2024-03-29 08:17 ص

استراتيجية الأمن الأمريكية وملامح 2018

2018-01-05
بقلم: إيهاب شوقي 
يوما بعد يوم تثبت صحة خيار المقاومة وامتلاك الردع والذي اجبر قوى عظمى على احترام معسكر المقاومة وشكل الصمود ونتاجه المتمثل في صواريخ الردع عاملا من اهم عوامل الحماية وتغيير خطط الاعداء. انتظر ترامب عاما حتى يصدر استراتيجيته للامن القومي وقد تأخرت وتم تسريب ملامحها على اجزاء ربما في انتظار اي انتصارات ميدانية للارهاب ولاتباع ترامب على الارض، وعندما لم يجد ملامح هذا الانتصار، لجأ الى انتصار وهمي ليسوغ به هذه الاستراتيجية، وتجسد هذا الانتصار الوهمي في الاعلان الشهير عن القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي. نعم هو بمثابة اعلان استعراضي خاو من اي مضامين ولا يعكس اي اوضاع ميدانية، بل ربما يعكس توترا وفشلا وهزيمة سياسية كاشفة للهزائم الميدانية. ربما هذه الحقائق على الارض هي ما اجبرت ترامب على استراتيجية للامن القومي لا تقوم على مبدأ القوة العظمى الاحادية، وانما استراتيجية بمثابة استنساخ او احياء لاستراتيجية الحرب الباردة واهم ملامحها سياستان رئيستان، هما سياسة حافة الهاوية وسياسة سباق التسلح. ويمكننا رؤية ملامح حافة الهاوية تحديدا مع ايران وكوريا الشماليةفيما يلي: وفقا للقناة الإسرائيلية العاشرة، وقع مستشارا الأمن القومي الأمريكي ماكماستر، والإسرائيلي مئير بن شاباط على بروتوكول سري في 12 ديسمبر 2017 في البيت الأبيض. وقد وضعت هذه الوثيقة أربع مجموعات للعمل بشكل مشترك على المواضيع التالية : - الدعم الإيراني لحزب الله وسوريا - اتفاق 5 + 1 - برنامج الصواريخ الإيراني - المبادرات المحتملة لكل من إيران وحزب الله وتقول التقارير ان هذا من شأنه أن يكون تنفيذا للإستراتيجية المناهضة لإيران، التي أعلن عنها الرئيس ترامب في 13 أكتوبر الماضي. وفي مايو الماضي صدرت وثيقة امريكية وكانت موجهة إلى تيلرسون من براين هوك أبرز مساعديه المؤثرين. خلاصة هذه المذكرة - التى تعد بمثابة بيان تفسيرى حول استخدام حقوق الإنسان فى العلاقات الخارجية - هو أن إثارة قضايا حقوق الإنسان يجب أن يجرى على أساس انتقائي، ومع الدول التى تعتبرها واشنطن غريمة، ككوريا الشمالية مثلا أو إيران والصين، أما الدول الحليفة فلابد من التعامل معها بطريقة مختلفة. تشي تحركات ترامب في الملفين الكوري والايراني بانها دفع للصدام والوصول به لحافة الهاوية املا في الحصول على مزيد من المال الخليجي اما في صورة "رشاوى وهدايا" او على صورة مبيعات للاسلحة ونشر قريب لانظمة صاروخية على غرار الدرع الصاروخي الامريكي في اوربا او في كوريا. من جهة اخرى يبدو سباق التسلح استنزافا لروسيا وكذلك للدول المدرجة تحت بند "المارقة" في التعريف الامريكي وهي دول الممانعة والمقاومة. وهي سياسة نجحت في الماضي في استنزاف الاتحاد السوفيتي اعتمادا على حجم الثروة الامريكية التي تفوق ثروة الاتحاد السوفيتي وكذلك على مبيعات الاسلحة لدول الخليج والدول الغنية مقارنة بالاسعار الزهيدة او ربما الاهداءات التي قام بها الاتحاد السوفيتي لقوى التحرر الوطني. ربما تحاول روسيا الحالية تلافي ذلك بالعمل على فتح اسواق للاسلحة في الخليج وصفقات مع الاتراك، ولكن فتح مجال سباق التسلح هذه المرة ربما من غير المضمون ان يصب في صالح الامريكان كالعادة نظرا للاعتماد على دول الخليج والتي باتت مأزومة والتي لن تتحرك الا بدافع حافة الهاوية والتي يقوم الامريكان بالدفع لها! في كتابه النظام العالمي الصادر في 2014، يقول الوزير السابق للخارجية الأمريكية هنري كيسنجر: إذا أرادت الولايات المتحدة أن تلعب دورا مسؤولا في هذا النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين فعليها أن تكون على استعداد للرد على عدد من الأسئلة: وطرح كيسنجر اسئلة، ونرى ان من اهمها سؤالين تبدو اصداؤهما في السياسات الحالية لترامب: 1 - ما الذي نسعى إلى منعه؟ - مهما حدث وإذا لزم الأمر لوحدنا – وما الذي نسعى إلى تحقيقه مهما صادفنا من عقبات وحتى لو لم نلق أي دعم من الأطراف المتعددة؟ 2 - ما الذي نسعى إلى تحقيقه أو منعه شريطة أن يكون مدعوما من التحالف الدولي؟ والسؤال الاول ربما تجسد في اعلان القدس والذي بدت فيه امريكا منعزلة وهو شرط رئيسي لاطلاق سياسات حافة الهاوية وايضا سباق التسلح. اما قرار الحرب فهو متعلق بالسؤال الثاني وهو ربما قرارا للحرب لم يتخذ لعدم توفر شروطه لانهيستلزم تحالفا دوليا تتحقق مصالحه بالكامل في هذا القرار وهو ما اخر الحرب، ولكنه لا يمنع في ذات الوقت من احتمالية حروب محدودة تخدم سباق التسلح اقليميا وتخدم حافة الهاوية دوليا! ولعل تصريحات ترامب تؤكد الى حد بعيد عودة امريكا الى ادبيات الحرب الباردة وسياسات فوستر دالاس، فقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمام أنصاره في فلوريدا، إن الولايات المتحدة انتصرت في حربين عالميتين، وتمكنت من تركيع الشيوعية. ونقلت قناة Fox Business عن دونالد ترامب، قوله: "نحن أمة حفرت قناة بنما، وانتصرت في حربين عالميتين، وأرسلت أول البشر إلى القمر وأركعت الشيوعية. اما الصهاينة فيبدو ان خطط الماضي لم تفارقهم تماما وربما وفي اجواء سد النهضة الاثيوبي وتحركات اردوغان المريبة الاخيرة، يجدر بنا التذكير بما يلي: بعد سقوط حلف بغداد، بعث مؤسس دولة «إسرائيل» ديفيد بن غوريون إلى الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور رسالة قال فيها: «إنه لمن الخطأ الفادح أن تفكر الولايات المتحدة بإقامة حلف في الشرق الأوسط يرتكز على أي عاصمة عربية. إن نظام الشرق الأوسط، لكي يحظى بالاستقرار وبالولاء للغرب، يجب أن يرتكز على عواصم ثلاث، أنقرة وتل أبيب وأديس بابا».