2024-03-28 11:29 م

الخليج : التزلج على الرمال!

2017-10-14
بقلم: نبيه البرجي
«لا أدري الى أين ينتهي بنا التزلج على الرمال...»
... وقال لي المفكر الخليجي «لقد بنينا كل شيء على الرمال. الدول، المجتمعات، ناطحات السحاب، حتى اننا نلقي بأجيالنا الى الرمال».
هو صديق قديم التقيته في مدينة ليماسول القبرصية أثناء ندوة حول الديمقراطية. الان لا يرى في الأفق سوى عباءة ممزقة وتلهو بها الرياح...
نقل الي كلام سفير أوروبي لدى وصف وسائل الاعلام السعودية بـ«التاريخية» الليلة التي صدر فيها الأمر الملكي بالاجازة للمرأة بقيادة السيارة. قال «ظننت للوهلة الأولى، وربما للوهلة الثانية، بأن خادم الحرمين الشريفين تنازل لامرأة من الأسرة عن العرش».
في رأيه «ان الكثيرين في العالم سخروا منا حول كيفية مقاربتنا الاعلامية والديبلوماسية للحدث الذي كان يفترض أن يمر دون ضجيج. الشيء الذي لم نفعله في ذلك اليوم أننا لم نقرع الطبول ابتهاجاً ولم نرقص بالسيف».
بابتسامة شاحبة «ندري كيف يتم تسعير برميل النفط، ولكن من يدري كيف يتم تسعير الكائن البشري في الخليج ؟».
الاجابة «لقد درست في واحدة من أهم الجامعات البريطانية، قبل أن أدرس أيضاً في جامعة برنستون الأميركية، وعملت مستشاراً قانونياً لأكثر من مؤسسة. ولكن حين أتانا دونالد ترامب، وكدنا نقيم له تمثالاً من الذهب الى جانب الكعبة، سألت أين أنا وما هو دوري
كمواطن خليجي في كل ما يجري».
قال «بدا ترامب وكأنه يمشي على أكتافنا. لم يكن ينظر الى عباءاتنا أكثر من كونها أكياساً من الذهب، وعاد الى بلاده بنصف تريليون دولار موقعة بأصبعي رجل واحد فوق كل مساءلة وفوق كل محاسبة. لو كان الرجل نبياً لارتجفت أصابعه وهو يرمي بمال الناس الذي هو مال الله في الهباء».
«مشكلتنا اننا ما زلنا على مسافة قرن من المفهوم الحديث للدولة. أبداً لم نبن دولة. على مستوى الخليج بقي مجلس التعاون ظاهرة فولكلورية تدار قبلياً، والا أين هي المنظومة الأمنية والاستراتيجية التي بلورها على امتداد السنوات الـ 36 من عمره؟».
سؤال آخر «هل تعرف، وانت الصحافي، دولاً أخرى في الكرة الأرضية تحميها الأساطيل، حتى من طيور النورس، في حين تتكدس في مستودعاتها اسلحة يتعدى ثمنها التسعة تريليونات دولار؟»
بغضب لاحظ «أننا جرّينا مصر وراءنا. هذه دولة عريقة وتعوزها الزعامة قبل أن يعوزها المال لانتشال أكثر من مائة مليون بشري لا يعرفون كيف وأين يعيشون في دولة الأفواه والأرانب».
قال «اننا مسؤولون عن خراب مصر التي كان يفترض أن نتقدم اليها بمشروع مارشال يكرس وجودها كدولة مركزية في المنطقة، وتؤمن التوازن الاستراتيجي مع ايران وتركيا وحتى اسرائيل، بدل أن نستأجر أو نشتري مواقفها، وندفعها الى الضياع مثلنا في المتاهة».
المفكر الخليجي يعتقد أن الاقتصاد الذي يقوم على النفط وحده، اي على أمزجة، ومصالح، بارونات الأسواق في روتردام ووول ستريت، هو اقتصاد ريعي لا مستقبل له «كلنا لا مستقبل لنا. تتدهور الأسعار فنتدهور معها. الأزمة مريعة في السعودية، وكنت أتصور أن الأمير محمد بن سلمان سيبذل قصارى جهده لتفعيل العلاقات مع قطر لا تفجير هذه العلاقات حين تواجه المملكة مشكلات وجودية، وأنا ارى أن مشكلات الداخل أشد هولاً بكثير من مشكلات الخارج».
المفكر الخليجي يرى في السعودية القاطرة لمجلس التعاون. ماذا حين ترتطم القاطرة بالصخرة؟ يضيف «أعود دائماً الى القول اننا وصلنا الى اللحظة القاتلة. اكتشفنا، والمنطقة تجتاحها الزلازل، بكوننا عراة. لا سقف لنا ولا حتى ورقة التوت». 
«ليقولوا لنا ما هي ضماناتنا للمستقبل. قد لا يمكنني رؤية مسؤول ايراني، لكن هؤلاء الايرانيين الذين نكرههم تعرضوا لعقوبات تفوق التصور، وعلى مدى سنوات طويلة، وها هم يلاعبون دونالد ترامب لكأنه الثور في الحلبة. هل باستطاعتنا نحن أن نتحمل العقوبات ولو لساعات؟ لك أن تتصور ما يحل بنا».
ينهي حديثه بلهجة يائسة «المعركة مع قطر أظهرت اننا في القرن الحادي والعشرين ما زلنا رجال القبيلة لا رجال الدولة».
"الديــار" اللبنانية