2024-04-20 03:59 م

كلنا آرثر بلفور...!

2017-11-03
بقلم: نبيه البرجي
بعد مائة عام، لنرفع الكؤوس احتفاء بذلك الجحيم الذي يدعى... العالم العربي!
من وضع تلك الأزهار على ضريح آرثر بلفور؟ الوعد الالهي قال باسرائيل من الفرات الى النيل. وزير الخارجية الأنكليزي قال باسرائيل الصغرى.  الحاخام مائير كاهانا لاحقه باللعنة لأنه «حشر» اليهود في «الهولوكوست الجغرافي». 
الآن، اسرائيل من المحيط الى الخليج.  دونالد ترامب هو قائد الأمة العربية. أحد ملوك العرب كاد يقدم اليه سيف أبيه.  هي قصة غرام بيننا وبين المهرج الذي يقول ستيف بانون انه مصاب بالبارانويا. فريد زكريا، المعلق الشهير، سأل ما اذا كان دفع الشرق الأوسط الى حافية الهاوية لا يعني «أن نتدحرج الى الهاوية». 
أجل، باقة أزهار على قبر آرثر بلفور الذي كان يعتبر أن الوثنية تجلس القرفصاء في اللاوعي العربي. ادوار سعيد سأل «لماذا يشبه لاوعينا... المقبرة؟»
الانكليز لم يكتفوا بتفخيخ التاريخ. ذهبوا بعيداً في تفخيخ الجغرافيا. من يقرأ «أعمدة الحكمة السبعة» لـ«لورنس العرب» يلاحظ أن رجال أصحاب الجلالة، والآن رجال صاحبة الجلالة، ينشطون ديبلوماسياً، وعلى اساس أن العقل العربي ما زال يختال بين مضارب القبائل. 
هكذا قطع لورنس الصحارى بالكوفية والعقال. ماذا فعل لويد جورج ووزير خارجيته سوى أنهما استندا الى الباحثين في الأنتروبولوجيا الذين لم يلحظوا أي علاقة عضوية بين العربي والمكان، كما لو أن جمال حمدان لم يتحدث عن... عبقرية المكان. 
برنارد لويس لاحظ «مدى الغرابة في تلك الديانة التي تركت الكائن البشري عالقاً بين السماء والأرض». قال ان «المملكة اليهودية» بقيت تتوهج في الذاكرة لثلاثة آلاف عام رأى أن ناقة العربي هي أرضه. الناقة الآن هي الدولة. 
واقعياً , في ظل تشابك الاستراتيجيات، باتت اسرائيل من الفسطاط الى القيروان. هكذا كان البارون دو روتشيلد يرى كيف تمضي الأمور منذ منتصف القرن التاسع عشر. قبائل وتذروها الرياح.  أقنع رجل الدولة الانكليزي الفيكونت بالمرستون بالتدخل لدى السلطان العثماني ليقيم «أحباء صهيون» أول مستوطنة في فلسطين عام 1858. 
لا تسألوا عن ابن رشد وابن خلدون، عن الرازي وجابر بن حيان والفارابي والادريسي وغيرهم وغيرهم. الكلام في زمننا لدنيس روس، واليوت ابرامز، وجاريد كوشنر. 
ذلك اليوم، بل كل يوم، وعد بلفور. اللوثة القبلية لم تتوقف. دولة عربية وتقترح نقل قمة مجلس التعاون الخليجي من الكويت الى كامب ديفيد. 
لا مشكلة ما دمنا قد توجنا دونالد ترامب ملك ملوك العرب. هذا الرجل الذي استعان بالجنرال جون كيلي لوقف الاشتباكات داخل البيت الأبيض، سيجترح الحلول للملف الفلسطيني. تواطؤ خفي مع جهات عربية من أجل عمليات جراحية في بعض الخرائط العربية. 
بعد قرن على الوعد المشؤوم، تيريزا ماي رأت فيه « الحدث التاريخي الفذ». وكادت تقول ان الله الذي لم يضحك منذ ثلاثين قرناً، هاهو يضحك الآن. 
الغريب ان أياً من البلدان العربية لم تحتفل بالذكرى. ثمة أنظمة عربية وتعتقد انه لولا اسرائيل لم بقيت حيّة ترزق. يفترض أن تبقى على أكتافنا تماثيل الثلج. ان شئتم تماثيل الشمع. 
اخواننا الأكراد مثلنا يأكلون بعضهم البعض. نحن نأكل بعضنا البعض. سلطنة عمان قالت «اليوم قطر وغداً نحن». الكــلام يتردد في أربع دول خليــجية يعتريها الخوف من خيــال الأمــير محــمد بن سلمان. البحرين، وما ادراك ما البحرين، دعت الى تجميد عضوية الدوحة في مجلس التعاون، وهددت بمقاطعة القمة. 
تماماً كما جمدوا عضوية سوريا، هنا ما أدراك ما سوريا، في ذلك السيرك الذي يتولى ادارته (فولكلورياً) أحمد أبو الغيط. في يوم وعد بلفور، كلنا آرثر بلفور!!