2024-03-29 01:59 م

«أنا أتعلم التركية»... طريق أنقرة لتعزيز نفوذها شمال سورية

2017-10-13
لندن - «الحياة» 
تسلم الأطفال العائدون إلى المدارس في مدينة الباب بشمال سورية كتاباً دراسياً جديداً عليه عبارة «أنا أتعلم التركية».
وتشير دروس اللغة التركية وعلامات الإرشاد باللغة التركية والشرطة التي تتلقى تدريباً من تركيا ومكتب البريد التركي الذي افتتح في الآونة الأخيرة إلى تعمق دور تركيا في منطقة من شمال سورية انتزعتها أنقرة من «داعش» بمساعدة مسلحين من عناصر المعارضة السورية. بل إن إداريين أتراكاً يساعدون في إدارة مستشفيات في المنطقة.
ووسعت أنقرة نطاق نفوذها الناعم ودورها في تلك الأراضي التي تمتد لمئة كيلومتر والتي انتزعتها ضمن عملية «درع الفرات» التي استمرت ثمانية أشهر لتؤسس لعلاقات طويلة الأمد في منطقة تمثل لها أهمية إستراتيجية كبيرة.
وكانت عملية «درع الفرات» التي بدأت بهدف طرد «داعش» من المنطقة الحدودية، تهدف أيضاً إلى منع توسع الجماعات الكردية السورية وهو ما تعتبره أنقرة خطراً على أمنها القومي. وبعد أن ساد الهدوء في تلك المنطقة لشهور، تقول أنقرة إنها تريد المساعدة في جهود التعافي وتشجيع عودة اللاجئين السوريين الذين هرب ملايين منهم من الحرب الأهلية إلى تركيا. لكن الدعم التركي يعزز وضع المنطقة كأرض خاضعة لسيطرة المعارضة، حيث تبني جماعات المعارضة بدعم من تركيا سلطتها الخاصة في الوقت الذي تستعيد القوات الحكومة مساحات واسعة من الأراضي في أنحاء أخرى بالبلاد.
وقال محمد كرز مدير التعليم في الباب «بعد أن تم طرد داعش، عدنا وكانت المدينة تعاني من دمار كبير وخراب عام. أزيلت بعض المدارس في شكل كامل». وأضاف خلال مقابلة في «مدرسة الميجر بولنت البيرق الابتدائية» التي سميت على اسم ضابط تركي قتل أثناء قتال «داعش» للسيطرة على الباب «تم الترميم من قبل الإخوة الأتراك فقاموا بترميم 10 مدارس واليوم نحن نجلس في واحدة منها».
وعلى جدار في ساحة المدرسة كتبت عبارة «العرب والأتراك إخوة». وتتضمن المساعدات التركية مستلزمات المدارس والكتب والملابس.
وقال كرز إن المدارس تدرس منهجاً سورياً معدلاً أزالت منه أيديولوجية «حزب البعث» التي تتبناها الدولة. وأضاف أن قرار إضافة اللغة التركية اتخذه مسؤولو تعليم سوريون في المنطقة بالإجماع. وبدأت دروس اللغة التركية، التي يدرّسها سوريون تلقوا التدريب في تركيا، للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والتاسعة. وفي تفسيره للقرار أشار كرز إلى أن ثلثي سكان الباب سعوا إلى اللجوء في تركيا.
وقال «أكد لنا الأتراك أن الشهادة الصادرة عن مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي أي ما يدعى بمناطق درع الفرات سيكون معترفاً بها في تركيا والطلاب يستطيعون المفاضلة على الجامعات التركية».
وقال مسؤول تركي كبير إن أنقرة تهدف إلى إعادة تهيئة «الأجواء لعودة الحياة إلى طبيعتها» في المنطقة التي تقع شمال شرقي مدينة حلب وتمتد إلى الضفة الغربية لنهر الفرات. ويتضمن الدعم التركي الرعاية الصحية والأمن والمواد الغذائية وتدريب الشرطة.
وقال المسؤول لـ «رويترز» «تركيا تريد من السوريين الذين يعيشون (في تركيا) أن يعودوا إلى بلادهم... لكنها ستستمر في استضافة السوريين وتوفير أجواء معيشة إنسانية للسوريين في المناطق تحت سيطرتها لأطول وقت ممكن».
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب مطلع الأسبوع «ليست لدينا رغبة في احتلال هذه الأراضي لكننا نريد من مالكيها المشروعين أن يعودوا إليها».
لكن دمشق تتهم تركيا، بأن لها أطماعاً استعمارية في شمال سورية. وتدخلت تركيا في سورية لأسباب عدة يأتي على رأسها القلق من تنامي نفوذ الجماعات الكردية السورية التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمرداً مستمراً منذ ثلاثة عقود على الدولة التركية.
وحطمت عملية «درع الفرات» آمال الأكراد السوريين في الربط بين المنطقتين الخاضعتين لهم في شمال سورية حيث سمحت الحرب للفصائل الكردية بإقامة مناطق تتمتع بالحكم الذاتي. وتلقت مساعي المعارضة السورية إلى إقامة حكومة موقتة في تلك المناطق الشمالية دفعة كبيرة هذا الأسبوع عندما سلمتها جماعة تتبع «الجيش السوري الحر» السيطرة على معبر حدودي إلى تركيا.
وقال خالد أبا وهو مسؤول كبير في «الجبهة الشامية» التي تتبع «الجيش الحر» والتي سلمت «معبر باب السلامة»، إن الحكومة تسعى إلى «جلب الاستثمارات وإقامة المشاريع التي تنقل الناس من حالة الحرب إلى حالة العمل وبناء المنطقة». وأضاف «كان الدور التركي دائماً يقف إلى جانب السوريين في محنتهم. الجانب التركي يساهم في شكل فعال في مساندة المؤسسات الإدارية والخدمية في المنطقة كما أن وجود حكومة ينظم هذه العلاقة في شكل أفضل».
وشمل الدعم التركي لقطاع الصحة إصلاح وتوسيع المستشفيات التي كانت تديرها الدولة السورية.
ويقول أحمد عابو وهو مسؤول في مجال الصحة في الباب إن إداريين أتراكاً يعملون إلى جانب السوريين في مستشفى الحكمة بالمدينة. والمشروع الأساسي لتركيا هو مستشفى يضم 200 سرير سيحل محل مستشفى دمر خلال الحرب مع «داعش».
وقال عابو لـ «رويترز» في مقابلة هاتفية من المدينة «المشروع الضخم عم تستلمه شركات تركية. ما عندنا شركات قادرة على تنفيذ هيك مشروع».
وذكر أن العمل الذي بدأ قبل شهر لبناء المستشفى سيكتمل بحلول رأس السنة. وقارن بين الوتيرة السريعة للمشروع التركي والفترة التي استغرقها العمل لبناء المستشفى السابق والتي استمرت نحو 25 عاماً.
وتضمن الدعم التركي لقوات الأمن السورية تدريب ضباط الشرطة الذين بدأوا الانتشار في المنطقة في كانون الثاني (يناير). وقال عبد الرزاق اللاز القائد العام لقوات الشرطة والأمن الوطني إنه جرى نشر نحو سبعة آلاف فرد الآن.
وأضاف «الشعب كله بدو (يريد) إعادة الأمن والاستقرار وبدو يشوف دورية الشرطة بالليل والنهار. الأعداد بتزايد. هلأ (الآن) في دورات مستمرة».