2024-04-24 05:52 ص

كل رجال السنوار.. ماذا تعرف عن القيادة الجديدة لحماس؟

2017-10-14
ميرفت عوف/ ساسة بوست
جددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قيادتها، فصبت في إطار التغيير الديناميكي دماءً جديدة في العمل التنظيمي، ليختلف الواقع هذه المرة وتظهر شخصيات قيادية مقتنعة بأهمية مراكمة القوة لحفظ مكانة حماس. وبينما شكل وصول القيادي «يحيى السنوار» إلى منصب القائد العام الجديد للحركة، نقلة جديدة برزت معه قيادات هي الأقرب للجناح العسكري والحركة الأسيرة، حتى بات المحيط السياسي بالرجل يجمع أسماء حريصة على تغليب الجانب السياسي البرجماتي لصالح إحداث توازن مع المتغيرات الداخلية والخارجية.
صالح العاروري.. «توأم» السنوار

واحد من أهم القيادات الجديدة لحماس، الأكثر قربًا وتوافقًا مع السنوار، وصفا بـ«الثّنائي» فهما رجلا أمن، بخلفية عسكرية، لقد كانا أهم نتاج التحولات التي حدثت داخل جسم الحركة، بصعود شخصيات قيادية جديدة، خلقت تحالفات داخلية ودعمًا متبادلًا بين الرجلين.
 هناك الكثير من المقومات التي تجعل «العاروري» ضمن النقلة الجديدة لقيادات حماس وضمن إدارة توازنات الملفات الداخلية، وضمن إطار تغليب المنظور البرجماتي، في إطار المصالحة مع حركة التحرير الوطني (فتح)، فقد كان له دوره الهام في إتمام صفقة «وفاء الأحرار»، ورغم ما قد يأخذ على الرجل من صلابة إلا أن العديد من المواقف أظهرت مرونته السياسية، ظهر ذلك في حوار أجراه مع صحيفة «التليجراف» البريطانية، فقال إن: «حماس ستضر نفسها إذا هاجمت المدنيين، في النهاية ثمرة العمل العسكري هي الحل السياسي، كل الحروب تنتهي بهدنة أو بمفاوضات»، وهو أيضًا صاحب القدرة على الحسم حين تختلط الأمور، ظهر ذلك بقوة حين أدى دورًا هامًا في ملف الأمن والإرباك الذي أصاب حماس عام 1996 ، يقول الكاتب الفلسطيني «علاء الريماوي» إنّ: «العاروري يتميز يقينًا، بقدرته على اتخاذ القرار، والمضي بتوجهاته، والتنظير لها، والدفاع عنها، ويستطيع جمع الناس من حوله، عبر كريزما من التأثير القوي، عدا عن تاريخ للرجل، يفتح له المجال لتقدم متسارع في صفوف الحركة».

تحدثنا للكاتب الصحفي «ساري عرابي» فأوضح أن «العاروري» مدرك للأخطار التي ترتبت على الحسم العسكري، فقد عاين نتائجها الكبيرة على الضفة الغربية بنفسه، وبعد سنوات طويلة على اعتقاله تبلور لديه موقف فيه قدر من التحفظ على ما جرى، ويوضح «عرابي» أنه حين أبعد إلى الخارج وتولى المسؤولية الأولى عن الضفة الغربية، كانت نتائج الحسم العسكري أكبر وأخطر ما يواجه حركته في الضفة، فقامت السلطة بتفكيك بناها التنظيمية، ومحاصرة عناصرها، وأدخلتهم في حالة استنزاف أمني متواصلة، وتمكنت من إبعاد حماس عن المجال العام إلى حد كبير، ولم يكن بمقدور الحركة استيعاب هذا الحجم من الاستنزاف.
رغم تمكُّن فرع حماس في غزة، والذي قام بالحسم العسكري، بإحداث فائدة، إلا أن الحركة أخذت تختنق، وتفقد رصيدها الشعبي بالتدريج مع استحكام الحصار، لتكون المصالحة هي الفكرة الواضحة للرجل من البداية، والآن أصبحت مصلحة حمساوية عامة، حسب ما قاله «عرابي» لـ«ساسة بوست».

ويملك «العاروري» مساحة تأثير لخلق توازن مع تحالفات مختلفة، هذا التأثير جعله يملك نفوذًا ماليًا، فقد أسس شبكات تمويل يديرها لصالح الحركة، وهو ما جعل وزارة الخزانة الأمريكية تؤكد أن الرجل «يجمع الأموال من الدول العربية وتركيا وتمريرها إلى كتائب القسام في غزة»، بينما تعتبره التقارير الاستخباراتية الأمريكية «القائد العسكري والممول المحوري للحركة»، ويعد العاروي من التيار العسكري  في حماس المحسوب بقوة على محور إيران وحلفائها، فهو الشخصية التي كانت أكثر جرأة في الظهور حريصًا على استرجاع العلاقة القوية مع إيران وسوريا، فظهر في صور نشرتها وسائل إعلام إيرانية ومقربون من حزب الله اللبناني، في أول اجتماع علني لقيادات من المكتب السياسي الجديد لحركة حماس مع مسئول إيراني بارز في العاصمة اللبنانية بيروت.
صلاح البردويل.. ثاني العسكريين في قيادة السنوار

«صلاح البردويل» هو عضو في المكتب السياسي لحركة حماس حاليًا، ونائب في المجلس التشريعي عن كتلة التغير والإصلاح التابعة للحركة، كما أنه مسئول ملف العلاقات الوطنية في الحركة بغزة ونائب مسئول الملف على مستوى الحركة. ويعد البردويل المولود في 14  أغسطس (آب) عام 1959 سياسيًا محنكًا، بدأ حياته السياسية في مؤسسات حماس، فقد أسس صحيفة «الرسالة» ورأس تحريرها لمدة طويلة، واستخدم قلمه الساخر والحاد في ذات الوقت، في مهاجمة خصوم الحركة لسنوات طويلة، يتميز بالنباهة وحسن الاستماع وسرعة استحضار الإجابات على الأسئلة كما يقول مدير مركز الدراسات الإقليمية بغزة «أيمن الرفاتي».
ويعتبر «البردويل» من المقربين من قائد الحركة الجديد في غزة، يحيى السنوار، وذلك بطبيعة العلاقة القديمة وطبيعة المنطقة؛ حيث يقطن كلاهما في مدينة خانيونس (جنوب قطاع غزة)، ويوضح «الرفاتي» أن البردويل من ذات المدرسة الفكرية التي ينتمي لها السنوار خاصة في قضية التحرير والعمل له، ويوضح لـ«ساسة بوست» : «هناك توافق كبير بين البردويل والسنوار في قضية العمل العسكري لحركة حماس، حيث يتفق الاثنان على أن مراكمة القوة ضرورة خلال المرحلة الحالية في ظل الواقع الدولي والإقليمي الصعب، وهو ما يجعل حماس رقمًا لا يمكن تجاوزه أو إنهاؤه».

موسى أبو مرزوق.. القيادة التاريخية تلقي بظلالها

«التفاهمات بين الطرفين تسير على أرض الواقع في صورة إيجابية، ولا تراجع عنها أو عما تم التوافق عليه في القاهرة»، جزء مما قاله عضو المكتب السياسي في الحركة «موسى أبو مرزوق» أثناء تفاهمات حماس مع القيادي المفصول من فتح «محمد دحلان».
إذ كان الرجل من مجموع قادة حماس التي رأوا أن العلاقة مع «دحلان» قد تأخذ منحى استراتيجيًا في المستقبل، «أبو مرزوق» الذي ولد في رفح العام 1951م، وكان أول رئيس مكتب سياسي لحماس حتى عام 1995، أصبح نائبًا لرئيس المكتب حتى عام 2014، وفي عام 2017 تم تعيينه رئيس مكتب العلاقات الدولية والخارجية لحماس، ثم مسؤولًا لمكتب الشؤون السياسية ويشمل التخطيط السياسي والعلاقات الدولية.

ورغم أن «أبو مرزوق» خرج كمنصب من تركيبة المكتب السياسي التي شهدت تراجعًا كبيرًا للقيادات التاريخية لحماس، إلا أنه تواجد ضمن التشكيلة الجديدة التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة لحركة حماس، وحرص الرجل على البقاء ضمن قواعد الحركة التي تؤمن وتثق بـ«كتائب عز الدين القسام»، والتي امتعضت كثيرًا من حبال السياسة التي لم تجن شيئًا كما يقول الباحث في العلاقات الدولية والمختص في شؤون حركة حماس «عماد أبو الروس» واصفًا «أبو مرزوق» خلال حديثه لـ«ساسة بوست» بأنه : «شخصية فذة، وله باع طويل بالحقل السياسي الدولي للحركة، وما زال له الدور الفاعل في دوائر الحركة».
فهو أحد الشخصيات التي ساهمت كثيرًا في نهضة الحركة في علاقاتها الإقليمية والدولية، وهو داعم لبروز شخصية كـ«العاروري» قد تسهم للميل الأكثر في تعزيز العمل العسكري سواء في غزة والضفة الغربية، والانفتاح أكثر مع محور إيران الذي كان على خلاف مع بعض الشخصيات في الحركة لها علاقة بموقف الحركة من الثورة السورية.

ويعتقد «أبو الروس» أن القيادة الجديدة لحماس هي الأقرب للجناح العسكري والأقرب لفهم واقع الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة، معقبًا: «يمكن القول بأنه يوجد جناح أعلم بالجناح العسكري، سيسعى لإعادة ترتيب مواقع الحركة في علاقاتها الإقليمية والدولية بما يخدم الحركة بشكل مباشر» .

خليل الحية.. زوجته وأولاده شهداء

يوصف بأنه واجهة الإخراج الواعي لقرارات حماس، فهو سياسي وبرلماني وعسكري تولى العديد من المناصب داخل الحركة ومؤسساتها، ونشط في صفوفها منذ شبابه، عندما أصبح نائبًا لرئيس مجلس طلاب الجامعة الإسلامية عام 1986، ونائبًا لرئيس نقابة العاملين فيها عام 1998، ثم رئيسًا للنقابة سنة 2001، ليخوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية عن الحركة عام 2006، ويترأس كتلة الحركة في المجلس التشريعي.
نه القيادي «خليل الحية» الذي يعرفه سكان قطاع غزة بكنية «أبو أسامة»، إذ لم يكن مستغربًا على «الحية» أن يكون الآن من محور القيادات التي آثرت تغليب الجانب السياسي والبرجماتي في مكتب الحركة الذي يرأسه «السنوار»، فقبل بروز الأخير لعب الرجل بوصفه ممثلًا عن حماس دورًا محوريًا في تحقيق التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان 2012 وعدوان 2014.

الحية هو أحد أكثر قادة حماس تعرضًا للاعتداءات الإسرائيلية، فقد تعرض للاعتقال لمدة تزيد على ثلاث سنوات بداية التسعينيات، ونجا من محاولة اغتيال عام 2007، لكن لم ينج نجله «حمزة» من الاستشهاد بصاروخ إسرائيلي في العام 2008، وكان المصاب أكبر عندما نال العدوان الإسرائيلي في العام 2014 من زوجته وثلاثة من أبنائه، فاستشهدوا في 20 يوليو (تموز) 2014.
ذه المسيرة الحافلة جعلت أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الإسلامية والكاتب السياسيّ، هاني البسوس يصف «الحية» بأنه قوي الحضور والالتفاف الشعبي والتضحية والنزاهة في العمل، ويتابع القول لـ«ساسة بوست» : «الحية له نفوذ في حركة حماس بقطاع غزة منذ سنوات، فعلاقاته بالجناح العسكري للحركة متينة»، ويضيف «البسوس» أن صفة التوازن والحكمة التي يمتلكها «الحية» إضافة لما قدمه من تضحيات على المستوى الشخصي والعائلي جعله أقرب إلى المصالحة من أي شخص آخر.