2024-04-19 01:30 م

السيسي الى طهران إذا...

2017-11-19
بقلم: نبيه البرجي

ماذا يقول الله حين يشاهد أطفال اليمن...؟!
السؤال أخذناه من أب في هايتي حين عثر على أطفاله جثثاً بين أنقاض الزلزال الذي ضرب هذه الدولة البائسة عام 2010.
بغضب قال الأب لكاهن كان يقيم قداساً فوق الركام «اسأل الله لماذا فعل بنا هكذا...». ببرود وثقة أجاب الكاهن «لأنه يريد لهم حياة أفضل» (أي في السماء). الأب حمل حجراً ضخماً ليضرب به رأس الكاهن وهو يصرخ «ألا تريد أنت حياة أفضل ايضاً ؟».
صحافي يمني شاب استغرب، عبر احدى الشاشات، كيف أن المآذن، في أرجاء العالم العربي، تدعو الى الصلاة. لم يلاحظ أن مئذنة واحدة تدعو الى انقاذ الهياكل العظمية لأطفال بلاده.
شيخ أزهري هزته مشاهد الأطفال الذين تأكلهم الكوليرا، ويأكلهم الجوع، طلب تخصيص يوم جمعة للدعوة، عبر المآذن، الى وقف الحرب. الطلب ظل نائماً عند المسؤول في الأزهر بحجة «اننا لانريد أن نخلط الأشياء ببعضها البعض». ذاك البيروقراطي، هل قرأ محيي الدين بن عربي، وحيث الانسان يذوب في الله، وحيث الله يذوب في الانسان؟
يقول لنا ديبلوماسي مصري في القاهرة ان الاتصالات التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تكون ساهمت في الحد من هيستيريا الرؤوس الساخنة في الرياض. يكشف أن الأمير محمد بن سلمان الذي قد يكون تأثر باله الحرب عند الرومان (مارس)، وربما وجد في شخصه شيئاً من الاسكندر ذي القرنين. لكنه يواجه مشكلة كارثية في اليمن حيث تطحن الحرب المال السعودي الذي هو بأمس الحاجة اليه.
يلاحظ أن ولي العهد السعودي، وحين فكر في اطلاق «عاصفة الحزم»، كان يراهن على مشاركة 50 ألف ضابط وجندي مصري، و50 ألف ضابط وجندي باكستاني. هذا دماغ دونكيشوتي في حين أن الحرب، أي حرب، يفترض أن تستند الى معطيات في غاية الدقة.
الأمير كان يعتقد أن الدخول الى صنعاء لن يستغرق أكثر من شهر، ليعلن عبد ربه منصور هادي، من جبال مران قرب صعدة، انشاء الاتحاد السعودي ـ اليمني. بمعنى آخر الحاق اليمن بالمملكة دون الأخذ بالاعتبار أن خطوة من هذا القبيل تدخل في استراتيجيات الدول الكبرى.
كان يفترض بالأمير محمد أن يصغي الى القيادة المصرية بأن الانتصار مستحيل على الأرض اليمنية، ان بفعل التضاريس القبلية أو بفعل التضاريس الجغرافية. لم يفعل ذلك، بل أعلن «هبوب العاصفة» التي تحولت الى كارثة استراتيجية وأخلاقية. لم تقدم الولايات المتحدة خدمات ميدانية خشية الغرق في فيتنام أخرى أو لاستنزاف المملكة مالياً, تبعاً لفلسفة دونالد ترامب الشديدة الوضوح. لا منتصر هنا سوى حفاري القبور.
ولي العهد الذي لا تتوقف طموحاته الشخصية والجيوسياسية عند حدود يخشى أي تراجع على الأرض قد يؤدي الى فقدانه السيطرة على الأوضاع التي تزداد تعقيداً في بلاده.
الديبلوماسي أضاف «قلنا لأهل البلاط اننا نفهم بنيامين نتنياهو أكثر مما تفهمونه انتم، ونفهم اسرائيل أكثر مما تفهمونها انتم. والغريب أنهم لم يطلعونا أبداً على أي لقاء مع الاسرائيليين الذين هم من ينقلون الينا بعض التفاصيل حول المدى الذي بلغته عمليات التنسيق». 
ليلة الصاروخ الباليستي على مطار الرياض كان يمكن أن تتحول الى ليلة مجنونة. أن يذهب محمد بن سلمان، بصحبة جاريد كوشنر، الى «اورشليم»، ليخطب في الكنيست, وكما فعل أنور السادات منذ نحو أربعة عقود.
في المملكة، وعلى رأس المملكة، من يراهن على القنبلة النووية الاسرائيلية لتدمير النظام في ايران. آنذاك يغدو تفكيك «حزب الله» مسألة تلقائية. «قلنا لأشقائنا السعوديين اياكم والتفكير بهذه الطريقة، ولكن...».
الديبلوماسي يكشف أن هناك جهات خليجية رفيعة المستوى لاحظت المناخات الهيستيرية في البلاط. اتصلت بالقاهرة بما يشبه صيحات الاستغاثة. «لا أدري ماذا حدث وكيف تدخل سيادة الرئيس، لكن الثابت أنه لعب دوراً بالغ الأهمية للحيلولة دون انفجار حرب لا تبقي ولا تذر. بالتالي ترك الاسرائيليين يرقصون فوق عظام الجميع».
المصريون يأملون في أن يفتح الأمير محمد أذنيه. المسار الحالي، حيث الحروب في كل الاتجاهات، يعني الانتحار على طريقة الروليت الروسية. الرئيس السيسي الذي يدرك كارثية المشهد مستعد للذهاب الى طهران اذا ما لاحظ شيئاً من التجاوب السعودي. لدى القاهرة رؤية محددة لوقف الصراعات السيزيفية في المنطقة. حتى الآن لا اشارة من المملكة، وقد لا تأتي أبداً. معلومات الديبلوماسي تتحدث عن عتب سعودي على مصر.
الايرانيون قالوا انهم يفتحون أبوابهم. هل يفتح السعوديون آذانهم؟!
عن (الديار) اللبنانية