2024-03-28 02:37 م

الحرب الأمريكية الجديدة على منطقتنا

2018-01-05
بقلم: طلال سلمان
إذا أردنا أن نقرأ «الأوضاع العربية» فعلينا أن نتخذ من الخطاب الإسرائيلى الرسمى مرجعًا، مشفوعًا بالقرارات المتصلة بمصير الأرض الفلسطينية المحتلة، يستوى فى ذلك ما «أُعطى كهبة» للسلطة البلا سلطة، أو ما تُرك أرضا مفتوحة أمام المستوطنين المتوحشين، والمعززين بدعم جيش العدو وقوى أمنه الداخلى.

لقد أعلنتها سلطات الاحتلال الإسرائيلى علنًا: كل أرض فراغ لنا، وكل أرض مميزة عليها قرية فلسطينية عتيقة هى لمستعمراتنا الجديدة.
من الطبيعى والحال هذه أن ينطبق الأمر على القدس، التى حسمت الإدارة الأمريكية «هويتها»، حين قرر الرئيس الأمريكى، الفذ دونالد ترامب، أن ينقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وأن تشترى إدارته فندقًا كبيرًا يقع على تلة من تلالها ليكون مقرًا مؤقتًا للسفارة العتيدة، ريثما يتم بناء المبنى الأصلى. وليس مستغربًا، والحال هذه، أن يبدأ الحديث الإسرائيلى عن «اختيار» ضاحية من ضواحى القدس لتكون عاصمة للسلطة، التى لا سلطة لها، تمهيدًا لشطب كلمة «فلسطين التاريخية» بعاصمتها القدس كوطن للفلسطينيين. يتصل بذلك أيضًا مشاريع القوانين، التى ينظرها الكنيست الآن والتى تقضى «بتناسى» الحق الفلسطينى فى «بعض» القدس، ومواصلة بناء المستوطنات، بما لا يبقى مساحة لقدس عربية، ولا لفلسطين على أرض إسرائيل المقدسة؟!.

لقد اطمأنت السلطات الإسرائيلية، ربما بأكثر مما يجب، إلى تردى الأوضاع العربية، وإلى التنازلات العربية المتوالية بأسرع من الصوت، عن الحقوق العربية فى فلسطين، خصوصًا مع تسارع حركة الدول العربية فى اتجاه الاعتراف بدولة العدو.. ولم يعد سرًا أن معظم دول الجزيرة والخليج قد باشرت، فعلًا، الالتحاق بقطر فى التمهيد لإقامة علاقات مباشرة مع إسرائيل. وفى الأخبار ما يفيد بأن ما يشبه «القنصلية» بات قائمًا، ولو بلا إعلان، فى دولة الإمارات العربية المتحدة.. أما البحرين فلم يتردد ملكها فى إرسال وفد سياسى بغطاء دينى اختار لرئاسته شيخًا معممًا من الشيعة لكى يتحدث عن «الأخوة» بين الإسلام واليهودية، فى حين كان ملك البحرين يستقبل وفدًا من أعيان اليهود الإسرائيليين، الذين جاءوه للحديث عن المشتركات بين اليهودية والدين الحنيف. وتتواتر الأخبار، يوميا، عن اتصالات ولقاءات بين مسئولين سعوديين (غير الأمير تركى الفيصل) ومسئولين إسرائيليين.. وقد راجت شائعة عن زيارة قام بها ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان إلى الكيان الإسرائيلى.. وحتى لو كانت هذه الشائعة غير صحيحة أو غير دقيقة، فالمؤكد أن إسرائيل تقدم «خدمات مميزة» للحرب السعودية الإماراتية ضد فقراء اليمن فى مدنهم وقراهم ذات الشميم التاريخى.
بالمقابل، لم يعد المسئولون الإسرائيليون يتورعون عن الحديث عن «مستقبل مشرق» للعلاقات مع دول النفط والغاز العربية، ويحددون وجوه التعاون المفتوح فى مختلف المجالات، بما فيها السلاح «حيث يمكن أن تحل تل أبيب محل واشنطن، وهذا يختصر المسافات والنفقات».
واضح أن غياب المثلث العربى الذى كان، ذات يوم، قادرًا ومؤهلًا على المواجهة، مصر والعراق وسوريا، قد فتح أمام العدو الإسرائيلى أبواب الخليج العربى على مصراعيها.
بالمقابل، فإن الاصطفاف العربى فى مواجهة إيران، والذى ضم إلى دول الخليج بعض دول المشرق العربى، قد وفر لهذا «المعسكر» ما يمكن اعتباره «القضية»، إذ بات العداء لإيران بديلًا من العداء لإسرائيل، ثم تطور الأمر إلى تحالف، خصوصًا إذا ما تذكرنا «ثارات» العدو الإسرائيلى على «حزب الله» فى لبنان، الذى قاتله بمجاهديه وبالدعم الإيرانى (السورى) حتى أخرجه منه مدحورًا فى