2024-04-20 06:28 م

مئوية وعد بلفور.. استهداف مصر

2017-10-30
بقلم: عبدالله السناوي
بأى حساب لم يكن صحيحا ما تردد طويلا وكثيرا من أن مصر حاربت وضحت واستنزفت مواردها لأجل فلسطين.
كانت تلك دعايات شاعت سبعينيات القرن الماضى لتسويغ الصلح المنفرد مع إسرائيل وقطع الأواصر مع العالم العربى.
الحقيقة أنها كانت تحارب من أجل أمنها القومى المباشر.
بتعبير الضابط الشاب «جمال عبدالناصر» فى يومياته الخطية أثناء حرب فلسطين: «إننا ندافع عن مصر قبل أى شىء آخر».
وبالوثائق: استهداف مصر هو صلب التفكير الاستراتيجى الغربى المؤسس لـ«وعد بلفور».
بمقتضى نصه فإن الحكومة البريطانية تلتزم «إنشاء وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين وأنها سوف تبذل قصارى جهدها لتسهيل تحقيق هذا الهدف».
اغتصاب فلسطين الوجه المباشر لذلك الوعد، الذى وقعه وزير الخارجية البريطانى اللورد «آرثر بلفور» يوم (2) نوفمبر (1917) فى كلمات معدودة وقاطعة أرسلها إلى اللورد «جيمس روتشيلد» راعى الحركة الصهيونية العالمية، غير أن ظاهر النص لا يخفى ما وراءه من حسابات وترتيبات تتعلق بصميم وحجم ما يمكن أن تلعبه مصر من أدوار.
وفق عشرات الوثائق البريطانية لم يتأسس «وعد بلفور» على أسطورة «العودة إلى أرض الميعاد»، التى تتبناها الحركة الصهيونية، لكنه وظفها لمقتضى رؤية استراتيجية لمستقبل العالم العربى ــ مصر بالذات وبالتحديد.
فى مذكرة تلقاها رئيس الوزراء البريطانى «لويد جورج» ـ بعد أربع سنوات من إعلان «وعد بلفور» ــ اقترح مدير العمليات فى الشرق الأوسط الكولونيل «ريتشارد ماينر تزهاجن»: «ضم سيناء إلى فلسطين» حتى يكون ممكنا «وضع حد فاصل».
المذكرة ــ التى رفعت إلى رئيس الوزراء عبر الجنرال «اللنبى» ــ رأت فى مثل هذا الضم تأكيدا قويا لمركز بريطانيا بالشرق الأوسط.
لماذا نزع سيناء عن مصر؟
ولماذا ضمها إلى فلسطين ـ الوطن اليهودى الموعود؟
تقول المذكرة «إن ضم سيناء يوفر اتصالا سهلا بالبحرين المتوسط والأحمر وقاعدة استراتيجية واسعة النطاق مع ميناء حيفا الممتاز، الذى سنستعمله بموافقة اليهود».
وأن «من حسنات هذا الضم أنه سيحبط أى محاولة مصرية لإغلاق القناة فى وجه ملاحتنا، كما سيمكننا من حفر قناة جديدة..».
بتعبير الأستاذ «محمد حسنين هيكل» فهذه تبدو وكأنها تصور مستقبل أكثر منها مذكرة مكتوبة لرئيس وزراء بريطانيا سنة (