2024-03-28 10:36 ص

لم يبقَ في القضية الفلسطينية ما يصفى

2017-11-16
بقلم : حماد صبح
تشعر الدول العربية المتلهفة على علاقات علنية قوية مع إسرائيل أنه الأوان لإزاحة العقبة الفلسطينية أمام تيار هذه اللهفة الجارف . وتقود السعودية هذا التوجه ، وفي سياقه استدعت الرئيس أبا مازن خلال وجوده في القاهرة للقاء مستعجل . وفي الأخبار أنها خيرته تخييرا مهددا بين التجاوب مع " صفقة القرن " التي تطرحها إدارة ترامب أو الاستقالة ليحل محله من دائرة السلطة الفلسطينية من هو مستعد لهذا التجاوب ، وبكلام أصرح " التنازل " . لا أحد حتى إسرائيل ، وإن فعلت ذلك أحيانا نفاقا وابتزازا ، يزعم أن لديه برهانا واحدا على تشدد أبي مازن في مسعاه لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي . ومع هذا ، في نطاق جشع إسرائيل ، وتلهف كثير من الدول العربية لعلاقات علنية قوية معها ؛ تريد إسرائيل وهذه الدول من هو أكثر تساهلا من أبي مازن . وهدف الطرفين ، إسرائيل وهذه الدول ، تصفية قضية لم يبق منها ما يصفى بعد أن أطبقت يد إسرائيل على 60% من أراضي الضفة ، وصار لها فيها 600 ألف مستوطن . ويبدو أن أبا مازن صدم من فظاظة وثقالة الضغط السعودي عليه ، وفي هذا كشف مصدر فلسطيني لموقع " دنيا الوطن " أن أبا مازن أضحى بعد عودته من السعودية في حالة اضطراب واكتئاب ، وضاعف تفاقم هذه الحالة أن السعودية سعت لدفعه إلى اتخاذ موقف متساوق مع موقفها من إيران وحزب الله وحماس . ويقول نفس المصدر إن أبا مازن ينوي أن يلتصق بالموقف المصري احتماء من عواقب الضغط السعودي . ونرى أنه مما يزيد نجاعة هذا الالتصاق أن مصر أوضحت مرتين رفضها للتصعيد العسكري السعودي ضد إيران وحزب الله وكل لبنان ، مرة على لسان رئسيها عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الشباب في شرم الشيخ ، ومرة على لسان بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية . القضية الفلسطينية في مفترق تاريخي معقد حالك المسالك ، وقد تعرت أوراق كل الأطراف ، وانقضى زمن التعاطف العربي الرسمي المنافق معها خاصة تعاطف النظام السعودي الذي تعرت أيضا كل عوراته مهددة بزجه في هاوية انقطاع أجله ، وأقتلها عوراته الداخلية التي انفجر بركانها في أحداث السبت ، الرابع من الشهر الحالي . وإزاء هذا المفترق التاريخي يجب أن يحذر الفلسطينيون ، وأن يتصرفوا انطلاقا من أنه لم يبقَ في قضيتهم ما يصفى ، ويصلح التوكيد على أهمية الخطوات التالية : أولا : تنفيذ استحقاقات المصالحة بجدية وصدق نية ، والتعالي على مجادلات العقم بين فتح وحماس ، وبموضوعية متنزهة ، أكثر هذه المجادلات مصدرها فتح تنظيما وسلطة . رموز فتح والسلطة لا يتوقفون عن ترديد اشتراط إتمام المصالحة _التي بعثت من خمودها عرجاء متعثرة _ وحدة السلاح الذي لا تفسير حقيقيا له سوى تجريد المقاومة في غزة من سلاحها حتى لنحس أن هذا هو الهدف الأول والأخير المراد من المصالحة من جهتهم . ثانيا : تقوية العلاقة مع سوريا والعراق وإيران وحزب الله ، وفي أضيق حال ، اجتناب الخصام مع أي طرف منها . ثالثا : التوضيح بقوة وحزم للدول العربية المتلهفة على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل أنها حرة في فعل هذا ، وأن الفلسطينيين لن يكونوا محللين ( بالمعنى الشرعي لهذه الكلمة ) مزيفين لهذه العلاقات . والمؤكد أن هذه الدول ماضية في ذلك التطبيع أو بالأحرى في علنيته لكونه قائما سرا من سنين سواء حلت بقية القضية الفلسطينية أو لم تحل . رابعا : نتمنى أن يثبت الموقف المصري في معارضته للتصعيد العسكري وغيره ضد إيران وحزب الله ليكون معززا للثبات الفلسطيني الذي نلح عليه ، وسيمثل هذا الثبات عنصر استعادة فعالا للدور المصري في بعده القومي القديم الذي قاد غيابه الطويل إلى خلخلة المعادلات في المنطقة لغير صالح الأمة العربية ، ونذكر هنا بما قاله كوف دي مورفيل وزير خارجية فرنسا الأسبق إنه لكي تدخل إسرائيل في المنطقة يجب أن تخرج منها مصر ، والرجل قال ذلك بحسن نية موضحا علة إصرار إسرائيل وأنصارها على إبعاد مصر عن دورها العربي .