية إلى عدَّة مدن كالطريق رقم 89 و199، ثم تقوم مجموعة صغيرة من قوات حزب الله بالتقدم عبر السَّواحل الصهيونية، مُجهزة بقوارب سريعة، ومن ثم تقوم الفرقة رقم 3 باحتلال طرق بنعاة ودير الأسد ودير الكروم شمال بلدة كارمائيل، وبالتالي الإمساك بالطريق رقم 85، وهو ما سيتيح قطع الربط بين البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة صفد وجبال الجليل، وتقوم هذه القوات بتأمين الدعم اللازم لوحدات حزب الله، والتي تكون قد وصلت إلى منطقة نهاريا وشمولي، وإعاقة تقدم القوات الإسرائيلية القادمة من قواعدها المتمركزة في وسط البلاد. وذلك من خلال إطلاق النار وبكفاءة عالية من داخل القرى العربية الثلاث، أماَّ الفرقة الرابعة من قوات حزب الله فتقوم بالسيطرة على واد قادش، وكيبوتسات يفتاح ومتايا وموشاف، فالسَّيطرة على هذه النقاط الحيوية تؤمن تغطية لحزب الله بما يضمن له سهولة ضمّ الكثير من مناطق فلسطين المُحتلة الشمالية، وتحريرها من الوجود الصهيوني، أماَّ الفرقة رقم 5 فهي عبارة عن احتياط استراتيجي لقوات حزب الله في منطقة الجليل الأعلى، ولتفادي هكذا سيناريو فإنَّ القوات الإسرائيلية تعمل على تنفيذ عمليات جداران الصَّد الدفاعي، وذلك من خلال القيام بإجراء مناورات مشتركة بين مختلف وحدات الجيش المختلفة، منها ما يعرف بمناورات تشابك الأذرع، ومناورات ضخمة في الجولان المحتل، حيث شاركت فيها العديد من الوحدات وانضم لتلك المناورات العسكرية لواء جفعاتي، و الذي يعتبر من ألوية النخبة في الجيش الإسرائيلي، ومناورات الكتيبة 198، والتي تعتبر من أهم كتائب الدبابات التي يعوِّل عليها الصهاينة كثيراً للقتال في جنوب لبنان في الحرب المقبلة مع حزب الله اللبناني، بالإضافة إلى مناورات عسكرية يقوم بها الصهاينة لعملية احتلال منطقة صفد، و التي تحاكي عملية احتلال منطقة بيت جبيل في الجنوب اللبناني، و كذلك قيامهم بإجراء سلسلة مناورات لتعزيز الجبهة الداخلية والمدنية، وكانت التوصيات العسكرية الإستراتيجية بعد انتهاء تلك المناورات والتي قدتها لجنة مشتركة من الخبراء، في مختلف أفرع الأسلحة المسلَّحة في الكيان الصهيوني، والتي تشير إلى ضرورة إشراك المؤسسة العسكرية لحوالي 5 فرق في الحرب القادمة مع حزب الله، ويمكن رفع هذا العدد ليصبح في حدود 8 فرق في حال نشوب أيِّ نزاع حدودي بين لبنان والكيان الاستيطاني المُحتل. فمنذ أن نجح جهاز الموساد الإسرائيلي بالتعاون مع المُخابرات الأمريكية في اغتيال الشهيد عماد مغينة قائد الجناح العسكري في الحزب، والمُخطط العسكري الاستراتيجي الذي استطاع بفضل خططه الحربية ودهاءه أن يضمن لحزب الله اللبناني التفوق على إسرائيل في سنة 2000-2006م وإلحاق هزائم ساحقة بها، اغتيال الشهيد عماد مغنية في منطقة كفر سوسة بالعاصمة السورية دمشق في شباط 2008م، وقبلها بسنوات اغتيال أمينه العام السيِّد عباس الموسوي والشهيد راغب حرب و الحاج مصطفى بدر الدين القائد العام لقوات حزب الله والذي خلف الشهيد عماد مغنية وتمَّ تعويضه لاحقاً بالشبح مثلما يعرف لدى دوائر جهاز الموساد الصهيوني السيِّد طلال حمية، والذي لا يزال على رأس عمله حالياً، بالإضافة إلى العديد من كوارد الحزب ورموزه، فالحزب يعدٌّ للمعركة المقبلة جيداً لأنه يعرف بأنها ستكون مصيرية وحاسمة، وأهم الأهداف التي يريد الحزب تحقيقها من خلالها، هي ضمان نجاحه في احتلال منطقة الجليل الأعلى، وتوجيه ضربة قاصمة لهيبة إسرائيل دولياً، ومن ثم التخطيط لتحرير مدينة القدس الشريف من دنس الصهاينة، مثلما أكد على ذلك السيِّد حسن نصر الله في أحد خطاباته بالضاحية الجنوبية لبيروت مؤخراً، وبالتالي فإنَّ الصراع الاستخباراتي بين كوادر المقاومة اللبنانية و الموساد الإسرائيلي، سيشتدُّ وطيسه أكثر، وذلك لجمع أكبر قدر من المعلومات القيمة والمهمة، استعداداً للحرب القادمة خصوصاً بعد أن عادت العلاقات قوية ومتينة بين حزب الله وحركة المقاومة الفلسطينية حماس ، وحديث الصهاينة المستمر عن مساعدة حزب الله لحركة حماس في إنشاء قواعد دائمة لها في جنوب لبنان، والذي سيكون مسرح عملياته القادمة مثلما يتوقع كثيرون في الكيان المحتل بالتأكيد. 
*كاتب جزائري