2024-04-24 12:45 م

أصل الحكاية (الأردن هي فلسطين)!!

2017-12-16
بقلم: عبد الفتاح طوقان 
حكومات متتالية ووزراء تعاقبوا على الأردن لم ينتبهوا الي حكاية أن “الأردن هي فلسطين” التي هي شعار إسرائيل وخطتها حسب دعاية اليمين الإسرائيلي، وعندما استيقظ بعض منهم كان الوقت قد فات وبات الحديث عن اليمين الإسرائيلي انه متطرف متناسيين ان حكومات الاردن في واد والعالم في واد اخر.  “الأردن هي فلسطين” ليست فقط مقولة بل مخطط وفعل قادم ينطلق من قلب وعقل اليمين واليسار الاسرائيلي وهي عقيدة وقناعة لديهم جميعا لن يتنازلوا عنها وحان وقت تطبيقها من وجهة نظرهم وحسب معطيات حالة التمزق العربي والصمت.  العالم الغربي مقتنع حسب ما بين يديه من وثائق ان “الأردن هي فلسطين”، حيث لا وثائق في مقابل تلك الوثائق، والحكومات الأردنية متغافلة او متجاهلة او نائمة او غير مؤهله سياسيا أو مطلوب منها التغاضي أو انها بلا ولاية على السياسات ووزارة الخارجية او امية او كل ذلك معا.  استيقظت جحافل الحكومات الأردنية منذ أسبوع بعد اعلان ان القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل، وكآن ذلك كان مفاجأة لهم، لتدعي على لسان أحد الرؤساء السابقين مدي خطورة أن الدور القادم على الأردن وان الأردن هي فلسطين حسب اليمين الإسرائيلي (حديث رئيس الوزراء الأردني طاهر المصري المنشور في عمون تحت عنوان الجنرال اللنبي و ترامب 9 ديسمبر 2017). وبعد اجتماعات استمرت ليومين لرؤساء حكومات تمخض الجبل عن “برقية تأييد للملك ” لا تسمن ولا تغني من جوع ولن تغير الواقع او تساهم في وقف الهجمة الشرسة والاعصار القادم.  مجرد بروتوكول ومجاملات لا تمت لكيفية المواجهة وإدارة الصراع وتفادي التهلكة باستثناء مداخلات بعض الرؤساء ومنها ما أشار اليه كل من دولة احمد عبيدات وعبد الكريم الكباريتي على سبيل الذكر لا الحصر.  التساؤل من الذي يقرر ان اليمين متطرف؟ متطرف من وجهة نظر من؟ ولماذا التدخل في الجدلية عوضا عن الحقيقة الغائبة وتحضير الوثائق والملفات التي تثبت العكس؟  الجملة الاعتراضية التي تنفي أن الأردن هي فلسطين لا وزن لها ولا قيمة دون توثيق وأستحضار للتاريخ.   ان فكرة التطرف هي من وجهة نظر اردنية بحتة وليس من وجهة نظر إسرائيلية او أمريكية التي تعتبرها تمسك بالوطن القومي لليهود، في الوقت تنظر الحكومات الإسرائيلية ان “الأردن” تحت حمايتها وخط الدفاع عن بقائها وأنها صاحبة الفضل في الإبقاء على الملكية والهاشميين على ارض هي جزء من مملكة إسرائيل. (توم ساجيف : المؤرخ الإسرائيلي ورئيس تحرير جريدة معاريف الأسبق ، كتاب 1967 الحرب و العام الذي غير الشرق الاوسط :  1967: Israel, the War, and the Year that Transformed the Middle East).  بداية الحكاية ان ملفات وخرائط ووثائق رتبت وكتبت وصور اخذت وارشفت منذ مؤتمر “هرتزل” وطلاب علم أرسلوا الي أكبر مراكز البحث والتاريخ وجامعات عريقة وبعد سنوات خرجوا الي العالم يحملون اعلي درجات العلم والفلسفة والتاريخ، وباتوا مسيطرين على الاعلام والوثائق والمكتبات ومراجع البحث ضمن وظائف اخري، وأصبحوا هم أساس كل ما يتداول من وثائق وخرائط ومرجعا لذلك في دول يحملون جنسياتها، فيقال العالم الهولندي او المؤرخ البريطاني او الكاتب الأمريكي وكلهم يهود تم اخراجهم و اظهارهم في اكبر عملية بناء اسطورية لعقول تسيطر علي العالم.   أنها خطة بناء دولة في الوقت أن الأردن وحكوماته ليس لديهم خطة، وأفعال بعض الحكومات هو سبب تقويض الدولة وايصالها الي ما هي عليه سياسيا. وعموما بعض الحكومات العربية الأخرى ليست بأحسن حالا.  التوثيق اليهودي يقول ان سيناء هي جزء من فلسطين، التي هي جزء من إسرائيل وقد وثق ذلك البروفيسور يوفال نعمان من جامعة تل ابيب والذي كان من المقربين من ديفيد بن غوريون واحد وزرائه ومن العسكريين الذين شاركوا في الحروب معه. لقد تحدث اليه وأطلعه على الخرائط القديمة الا أن مصالح بعض الدول تركتها في عهده مصر آنذاك*.  ( The Legal Foundation And Borders Of Israel Under International Law: Aالمصدر :   Treatise on Jewish Sovereignty over the Land of Israel)  ولقد وُثقت حدود إسرائيل وسبب تواجدها في كتاب المحامي هوارد جريف (المشار اليه أعلاه) والذي قدم الاسس القانونية والحدود الإسرائيلية بموجب القانون الدولي في توثيق وشرح خاص بالمعاملة القانونية الشاملة واعتمد منهجية للحقوق القومية والسياسية اليهودية في كل أرض إسرائيل.  المؤلف هوارد جريف هو المنشئ للأطروحة أن السيادة القانونية على كامل أرض إسرائيل وفلسطين (التي تضم الأردن باعتباره الجزء العربي من مملكة إسرائيل والمفترض ان تنشأ عليه دولة فلسطين)، ويوثق بالأدلة النهج القانوني الدولي انها كانت منوطة بالشعب اليهودي نتيجة لقرار سان ريمو الذي اعتمد في مؤتمر سان ريمو للسلام في 25 أبريل 1920  المحامي هوارد جريف كتب فقرات من خطاب كل من بيجين ورابين ووزير البيئة في معاهدات السلام، المصرية والأردنية، لان كل كلمة توثق قانونيا في تاريخ وليس مثل كلمات وخطابات رؤساء الحكومات لدينا من وحي الخيال تذهب ادراج الرياح، تعتبر عرفيا كلمات ترحيبية ومجاملات لا يعتد بها قانونيا.  أن دولة إسرائيل دولة قائمة على التخطيط وتجنيد كل الأفكار وتجهيز قوافل من الخبراء وتدربيهم واعدادهم ليكونوا في طليعة مؤرخين العالم وسياسيها.  كل كلمة وكل حرف يدرس بعناية حين يكتب في كلمات رؤساء الحكومات والوزراء الاسرائيليين.، ويربطون الكلمات والجمل معا في تسلسل منطقي بحيث تجد كل الخطابات منذ تأسيس دولة إسرائيل والي يومنا هذا مترابطة ومتداخلة ومتناسقة في ترتيب وتوثيق منهجي متقن.  يشير المحامي هوارد في كتابه على سبيل المثال الي ان اتفاقية سايكس بيكو اعتمدت على محادثات الشريف حسين مع مكماهون فيما لم تشمل فلسطين.  لم أجد أي إشارة الي أي توثيق أردني او عربي الي ذلك سواء تأييدا او نقدا بالتوثيق والمراجع واقصد ليس بالعواطف والانكار اللفظي والكلام الفارغ من المحتوي فهو كثير.  ثم انتقل بحديثي الي عام 1952 حيث حصل بروفيسور إسرائيلي من جامعة هارفرد على الدكتوراه في “عبر الأردن ” وكان البحث عن مستقبل تلك المنطقة باعتبارها فلسطين وليست الأردن مؤكدا ان ما يقال انه صفقة القرن خطط لها منذ عام 1952 وأن وجود الأردن على صورته الحالية هي حالة يري الإسرائيليون انها مرحلية لخدمة فترة تاريخية حيث ستعود الأردن الي فلسطين الطبيعية، وهو ما قصد به في قرارات الامم المتحدة انشاء دولة إسرائيلية وفلسطينية.  أتساءل اين بالله عليكم كانت الحكومات الأردنية ووزراء الخارجية من عام 1952 والي يومنا هذا؟ الم يقل أحد او يهتم أحد بملف الأردن وتأسيسه وحدوده وتواجده؟، اين دور وزارات التخطيط والخارجية علي مر العصور؟، الا يجب محاكمة الوزراء على تقصيرهم المتعمد عن جهالة في ذلك؟  يجب ان تكون محاكمة الوزراء محاكمة القرن لأنهم ساهموا بطريق غير مباشر وبتقصيرهم بالتمهيد وتسهيل الطريق وتعبيده لصفقة القرن المقترحة ومهدوا لها. ويتحمل المسؤولية معهم رؤساء الحكومات لاختياراتهم الخاطئة لهؤلاء الوزراء.  الفكر والدراسات والتوثيق اذن منذ الازل في الفكر الإسرائيلي في الوقت بعض الحكومات الأردنية لا تقرأ ودور وزير الخارجية لا يتعدى دور السكرتير وناطق رسمي بما يملي عليه من تعليمات، بل انه يفرض عليه هذا الدور.  واعود الي الفكر الإسرائيلي والتوثيق حيث مؤخرا في الثاني من ديسمبر 2017 صدر الجزء الثاني من كتاب “قصة اليهود ” من عام 1492 الي 1900، بعد الجزء الاول الذي صدر عن الفترة من 1000 قبل الميلاد الي 1491 وهو جهد توثيقي مميز استغرق 15 عاما لأستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا سيمون شما بينما يستعد للجزء الثالث في موسوعة هامة عن اليهود وتاريخهم ووجودهم.  واود إضافة أن الصحافة في إسرائيل تضم خبرات مؤهلة مثل زافي باريل الذي هو محلل شؤون الشرق الأوسط لصحيفة هآرتس. وهو كاتب عمود وعضو في هيئة التحرير. وكان سابقا محرر تحرير الصحيفة، وهو مراسل في واشنطن، كما غطى الأراضي المحتلة.  وكان باريل مع صحيفة هآرتس منذ عام 1982، وقد كتب على نطاق واسع عن العالم العربي والإسلامي. في عام 2009، حصل على جائزة سوكولوف لإنجازاته وكتاباته مدى الحياة في الصحافة المطبوعة.  وهوحاصل على درجة الدكتوراه في تاريخ الشرق الأوسط و يدرس في كلية سابير الأكاديمية، وهو زميل باحث في معهد ترومان في الجامعة العبرية في القدس، وكذلك في مركز الدراسات الإيرانية.  زافي كتب تحليلا عن قرار ترامب حول القدس عاصمة إسرائيل وردود الفعل العالمية المتوقعة في جريدة هارتز تحدث فيه بتحليل علمي واقعي لما سيحدث بعد القرار سواء عن المظاهرات التي ستحدث في الأردن وتدعو لها الحكومة، عن دعوة تركيا لمنظمة المدن الإسلامية وتغيب البعض قصدا لأفشال المؤتمر، عن الدور السعودي والمصري وتبعيتهم لأمريكا في قراراتهما وغيرها وهو ما حدث.  كانت مقالته شرحا عن العلاقة الامريكية والتبعية العربية والمصالح الشخصية للحكام مع أمريكا وإسرائيل والتداخل فيما بينهما وأن القرار سيواجه ببعض من مظاهرات ومؤتمرات واعتصامات وحالات من الشجب وستنتهي حيث لا شيء يخيف الإدارة الامريكية ولا إسرائيل.  واقصد كيف يتم اختيار نوعيات مؤهلة لإدارة الاعلام والصحف وللكتابة والتوثيق والتحليل، حتى وان كانت ادعاءات كاذبة، الا انها كتبت بعناية، في وقت رئيس تحرير صحيفة اولي راسب توجيهي ومدير تحرير ثالث اعدادي وعالم بوفيه يتحول الي مدير تحرير، وغيرهم ممن في مراكز متقدمة من منظومة الاعلام المحلي.  كما في السياسة هو في الاعلام وفي المقابل، لا دراسات ولا توثيق ولا اهتمام بالمفكرين والباحثين والسياسيين، الوزارات هي للترضية وللأصدقاء والمنفعة الشخصية ولكل من لديه المقدرة على النفاق للرئيس وإرضاء المنظومة الأمنية واكمال النواقص الجغرافية في التشكيل، بعكس الجهد الجماعي والرؤية الاستراتيجية بعيدة المدي لدي الإسرائيليين.  هذا هو الفرق بين من يدير دولة إسرائيل ورؤيتها التي تحترم بخصوص طريقة بناء دولتها وأبنائها ومنظومة مؤسساتها والأردن الذي أوقع نفسه في المصيدة بسبب حكومات ضعيفة غير مؤهلة.  الي متي الصبر على تلك الحكومات وطرق تشكيلها واختيارات الوزراء؟، الم يحن تطوير الفكر والنهج؟  واقصد إذا لم يتم الانتباه والإصلاح السياسي الحقيقي  و استقطاب الجميع للعمل يدا واحده لاجل الحفاظ علي الأردن و ان يتم ذلك فورا ودون أي تآخير قد نستيقظ يوما في فلسطين حسب خريطة يوليو 1922 التي تتبناها إسرائيل، فلسطين الأردنية لا الاصلية.  أن الأردن يلعب في الوقت الضائع من مباراة الوجود على ارضه، في حين إسرائيل تأهلت للدور النهائي وفلسطين خرجت من التصفيات الاولي.  اللهم اشهد أنى بلغت “مين فين نبتدئ الحكاية؟”.  aftoukan@hotmail.com