2024-03-28 11:33 م

ديفيد هيرست: السعودية والإمارات فشلتا وتبدد طموحهما

2017-12-30
أكد الكاتب البريطاني ديفيد هيرست أن السعودية والإمارات فشلتا في تحقيق طموحهما وخسرتا نفوذهما. وقال هيرست إن الحفاوة التي استقبلت بها الرياض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان من المفترض أن ينذر ذلك ببدء تحالف جديد بين الدول العربية ضد إيران والإسلام السياسي، لكنه كان في الواقع تحالف العصر الجديد تُعميه أوهام الغرور. لقد ظنوا أنَّ بإمكانهم إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق أهوائهم ومصالحهم. لكنهم فشلوا وبدأوا من الآن يستيقظون على الصداع الذي أصابوا أنفسهم به".

وأضاف في مقاله: "لم يُخطِّطوا فقط لكي يحلوا محل أمريكا التي بدأت تتراجع، بعدما كانت قائد المنطقة الوحيد في القرن الحادي والعشرين، بل وأن يسيطروا على الاتصالات والتجارة في العالم العربي. وتابع: "أعادت زيارة ترامب الحيوية إليهم، إذ بدأوا أولاً بحصار قطر، ثم حملة التطهير التي راح ضحيتها العديد من الأمراء، ثم أمر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بالاستقالة، ثم أمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن يتخلى عن القدس الشرقية وحق العودة، أو أن يتنحى جانباً كي يُنفذ تلك الأوامر شخصٌ غيره".

وكشفت كل رمية نرد طريقة التفكير الاستبدادية لدى الرجال الذين أرادوا أن يسيطروا على المنطقة، الرجال الذين لا يهمهم الرأي العام، ولا المُساءلة، ولا التاريخ، ولا الدين، ولا الثقافة، ولا الهوية. هؤلاء الرجال موجودون لكي يحكموا، ويملكوا، ويأمروا. أما الآخرون، فهم موجودون فقط لكي يطيعونهم، حسب قول هيرست.

وقال هيرست: إن الحرب الصامتة بين تركيا والإمارات قد صارت حرباً مُعلنة" فقد نشب شجارٌ بسبب إعادة عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، تغريد منشور يتهم فيها فخري باشا، الحاكم العثماني الذي دافع عن المدينة المنورة ضد القوات البريطانية، بسرقة الآثار المقدسة الموجودة في قبر الرسول. وردَّ عليه أردوغان قائلاً: "حين كان أسلافي يدافعون عن المدينة، أين كان أسلافك أيها الرقيع؟".

وذكر هيرست أن السودان بدأت تملُّ من دورها في إمداد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بأعداد كبيرة من الجنود- وفق تعبير هيرست-، وذكرت تقارير غير رسمية أنَّ سحب القوات السودانية من اليمن قد بدأ بالفعل ووفق الكاتب البريطاني. وقبل أيام من زيارة أردوغان، أخبر السودان الأمم المتحدة بمعارضته لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تنازلت مصر بمقتضاها عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية. وقد أثَّرت الاتفاقية على السودان أيضاً، ففي تلك الاتفاقية، اعترفت السعودية بأنَّ منطقة الحدود التي تتنازع عليها مصر والسودان، التي تُدعى مثلث حلايب، جزء من مصر.

ووفق الكاتب البريطاني، فقد كانت زيارة أردوغان فرصة للسودان لكي يرسل رسالة إلى الرياض والقاهرة. وقد أعلن الرئيس التركي أنه قد وُكِّلَ إليه تطوير جزيرة سواكن، شرق البحر الأحمر.

لكنَّ الاتفاقية العسكرية، التي عُقدت في الزيارة ذاتها كانت تتسم بالأهمية. وقد وصلت الرسالة إلى السعودية. فقد وصفت صحيفة عكاظ قرار السماح لتركيا بإعادة بناء الجزيرة بأنه "تهديدٌ صريح للأمن القومي العربي".

وفي ختام مقاله يتساءل هيرست: إذاً، كيف يبدو شكل العالم العربي الجديد بعد عام من الدراما التي تقطع الأنفاس؟ تقلَّص مجال نفوذ السعودية؛ فقد بدأت العام على رأس 6 دول خليجية، واستدعت 55 من قادة الدول ذات الأغلبية المسلمة، لكي يستمعوا إلى الرئيس الامريكي دونالد ترامب وهو يلقي عليهم محاضرة عن الإسلام الراديكالي، وأنهت العام وهي تنزف ذلك الدعم؛ إذ فقدت السعودية لبنان تماماً..

وقال هيرست: إن السعودية تظن أنه طالما كان ترامب وإسرائيل إلى جانبها، فما مِن أمرٍ آخر يهم. لكنَّ هناك 3 أخطاء في تلك الحسبة. أولاً، افتراض أنَّ ترامب سيستمر رئيساً للولايات المتحدة، هذا أمر يُشكِّك فيه كبير مستشاري الشؤون الإستراتيجية ستيف بانون نفسه. فقد أخبر مجلة "فانيتي فير" بأنه يعتقد أنَّ فرصة ترامب لتجنب إنهاء ولايته الأولى، إما بأن تُسحب منه الثقة، وإما بأن يعزله البرلمان باستخدام التعديل الـ25 في الدستور، لا تتجاوز الـ30 %. ودون ترامب، ستذهب خطط السعودية أدراج الرياح. ولن يسلك الرئيس القادم، أياً من كان، الطريق الكارثي ذاته.

ثانياً، إسرائيل، التي تستطيع قراءة سياسة واشنطن أكثر من السعوديين المبتدئين. وهي لذلك تُسارع في خلق واقع على الأرض، ووضع الأحجار الأخيرة في جدار المستوطنات التي تبنيها بالقرب من القدس..

ثالثاً، القدس، فبين ليلة وضحاها، أعاد إعلان ترامب الصراع الفلسطيني إلى قمة قضايا الشرق الأوسط، ونتيجة لذلك، ليس أمام الفلسطينيين خيار آخر سوى أن يُدشِّنوا انتفاضةً ثالثة. وقد بدأ مسؤولو الأمن الإسرائيلي بالفعل في تحذير قادتهم السياسيين من التوتر الذي يُخيِّم على الأجواء. إذ يقولون إنَّ الأجواء المتوترة في غزة تذكرهم بالأجواء التي سبقت صراع غزة عام 2014. وعادت القضية الفلسطينية في قلب الأحداث، وفي مركز الخلافات بين المعسكرين. وعاد الإسلام السياسي ليلعب دوراً قوياً. وبعدما نفدت أوراقهم في اليمن، بدأت السعودية والإمارات في التودُّد إلى قادة الإصلاح. وأظهر الإسلاميون السياسيون قوتهم من خلال مظاهرات في الأردن والعالم العربي من أجل القدس.