2024-03-28 11:55 م

مئة عام تفصل بين وعد بلفور و وعد بن سلمان

2017-11-03
بقلم:إيهاب شوقي
” لو كنت يهودياً متديناً لظننت أن عودة الماشيَّح قد دنت” ، عبارة دونها حاييم وايزمان اشهر وأهم صهيوني بعد هرتزل ورئيس المنظمة الصهيونية العالمية واول رئيس لدولة العدو الصهيوني، بعد لقائه هربرت صمويل السياسي البريطاني اليهودي الذي كان كغيره من يهود بريطانيا المندمجين معاد للصهيونية. وقد قابله وايزمان على مضض وقدم اليه مطالب صهيونية ظنا منه ان صمويل سيرفضها او ينتقدها. الا انه فوجئ بتحول في موقف صمويل يعكس تحولا سياسيا بريطانيا وصل لدرجة ان قال له صمويل ان هذه المطالب متواضعه وعليه ان يطالب باكثر واعمق من ذلك! هذا التحول البريطاني هوالكامن ايضا في وعد بلفور، والذي عرف عنه ايضا العداء لليهود مثله مثل رئيس الوزراء ديفيد لويد جورج، وهذا التحول وراءه ببساطة شديدة اكتشاف فائدة استعمارية لكيان صهيوني وظيفي خادم لمصالح بريطانيا الاستعمارية. إن هذا الوعد الشهير بانه وعد من لا يملك لمن لا يستحق، يلخص كثيرا مسارات السياسة الدولية، بل والسياسة بوجه عام، حيث التفسيرات العاطفية والتعويل عليها يقود حتما لنتائج خاطئة وتحليلات مضللة. كما ان هذا الوعد المشؤوم يلقي الضوء على الكيانات الوظيفية والتي انتشرت مؤخرا بشكل كبير وان تفاوتت احجامها وتعددت مسمياتها ولم تصبح بحجم وعدد كيانات الماضي والتي اشهرها على الاطلاق الكيان الصهيوني والكيان السعودي في ارض الحجاز والجماعات الوظيفية مثل الاخوان واخواتها من التيارات السلفية والتكفيرية. إن التدني العربي والإهتراء والذي يجعل هناك احتفالا بعد ايام بمئوية وعد بلفور، ويجعل رئيسة الوزراء تقول أنه محلا للفخر ردا على مطالب الاعتذار دون عبء باي مشاعر عربية ومع استمرار تنسيق كامل مع دول وممالك عربية دون تأثيرات لهذا (الفخر) على المصالح البريطانية، ليشي بعصر الاضمحلال الرسمي وللأسف ونقولها بكل حزن، والشعبي ايضا. إن سنوات العذاب والامل التي بلورت امام جمال عبد الناصر اهداف النضال العربي وحددته في الحرية والاشتراكية والوحدة، لم تبلور امام الرسميين العرب الا التبعية والوكالة عن الرأسمالية العالمية والتفسخ العربي، وها هي تزداد عذابا دون امل الا المقاومة. إن المقاومة هي وعد من يملك لما يستحق وهي الأمل الوحيد في النجاة من الانظمة التابعة والعميلة ومن الاستعمار والاستخفاف بالكرامة العربية. بعد مئة عام من الوعد لا يسعنا إلا أن نقول أن الحق لا يسقط إلا إذا سقط المطالبون ، وان كل الكيانات الوظيفية سواء كانت دولا او جماعات او حتى افراد هم محل الاستهداف لان بازالتهم سيزول الاستعمار والذي تسلل عبرهم وزرعهم كرأس حربة لمصالحه. ودون مقاومة للاستعمار واعوانه بالتوازي فلن تنجح الجهود. وفي هذه الاعوام المائة، حارب المقاومون بشراسة سواء كانوا دولا او جماعات او افراد وانتصروا في جولات وانكسروا في اخرى الا ان السلاح لم يلقى، واخرها سلاح السكاكين. وبعيدا عن الانشاء والاماني فان وجود المقاومة بشكل علمي وسياسي واستراتيجي هو الضمانة لعدم سقوط الحق وعلى الشعوب المقهورة والتي قد نتفهم ولا نوافق على التماس العذر لها ان تتمسك حختى باضعف الايمان وتدعم المقاومة طالما لا تستطيع ان تعبر عن مواقف تشكل رايا عاما ضاغطا على التابعين واسيادهم. ولا يفوتنا أن نقول أن وعدا جديدا للعدو الصهيوني بحرية مرور دائمة وررفاهية اقتصادية شاملة وامتلاك امن للبحر الاحمر وخليج العقبة دهسا لمصر وحقوقها التاريخية وإسقاطا لقناتها والممثل في مشروع “نيوم” المزعوم والذي يراد له ان يكون ثمنا لاستلام العرش السعودي لابن سلمان، وتزامن ذلك مع مئوية بلفور لن يمر مرور الكرام على الاحرار والمقاومين ولن تفوتهم رسالته. ولن يتكرر إعطاء من لا يملك خليج العقبة من لا يستحقونه في تل ابيب الا لو خلت مصر من الرجال!