2024-03-29 01:15 ص

آفاق التطورات في سورية على خلفية معارك حقل العمر

2017-10-28
بقلم: أحمد صلاح
في الأسابيع الأخيرة يراقب العالم بقلق على التطورات السريعة على ضفتي نهر الفرات. أعلن الجيش السوري يوم 15 أكتوبر عن إعادة السيطرة بالكامل على مدينة الميادين أحد آخر أبرز معاقل تنظيم داعش الإرهابي في سورية. وأصبح حقل العمر النفطي هدفا محتملا للجيش السوري لكن إرهابيو داعش دمروا جسرا على نهر الفرات في نقطتين أثناء تراجعهم وهكذا يعرقل تنفيذ هذا السيناريو. استفاد مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة من ارتباك في صفوف الجيش السوري ولذلك فرضوا يوم 22 أكتوبر السيطرة على الحقل النفطي المذكور. وبحسب وسائل الإعلام السورية نظمت قوات العمليات الخاصة الأمريكية بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية ("قسد") نقل إرهابيي داعش من مدينة الرقة نحو حقل العمر من أجل تحقيق هذه العملية بالنجاح. ويبدو أن لا يمكن إنكار أنه توجد أهمية استراتيجية لأكبر حقول النفط والغاز في سورية. على سبيل المثال قام الجهاديون باستخراج ما لا يقل عن 25 ألف برميل من النفط يوميا من حقلي العمر والتنك. وتتعلق نتائج الحرب في سورية وموقف الأطراف المعنية في المفاوضات اللاحقة مباشرةً بالسيطرة على عدد حقول النفط. نظرا لذلك يظهر السؤال المعقول حول المبادرات الاستراتيجية المتوقعة للأكراد (في الواقع هي المبادرات الأمريكية) والحكومة السورية في نضال من أجل السيطرة على حقول النفط والغاز شرق نهر الفرات. وبهدف إخفاء تورط الولايات المتحدة في هذه العملية ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية نقلا عن مصادر لم تسمها في البيت الأبيض أن الإدارة الأمريكية ليست لديها خطة معينة بعد تحرير مدينة الرقة من مسلحي داعش. ويبدو أن تعتبر هذه الأخبار حيلة فقط. وتعتزم واشنطن مواصلة تقديم الدعم الشامل للأكراد في تحرير الأراضي السورية الواقعة شرق نهر الفرات من الإرهابيين. ولكنها تعتبر المهمة الرئيسية ليس استقرار الوضع في ريف دير الزور، كما يؤكد المسؤولون في تصريحاتهم، فحسب بل استيلاء على عدد كبير من حقول النفط والغاز. على سبيل المثال أكد متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو خطط الفصائل الكردية لمواصلة الهجوم في ريف دير الزور بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بعد تحرير مدينة الرقة. وفي الوقت نفسه لم يذكر طلال سلو الأهداف الحقيقية وقال إن من بينها تقديم المساعدة للسكان الذين تم تحريرهم، حماية المدنيين وتحقيق المصالحة بين الأكراد السوريين وتركيا. مع ذلك لم يعلق كيفية يؤثر هجوم الأكراد نحو الحدود مع العراق على عملية المصالحة بين الأكراد وتركيا. يعتقد السفير الأمريكي السابق في العراق وتركيا جيمس جيفري أن بعد تحرير مدينة الرقة يجب على واشنطن مواصلة نشر القوات الخاصة الأمريكية بما في ذلك وحدات التدريب والدعم لـ"قسد". وقال إن من الضروري مواصلة تسليح الجيش السوري الحر وتنفيذ المصالحة بين تركيا ووحدات حماية الشعب. في المقابل دعا المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية الإدارة الأمريكية إلى دعم التقدم الاحق لقوات سوريا الديمقراطية على طول نهر الفرات واستخدام القبائل السنية من المناطق الشرقية السورية في محاربة داعش. وقد لاحظ الجنرال هيربرت ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأمريكي، عن خطط واشنطن اللاحقة. وقال ماكماستر إن من بين المهام الرئيسية للإدارة الأمريكية فهي منع محاولات إيران وحزب الله من تعزيز حشدهما في المناطق الشرقية السورية. لكن ما قال عن أساليب تنفيذ هذه المهمة. كما يبدو أن أثار دعم الأكراد من قبل الولايات المتحدة الاستياء بين مختلف القادة في الإقليم. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الولايات المتحدة ستبذل جميع الجهود الممكنة لمواجهة إيران ومنع قوات الحكومة السورية من استعادة السيطرة على الحدود مع العراق. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحاته ضد تعزيز الأكراد مرارا وتكرارا. من الواضح أن تحولت المواجهة في شرق الفرات إلى المرحلة النشطة وسيتزايد تفاقم الوضع. حينما تحاول حكومة الأسد استعادة السيطرة على الأراضي الشراعية بكل الجهود فتسعي الإدارة الأمريكية إلى تلاعب بالورقة الكردية من أجل حصول على مرابح لشركاتها النفطية والغازية. فإن الرغبة في استيلاء على حقل العمر تشير إلى أن المعركة الكبرى في الساحة السياسية لم تحدث.